كيد الانسان الخفي لاخيه الانسان-ابراهيم عفراوي

Tue, 13 Dec 2011 الساعة : 22:43

بسم الله الرحمن الرحيم (( قالوا ياابانا مالك لاتامنا على يوسف وانا له لناصحون * ارسله معنا غدا يرتع ويلعب وانا له لحافظون * قال اني ليحزنني ان تذهبوا به واخاف ان ياكله الذئب وانتم عنه غافلون * قالوا لان اكله الذئب ونحن عصبة انا اذا لخاسرون )) صدق الله العلي العظيم
سوال يطرح نفسه لو ان الله تبارك وتعالى لم يجعل غطاءا وسترا لافعالنا السيئة والمكروهة والمحرمة اخلاقيا وشرعيا واخرجها عن نطاق الغيبية لتصبح واضحة بملامحها واثارها على وجوهنا ودليلا يدرك من خلاله الناظرون الينا ذلك الفعل السيء او المعصية او اوالعمل المحرم الذي ارتكبناه وبصورة سهلة و يسيرة دون جهد وعناء وليس هذا فحسب بل انه يميز كل فعل بعلامة دالة عليه فالزنا له علامة وشرب الخمر له علامة و الربا والقتل والكذب والسرقة الى غير ذلك من الافعال الصغيرة والكبيرة وسواءا اكانت تاثيراتها محددة بصاحبها او عامة تشمل الجميع كالسحر مثلا فهل ياترى ستستيغ او تتقبل نفوسنا فعلها بعد ذلك ؟ بلاشك سيكون الجواب لا , واذا كان الجواب لا فما هو السر والمغزى الذي سوف نصل اليه لكي ندرك ونستوعب الاسباب التي دفعتنا لتركنا ونبذنا اياها وعدم تقبل نفوسنا وعقولنا القيام بها ؟ ان الاجابة عن هذا السوال نجدها منحصرة في اننا كنا لانخاف الله في سرنا عند ارتكابنا اياها في الخفاء ولكننا كنا نحذر ان يكتشف الاخرون امرنا ونحن نقوم بها اذ لابد لنا من الحفاظ على سمعتنا والصورة الحسنة الماخوذة عنا في نفوس وعقول غيرنا ونتجنب قدر الامكان الا يظهر علينا مايدلل على ارتكابنا اياها خوفا من تغير نظرتهم الينا وسطوات السنتهم التي لاترحمنا بل اننا نسعى الى انكارها في حالة اكتشافهم لفعلنا اياها بشتى الطرق والوسائل ونلجا الى مختلف الاعذار والححج للتغطية عليها وعلى انفسنا , اما الان وبعد ان خصص لكل فعل علامة واضحة و دالة عليه فلابد لنا من تركها وعدم القيام بها مهما بلغت حاجة نفوسنا وعقولنا اليها اذ لايمكننا الهروب او التغطية على حقيقتها اواقناع الناس بعدم ارتكابنا اياها وابتعادنا عنها وذلك لان اثارها اصبحث واضحة على وجوهنا . ونستطيع القول ايها الاخوة ان حصل هذا لانجد احدا يلتقي باحد او يمشي بحرية في الشارع بل نجد الكثيرين منطويا ومنعزلا في غرفته من كثرة العلامات الدالة على افعاله السيئة والقبيحة والمحرمة والمنبوذة شرعيا واخلاقيا والتي تجعله يشعر بالخجل والحياء من ان يطلع عليها الاخرون فضلا عن انها تجعله تحت طائلة النقد واللوم والعتاب والسخرية والاستهزاء من قبلهم . فلذلك نرى صنفا من البشر ممن لا يضعون الله تعالى والخوف منه ومن غضبه وعقابه الاليم في حسابتهم ونصب اعينهم يرتكبون افعالا محرمة في الخفاء يشيب لها راس الطفل الصغير قبل الكبير ولها خطورة في التاثير على الاخرين الى درجة الاذية والاضرار بهم فكريا وصحيا ونفسيا بل انها قد تتعدى الحدود الى درجة هلاكهم ( السحر واستخداماته مثلا ) فعندما يكتشف امرهم لحكمة ارادها الله ومن قبل احد الاشخاص وبدلائلها وبراهينها ثم يبدا هذا الانسان بكشف الاعيبهم واكاذيبهم وافعالهم المخفية للمقربين وغيرهم من الاوساط الاجتماعية المختلفة بهدف انقاذ من تضرر وتاذى ودمرت حياته نتيجة اعمالهم الشيطانية وتنبيه ودعوة من كان غافلا عنهم ولايعرف حقيقتهم الى نبذهم ومحاربتهم بشتى الطرق والوسائل عندها ستبدا رحلة الصراع المرير فيما بينه وبين هؤلاء الذين لاتتطابق اقوالهم الظاهرية مع افعالهم المخفية ومايضمرونه في صدورهم من مكروخبث اتخذوا لها ستارا لائقا ومقنعا للاخرين يتناسب مع التوجه الديني لذلك المجتمع الذي يتواجدون فيه الا وهو الايمان بالله والخوف منه والابتعاد عما حرمه من الافعال لسانا لاقلبا فضلاعن العفة والنزاهة والصلاح وحب الخير للاخرين دون استثناء والابتعاد عن الشر واصحابه فانى لهؤلاء ( الناس ) ان يعلموا بما نقوم به في الخفاء انه شي غيبي لاتدركه ابصارهم ولاتستوعبه عقولهم وان من يتهمنا بهذا كاذب ومدعي ومجنون ( مسودن ) كما نعتنا تابع وناصر لهم في احد تعليقاته .
ان في احسن القصص كل العبر والحكم لتلك الافعال الخافية التي يضمرها ويخطط لها البشر والتي هي صورة عكسية لافعال واقوال ظاهرية يكون الهدف منها زرع الثقة والامان والاطمئنا ن في نفوس الاخرين وابعاد الشبهات والاتهامات عن فاعلها في حالة تنفيذه اياها , ولوكنا جزءا من ذلك المجتمع الذي عاش فيه نبي الله يعقوب ( عليه السلام ) وسمعنا ذلك الحوار الذي دار بينه وبين ابنائه عند طرحهم له فكرة اخذ يوسف ( عليه السلام ) معهم لرعي الاغنام لشعرنا بالثقة والامان والاعجاب والاعتزاز بهولاء وتمنينا ان يكون لنا ابناءا واخوانا مثلهم في محبتهم لاباهم واطاعتهم لاوامره بل ومحبتهم وخوفهم وحرصهم على سلامة اخيهم الصغير انظروا الى تلك العبارات التي تزرع الثقة والاطمئنان في نفوس سامعيها ( انا له لناصحون * انا له لحافظون * انا اذا لخاسرون ) في حين ان هذه اقوال ظاهرية تخفي ورائها مكر وكيد خبيث في عمق عقولهم ونفوسهم مخطط له مسبقا ومتفق عليه فيما بينهم نتيجة ما يشعرون به من حقد وكراهية لهذا الاخ الذي ميزه الله واختاره من دونهم والذي كان حصيلته تلك الفكرة الشيطانية اما بقتله اوالتخلص منه بطريقة ما من اجل ان يخلوا لهم وجه ابيهم كما يطمحون , قال تعالى (( اقتلوا يوسف او اطرحوه ارضا يخلوا لكم وجه ابيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين )) فلو كانت تلك الافكار المخفية ولحكمة ارادها الله تظهر على وجوهم بعلاماتها الدلائلية فهل كانوا يفكرون او يقدمون على هذا الفعل الذي يثير غضب الله وسخطه ولايرضاه ( القوه في غيابة الجب ) بلاشك انهم سوف لن يسمحوا لادنى فكرة من هذا القبيل ان تجول في صدورهم ونفوسهم لاخوفا من الله لانهم عندما فكروا فيه ونفذوه تركوا الذي يعلم الغيب وخائنة الاعين وماتخفي الصدور خلف الظهور دون خوف منه واهتمام لعواقب الامور عند الوقوف بين يديه يوم البعث والحساب بل ان تركهم لتلك الافكار تاتي من مبدا الخوف من الناس وابيهم واللوم والعتاب الذي سوف يلاقونه منهم عندما تظهر ملامح افكارهم ومايضمرون واضحة جلية للاخرين , والغريب في امرهم انهم لم يكتفوا بفعلهم الخفي بالقائه في الجب بل انهم بعد تنفيذ هذا الفعل القبيح جاءوا ليظهروا امرا ويخفوا امرا اخر عن ابيهم الا هو حزنهم والمهم واسفهم على ماحصل لاخيهم في حين ان قلوبهم يغمرها الفرح والسرور بتخلصهم من اخاهم ونجاح خطتهم وكيدهم اللعين (( وجاءوا اباهم عشاءا يبكون )) وليس هذا فحسب بل ان امثال هؤلاء لابد وان يكتسبوا غلظة في النفس و قساوة في القلب وخلو الروح من الرحمة والانسانية وهي تضمر وتتكتم على حقيقة مافعلوه على مدار السنين اللاحقة عن اقرب الناس اليهم دون ان ترق قلوبهم اليه وهي ترى ماتراه امام عينيها في الليل والنهار من احزان والام ولوعة واشتياق وحنين اعتلى صدر ابيهم المسكين لفقده ولده وقره عينه والمحبب الى قلبه وما وصل اليه من تردي في الصحة وسؤء الحال نتيجة حزنه وبكائه الطويل دون انقطاع حتى وصل به الامر الى فقدان البصر من كثرة النحيب والبكاء والعزلة والانطواء (( قالوا تالله تفتوا تذكر يوسف حتى تكون حرضا او تكون من الهالكين )) فهولاء قد خدعوا الاخرين واقنعوهم بكلامهم الظاهري الكاذب الذي اخفى الحقيقة بان يوسف قد اكله الذئب وبذلك الدليل الذي هياؤه مسبقا ( قميصه والدم الكذب ) ليكون سندا لهم وتاكيدا لصدق دعواهم (( قالوا ياابانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فاكله الذئب وماانت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين )) ولم يسلم من كذبهم وافترائهم حتى الذئب المسكين الذي اتهموه بقتله وهكذا زرعوا افكارهم التي خططوا لها والتي تخدم مصالحهم واهدافهم الدنيوية في نفوس المحيطين بهم بان ما حصل ليوسف ( عليه السلام ) هو ماذكروه . وتستمر القصة لسنين طويلة وفق المنوال الذي ارادوه ولكن الله تبارك وتعالى كان بالمرصاد لافعالهم ومكائدهم الخفية فهو يمهل الظالمين ولايهملهم مهما طال عليهم وعلى افعالهم الزمن حتى اتى ذلك اليوم الذي كشف فيه الغطاء عن فعلهم اللئيم الخبيث بابيهم واخيهم الصغير ويفضح امرهم لمن خافوا منهم في علانيتهم ( الناس ) دون خوفهم في سرهم من الله تبارك وتعالى الذي بيد مقاليد الامور وملك السموات والارض وليجعلها قصة وعبرة وموعظة للاخرين تحكي كيد الانسان لاخيه الانسان في الخفاء وتنبههم الى ضرورة اخذ الحيطة والحذر من اقرب الناس اليك والذي يمكن ان يستولي عليه الشيطان ليفعل لك فعلا في الخفاء ربما يؤذيك او تكون نهايتك فيه .
فان كان هؤلاء وهم انبياء واولاد انبياء قد خططوا وفعلوا هذا الامرفي الخفاء دون خوف من الله تعالى فكيف بنا نحن البشر العاديين الا نخطط لغيرنا في الخفاء ودون ادراك وشعور واحساس الاخرين بما نقوم به ونستعين بالشيطان ليكون عونا لنا فيما نطمح اليه ونبتغيه ليرفدنا بالجنود والاعوان لتحطيم واذية الانسان وباتفاقاتنا الخفية مع السحرة الفجرة الملاعين الذين رفدناهم بالاموال والعطايا على مدار السنين الطويلة ,وعند اكتشاف امرنا نظهر للاخرين بثوب اخر غير مانخفيه ونذرف دموع التماسيح ونبدي حزننا والمنا على مااصاب هذا الانسان ثم نعود مرة اخرى لنواصل كيدنا الخفي وباصرار وعناد على مواصلة ظلمنا وعدواننا عليه وعلى اقرب الناس اليه والذي كان عونا وسندا له طيلة فترة اصابته ونحن نخطط ونطمح في تحقيق انتصارنا النهائي عليه بوضعنا اياه تحت التراب , لننصب فيما بعد مجلس العزاء ولنبدي للاهل والمقربين والاصدقاء وكل ابناء عشيرتنا حزننا واسفنا ولوعتنا عليه ونذرف دموعا نقصد منها اقناعهم بان الذنب ليس ذنبنا واننا بريئون مما حصل له ولكنه ذنب الذئب الذي قتله ( شهيد السحر ) لتنتهي تلك القصة وفق تلك الصورة وهذا الشكل ولتصبح ماضيا كما خططنا له واردناه .
http://www.youtube.com/watch?v=19KiqKViwOU

 

Share |