ميثاق الشرف .. حاجة اجتماعية أم سياسية؟-جواد كاظم الخالصي
Sun, 25 Dec 2011 الساعة : 0:17

الكثير من الأزمات التي تمر بها دول العالم تحتاج الى مواقف حازمة وقوية لحلها وهذا ما يتأتّى من قبل حكماء هذا البلد او ذاك وممن يمتلكون الرؤية الصحيحة في الوصول الى كل الاطراف المعنية بتلك الازمة وذلك عبر طرح مبادرات قادرة على فهم واحتواء المشاكل والتحديات التي تواجه الأمم المنكوبة ، ويمكن ان يكون عبارة عن آليات صلح معين او تفاهمات أخوية أو ميثاق شرف يحتوي في طياته الكثير من البنود التي تقيّد جميع الاطراف سواء من الجانب الاجتماعي او السياسي والعراق اليوم هو أكثر من أي وقت مضى بحاجة الى ميثاق شرف كهذا يمكن ان نحقن به دماء أبناء شعبنا العراقي ويمكن ان نرسّخ ذلك اما اجتماعيا أو سياسيا ،، وقد طرح السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ميثاقا يحتوي على النقاط المهمة والحساسة في لم الشمل العراقي، ولكن هل الحاجة اليه(الميثاق) من الناحية الاجتماعية أم السياسية؟ إن ما نلاحظه من خلال قراءته التفصيلية يعتمد الجانب الاجتماعي أي أنه يناقش في نقاطه الثلاثة عشر الحديث عن الأمة أو مكونات الشعب وهو ما نحتاج اليه كي نتمتع باستقرار وأمن وأمان، لذلك فهل ما نحتاج اليه التوافق اجتماعيا أم الحاجة اليه أكثر من ذلك سياسية وهذه الاخيرة فيها الكثير من التأويلات والتخمينات التي ربما تبدر عن جهة او حزب سياسي أو شخصية سياسية تنال من كل النسيج الاجتماعي أي تكون له مصلحة مؤقتة وآنية وفي اعتقادي أن الحاجة للميثاق هو اجتماعي أكثر منه سياسي كون أغلب الطبقة السياسية الموجودة في عراقنا اليوم وللأسف تعيش مشاكل غاية في التعقيد والابتعاد عن هموم المواطن وأوجاعه التي يعيشها طيلة الفترة الماضية سواء ما عاناه الفرد العراقي فترة الأنظمة السابقة التي حكمتهم او ما بعد سقوط النظام السابق وقيام دولة القانون والحريات العامة والديمقراطية نتيجة ممارسات بعض المسؤولين الذين يصرخون ليل نهار أنهم مع العملية السياسية ومن وراء الكواليس يعملون على تخريبها والذهاب بالبلد الى حافة الهاوية، ولذلك فان المراقب للوضع السياسي يلحظ عدم صدقية كل الاتفاقات والتوافقات والعهود التي قطعها الكثير من السياسيين وظهروا فيما بعد أنهم غارقون في الارهاب كما حصل مع أعضاء من مجلس النواب الذين غادروا العراق على إثرها وصفة الاجرام تلاحقهم أو مسؤولين تنفيذيين آخرين قاموا بنفس الأفعال.
من هذا المنطلق أجد أن النقاط التي نص عليها ميثاق السيد مقتدى الصدر في مضمونها تنطلق من روح القرآن الكريم وما نصت عليه السنّة النبوية عبر آليات للتوصل الى فهم قوة التوحيد المجتمعي عبر الرسالة الإسلامية والتثقيف كتابيا وإعلاميا على فهم الآخر حتى لا يكون هناك تصادم فكري يؤدي الى صراع مسلح ربما،! او تفتيت القاعدة الاجتماعية ليكون عاملا لتحييد الطوائف والقوميات وجعلها عبارة عن كانتينات ، من هنا لا بد من ترسيخ الميثاق اجتماعيا، واذا كان لابد من شموله السياسيين كرموز فلا بد من ابعاد الذين أوغلوا بدماء العراقيين لأن هؤلاء لا يمتلكون روح المواطنة الحقيقية التي تحمي الميثاق بشكل أساسي ومن ثم تحمي المواطن وقد صرح عدد من قادة التيار الصدري عدم شمول من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين ولطيف جدا أن نبتعد عن المجاملات السياسية وتبويس اللحى وعدم ترسيخ مبدأ أن هذا الشخص يمثل مكون معين، او ذاك يمثل قومية معينة بل يجب الاعتماد على خصوصية مفردة المواطنة الحقيقية والحرص على الانتماء الوطني لهذا البلد وكلما كان حرصنا انتماء حقيقي للوطن كلما كان الاخلاص أمرا مفروغا منه لتراب بلد أسمه العراق ،، على هذا الأساس يجب على كل من يوقّع على هذا الميثاق الابتعاد عن الأماني المؤقتة من خلال النظر الى العراق كتراب وطن يحتضننا ووحدة اجتماعية ننطلق بها الى مستقبل نأمل فيه العيش بهدوء بعيدا عن الدم والعنف الذي مورس بحقنا طيلة السنين الماضية ولا بد أن نتعلم من عدد من بلدان العالم التي دارت بها رحى الموت والتقاتل العرقي والديني والطائفي كما حدث في أيرلندا الشمالية بين البروتستانت والكاثوليك وما توصلوا اليه رغم هشاشة الاتفاق في ايقاف العنف هناك، وكذلك ما حصل في قضية منظمة ايتا الانفصالية لإقليم الباسك الذي امتد لأربعين عاما من الصراع حتى توقفت عجلة الموت منذ عامين مضت في هذا الإقليم والأراضي الاسبانية وبعض المناطق الفرنسية ، فلا نريد اتفاقا هشّا يكون عرضة لأي اهتزاز قابل للانفجار في أي لحظة وهذا سيتم لو أبعدنا عن الميثاق من هم لا يتمتعون بروحية الحرص على الشرف الوطني ولا يمتلكون روح المواطنة وهؤلاء لديهم الاستعداد على خيانة القَسَم الذي أدّوه تحت قبة البرلمان أو في السلطة التنفيذية أو مسؤولية أخرى في الدولة العراقية.