ثبات المالكي ومحنة الآخرين -أمين محمد الطائي

Tue, 13 Dec 2011 الساعة : 23:11

 الاستبيان الذي قامت به شركة الابحاث الالمانية زوبكي حول العراق ما بعد الانسحاب الأمريكي لم يأت بمفاجآت كبيرة.النسب والأرقام التي خرج بها الاستبيان واقعية جدا على ضوء ما يلمسه العراقيون ذاتهم عن آرائهم وقناعاتهم و تقديرهم للمستقبل. النقطة الأهم كانت في نسب التأييد للشخصيات السياسية البارزة. جاء الاستبيان المذكور بالتالي:
أياد علاوي: دعم من السنة + مرفوض وغير مفضل من الشيعة.
المالكي: دعم محدود من الأكراد+ دعم محدود من السنة+ دعم شيعي على الحافة
مقتدى الصدر: دعم شيعي أكثر بقليل من المالكي+ دعم أقل من المالكي لدى السنة+ أفضل بقليل لدى الأكراد من المالكي.
هذه النتائج تجعل من الصدر والمالكي الأكثر استقطابا للجماهير كما ورد في استبيان الشركة العالمية المعروفة برصانة استبياناتها. و لو حاولنا قليلا المقارنة بين شعبية القادة الثلاثة لرأينا أنها لم تختلف عما جاءت به نتائج الانتخابات الماضية في 2010 مع فارق قليل حيث تفوق مقتدى الصدر نتيجة لتراجع بسيط على ما يبدو في شعبية المالكي، ومن النتائج التي يضعنا أمامها هذا الاستبيان هي أولا أن الناخب العراقي أعطى صوته عن قناعة قوية ولم يكن نتيجة دوافع انفعالية عابرة، وهي حالة نادرا اليوم ما تحدث في المجتمعات الديمقراطية، حيث تنحدر شعبية رئيس الحكومة بسرعة البرق إذا ما فشل في تحقيق وعوده الانتخابية.. فهل أن المالكي أوفى بوعوده التي أطلقها قبيل الانتخابات؟
القليل من يضع ردا إيجابيا.. وعليه فما هو السر إذن!! امر واحد فقط يفسر ذلك، أن المواطنين الذين انتخبوا السيد نوري المالكي تفهّموا أن رئيس الوزراء ليس المسؤول الوحيد في حكومة يتشارك فيها الجميع. اضف إليه يبدو أن حملات التشهير والتسقيط الاعلامية ومنها ما يقوم به بعض مراهقي السياسية تستمر في طرح نتائج عكسية خلافا لرغبات اصحابها. والملاحظ أن هؤلاء لم يشغلوا أدنى اهتمام من قبل هذه الشركة المعروفة عالميا بدقة ما تقوم به من استبيانات و دراسات حول العالم برغم ضجيجهم و صراخهم في ملتقياتهم و خطبهم النارية وجهودهم المتواصلة في رسم صورة القائد الوطني وتحميل المالكي بصورة مباشرة او غير مباشرة كل الأخطاء والاخفاقات.
من النتائج الأخرى أن ما جاء يرسم بعض الملامح البسيطة للانتخابات المقبلة خاصة مجالس المحافظات. فالنتائج على أكثر الظن أنها ستكون مشابهة للانتخابات الماضية مع تفاوت قليل في النسب المتوقعة، و ربما تكون هناك خسارة بسيطة لائتلاف دولة القانون يذهب لصالح التيار الصدري وهو لن يؤثر كثيرا في المعادلات السياسية الموجودة الآن. وثالثا وهو الأهم أن العامل الطائفي ما زال فاعلا في تحريك توجهات الشارع العراقي.
الاستبيان أوضح محنة أياد علاوي، فالدعم السني دعم غير مؤكد إذا كان التنافس بين علاوي وقيادي آخر سني بارز من القائمة العراقية وليس مع المالكي والصدر.
عن نفسي ويشاركني العديد من العراقيين أن السيد المالكي يكسب مزيدا من النقاط كلما تعرض على ظلم لا تتحمله النفسية العراقية التي ترى من يتهم رئيس الوزراء مثلا بـ:
المالكي دكتاتور ومتسلط ومستبد بالقرار: والواقع يقول إن المالكي رئيس لمجلس الوزراء وله صوت واحد فقط في المجلس وهذا ما اعترف به التيار الصدري قبل مدة قصيرة.
المالكي خائن و عميل لأمريكا: والواقع الذي يراه العراقي بأم عينيه أن المالكي لم يستجب للضغوط الهائلة من الأمريكان ولو كان رئيس الوزراء شخصية اخرى فأجزم قاطعا أنها لن تصمد أمام الاغراءات او التهديدات والضغوط الأمريكية. كذلك يرى العراقيون أن ساسة مبرزين لهم علاقاتهم الوثيقة من أمريكا وأنهم يقولون شيئا على شاشات الفضائيات و يفعلون العكس و كانوا يتمنون بقاء الاحتلال وعدم خروج قواته إلى سنوات قادمة و هم يتمتعون باقوى العلاقات مع الأمريكان
المالكي عميل لإيران: و هي تهمة ملها الشعب العراقي، فكل شيعي يرأس الحكومة او حتى ولو منصبا وزاريا هو لدى البعث وثقافته عميل لإيران. والشعب العراقي وعى اللعبة وخبرها.
المالكي فاسد لأنه يحمي المفسدين: ومن يقول ذلك يعلم بيقين أن رئيس الوزراء مقيد بالمحاصصة المقيتة و هو يبذل ما وسعه الجهد لمحاربة الفساد هذا الفساد الذي يتعشعش في وزارات محكومة من وزراء أحزاب لا تفكر غلا بمصالحها، وكل حركة باتجاه قمع المفسدين يجعلونها استهدافا سياسيا ويعرفون شعار لو ألعب لو اخرب الملعب.
كل هذه الشخابيط السياسي يفك العراقي البسيط شفرتها بسهولة و برغم التضليل الإعلامي الكبير و الاتهامات غير المرفقة باي دليل فإن العراقيين يعرفون اليوم وغدا وبعد غد من هو المؤهل ليكون الشخص المناسب ولو اختلف معنا الكثيرون في ذلك و رأوه انحيازا للمالكي فإني لا اذكر غير الحقيقة والحقيقة فقط.
 

Share |