وثائقي عن التعايش السلمي لطلبة اعلام جامعة تكريت- هبة عدنان

Thu, 22 Dec 2011 الساعة : 16:32

 بحضور الأستاذ الدكتور ماهر صالح علاوي رئيس جامعة تكريت أقام قسم الإعلام في كلية الآداب جلسة حوارية وعرضاً للفيلم الوثائقي الأول على صعيد المحافظة والجامعة بعنوان (أفياء وطن) عن التعايش السلمي بين الأديان والطوائف والأعراق على قاعة الخوارزمي في كلية الهندسة وسط حشد غفير من طلبة كلية الآداب وطالباتها، زاد على 250 طالب وطالبة وأكثر من 20 شخصية إعلامية من صحفي وإعلاميي محافظة صلاح الدين . وقد حضر عرض الفيلم الأستاذ الدكتور طلب محل عميد كلية الآداب والأستاذ المساعد حسين عبد إسماعيل معاون عميد كلية الآداب وأساتذة قسم الإعلام وعدد من الضيوف من إعلاميي المحافظة ومراسلي بعض القنوات الفضائية العراقية ومن بينهم الأستاذ كاظم السامرائي مدير مكتب الفضائية العراقية في محافظة صلاح الدين .
وموضوع الفيلم الذي شد في مقدمته الحاضرين جميعاً كان مهماً لكونه تضمن تاريخ العراق هذه الأرض التي جمع فيها التاريخ كل أزمانه،، وكل رجاله وكل نسائه.. وجعل فيها ضدين ما اجتمعا في ارض غيرها.. الربيع والخريف، والحياة والموت.. فحين تشتد الخضرة بها وتنثر جدائلها نخيلاً وشجراً يانعاً مثمراً وعشباً على امتداد دجلة والفرات يقف الربيع عراقاً أخضر على هذه الأرض ممتطياً صهوة الشمس، حتى يراه القادم إليه من بعيد أفقاً شديد السواد من شدة خضرته وغزارة ربيعه يمتد بامتداد البصر، فيعرف أنه اقترب من بساتين الله في أرض السواد..أرض من شدة ربيعها وغزارة ريعها نزل فيها آدم، ووجد فيها حواء، وولد فيها أبو الأنبياء إبراهيم مثلما ولد فيها أبو الجبابرة كلكامش، وقصدها الأقوام من كل صوب وقامت فيها ممالك ودول وتعاقبت عليها الكوارث والحروب غير أنها ظلت عين الدنيا، وبستان النهرين، وأرض السواد جال فيها التاريخ طوال عمره، فأعطاها بعضاً من عنفوانه، وقليلاً من أفراحه وكثيراً من أحزانه، فقام فيها الملوك والغزاة والخلفاء والثوار والشقاة والصعاليك والشعراء والبغاة والعلماء والجهلاء والطاهرات والبغايا والسحرة والجواري والغلمان.. ارض جمعت كل ألوان البشر في سوادها الأخضر أو سوادها الدامي، انها أرض الأضداد.حتى أصبح أهلها مثل طبيعتها.
وفي خضم هذه المقدمة التاريخية للفيلم وفي مستهل الجلسة الحوارية القى الدكتور فريد صالح الفياض رئيس قسم الإعلام كلمة رحب في بداياتها بالسيد رئيس الجامعة وقدم له الشكر على رعايته الكريمة للطلبة ودعمهم وتشجيعهم على تقديم أنشطتهم وفعالياتهم . وأكد رئيس قسم الإعلام ان هذه الجلسة الحوارية تعد الأولى من نوعها في ترسيخ مصطلح (ثقافة الحوار) الذي بدأ يظهر في الدراسات الإعلامية كمصطلح حديث . فالثقافة تعني نمط حياة المجتمع بكل ما تشمله من قيم وعادات وتقاليد ولغة ودين وأعراف فهي نتاج معرفي يشكل أسلوب حياة المجتمع ، والحوار يعني القدرة على التفاعل المعرفي واللفظي والسلوكي والعاطفي مع الآخرين .
بعدها استأذن الدكتور فريد صالح السيد رئيس الجامعة لبدء عرض الفيلم الوثائقي الذي استغرق عرضه (37) دقيقة ودعا فريق العمل للصعود الى المنصة ليعطوا الحضور فكرة عن واقع العمل ونبذة مختصرة عن واقع كتابة سيناريو الفيلم وواقع تصويره ومونتاجه وإخراجه وهم كل من : حنين سعد (كاتبة سيناريو الفيلم) بكر محمود (مصور الفيلم) علي كوان (الذي قام بالتعليق على مشاهد الفيلم ونفذ عمليات المونتاج في الفيلم) ومحمد حمود (مخرج الفيلم والمسؤول عن عملية التنسيق والإنتاج) . وقد تحدثت حنين سعد في البداية عن تجربة كتابتها للسيناريو مؤكدة على ان السيناريو يبدأ بالتحديد الدقيق لفكرته الرئيسية، التي يتم تطويرها خلال عدة مراحل وفقاً لطبيعة، أو نوع الفيلم، تسجيلي، وثائقي، أو يغلب عليه الطابع الذاتي والجمالي، أو الروائي. وبينما يكون التركيز في السيناريو الوثائقي موجهاً أساساً، إلى الترتيب المنطقي لسرد مفردات مجموعة حقائق، أو مفردات مادة عملية، فإن السيناريو ذو الصبغة الذاتية أو الجمالية يركز أساساً على تكوين الصورة، وعلاقة الصور بعضها ببعض، ثم تفاعلها مع عنصر الصوت. أما في السيناريو الروائي، فإن التركيز يوجه في المقام الأول إلى الحدث، أو الموقف الرئيسي والمواقف المحتملة، حتى يصل في النهاية إلى خاتمة مقنعة.
وتحدث بعدها الطالب علي كوان عن تجربته في المونتاج مؤكداً على ان المونتاج هو : فن اختيار وترتيب المشاهد وطولها الزمني على الشاشة، بحيث تتحول إلى رسالة محددة المعنى. ويستند المونتير (الذي يقوم بالمونتاج) في عمله على خبرته وحسه الفني وثقافته العامة وقدرته على إعادة إنتاج مشاهد تبدو
مألوفة لكنها بالقص واللصق وإعادة الترتيب والتوقيت الزمني للأحداث، تتحول
إلى دراما ذات خطاب متعمد موجه إلى الجمهور. ومع الطفرة التقنية التي
تتسارع وتيرتها يوماً بعد يوم، يبرز دور المونتير .
وقبل ان تبدأ الجلسة الثانية التي تضمنت الجلسة الحوارية صرح الأستاذ الدكتور ماهر صالح علاوي رئيس جامعة تكريت لوسائل الإعلام قائلاً : بفرح كبير وبثقة بالحاضر والمستقبل حضرت هذا اليوم وقائع عرض الفيلم الوثائقي الأول الذي أنتجه طلبة قسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة تكريت والذي يعد الفيلم الوثائقي الأول على صعيد المحافظة وهو يتناول موضوعاً مهماً هو موضوع التعايش السلمي بين الأديان والأعراق والطوائف في العراق . وياتي عرض هذا الفيلم متوافقاً مع الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العالي التي تطلع بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للسنوات 2009-2013 والتي تضم فلسفة التعليم العالي فيها تنشيط مجمل الفعاليات المرتبطة بالبناء العلمي والقيميّ للطالب الجامعي وتعزيز روح المواطنة فيه للتعامل مع مستجدات العصر على نحو متفتح وهادف يحترم التنوّع والتمايز والحوار بين الاديان والطوائف والأعراق .
وأضاف السيد رئيس الجامعة: لقد عكس هذا الفيلم الواقع العراقي وهو يعبر عن الوحدة الوطنية وروح التعايش والتسامح بين العراقيين منذ فجر التاريخ وقد حقق العراقيون بفعل وحدتهم وتعايشهم مع بعضهم رغم اختلافهم في الدين والعرق والطائفة الكثير من الإنجازات الوطنية والحضارية والإنسانية حتى تبوؤا مكانة مرموقة بين دول العالم، وأصبحت الكثير من الدول تقتدي بهم وتتعلم من تجربتهم وتطورهم في كافة المجالات.
وبعد عرض الفيلم جرت مناقشات مستفيضة بين الحاضرين وفريق العمل الذي اعتلى منصة القاعة وكانت أولى تلك المناقشات مداخلة للأستاذ المساعد الدكتور حسين عبد إسماعيل معاون عميد كلية الآداب عن بداية تقديم عرض الفيلم وبعض الأخطاء اللغوية التي وقع فيها قارئ النص . كذلك شارك الأستاذ المساعد الدكتور أديب محمود من قسم علم النفس في كلية التربية بجامعة تكريت بمداخلة تضمنت ملاحظاته التقويمية عن الفيلم . وقد أبدى العديد من طلبة كلية الآداب في مناقشاتهم عن عمليات التصوير والمونتاج والإخراج وكتابة السيناريو إعجابهم بالفيلم الوثائقي (افياء وطن) كونه يمثل التجربة الأولى لطلبة قسم الإعلام بجامعة تكريت وباركوا لزملائهم هذا الانجاز الرائع ولكونه أنتج بإمكانيات بسيطة وبمساعدة المعهد العراقي في بغداد . وقد كانت ردود فريق العمل على تلك المناقشات ردود موضوعية وعلمية عبرت عن فهمهم وتطبيقهم للدروس النظرية التي درسوها خلال مراحلهم الدراسية وكذلك اكتسابهم الخبرة الميدانية من خلال الدورات التدريبية في فن كتابة السيناريو والتصوير والمونتاج والإخراج التي شاركوا قيها في محافظتي بغداد واربيل بإشراف المعهد العراقي . وقد صرح الاستاذ المساعد الدكتور حسين عبد إسماعيل لوسائل الإعلام عن انطباعاته عن الفيلم والجلسة الحوارية قائلاً : أبارك لقسم الإعلام في كليتنا هذا الجهد المتميز الذي قدمه طلبة القسم رغم خبرتهم البسيطة في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية الا انني أقول ان تجربة فيلم (أفياء وطن) عن التعايش السلمي للاديان في العراق كانت ناجحة ومثمرة لانها بالتأكيد ستعطي زخماً معنوياً للقسم وحافزاً لطلبتنا الاعزاء في انتاج افلام وثائقية قادمة أكثر نجاحاً واحترافاً . وأضاف قائلاً : إن كل الديانات العالمية التوحيدية تؤمن إيماناً جازماً بأن الله خلق الإنسان. وعليه يجدر بالزعماء الدينين في المقام الأول أن يتعاملوا مع أصحاب الديانات الأخرى تعاملاً يتسم بالاحترام وأن يرفعوا صوتهم عاليا وواضحا ضد من يحاول أن يستغل الدين ذريعة لاختلاق الأزمات. ويجدر بهم أن يحاولوا الالتفات إلى الأسس المشتركة لتصوراتهم الإيمانية أي الإيمان بخالق واحد ومهمة الحفاظ على هذا الخلق والحفاظ على كرامة كل البشر. في هذه اللحظة يمكن للديانات العالمية أن تنبذ عنها رداء الاختلاف والشجار لتتحول إلى وسيط للتفاهم وإلى أساس لإنسانية مشتركة، ولمنظومة أخلاقية عالمية. ولا بد أن تشكل الكرامة الإنسانية همزة الوصل بين كل هذا. أضف إلى هذا كله أن التحولات التي يشهدها العالم العربي والمشاركة الشجاعة لكثيرين – ولاسيما الشباب – تظهر أن الحنين إلى تفتح شخصيتهم بحرية، إلى العدالة، إلى الكرامة والاحترام، إلى المشاركة السياسية والمجتمعية والاقتصادية يحمل طابعا كونيا. أمامنا فرصة عظيمة لكي نجد في عالم الاختلافات طرقاً جديدة للتفاهم والعمل المشترك، سواء بين بلداننا أو في داخل مجتمعاتنا، وبين الناس ذوي الأصول الثقافية والدينية المختلفة. والمقوم الأساس للوصول إلى هذا هو عدم التكتم على أوجه التطور الخاطئة وعلى التحزب وأن نضع الأحكام المسبقة على طاولة النقاش وأن ندقق النظر وأن نحقق التمايز في أثناء ذلك.
سيظل هذا الفيلم عالقاً في الذاكرة كونه يتعلق بتسجيل حالة فريدة ومتميزة اتصف بها العراقي منذ فجر التاريخ وهي تعايشه بين أشقائه في الوطن رغم الاختلاف في الدين والعرق والطائفة .. وطن البدايات لكل شيء ووطن النهايات لتلك الأشياء .. الأرض الباقية، كلما داهمها الخريف واشتدت عليها المنايا وسقطت مضرجة بأحزانها ، تنهض بربيعها من جديد .
 

 

 

Share |