صباح محسن كاظم و الإعلام والأمل الموعود-سعيد العذاري
Tue, 13 Dec 2011 الساعة : 14:34

المقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين.
جاءت الرسالة الاسلامية الخاتمة للرسالات من أجل قيادة المجتمع الانساني وايصاله إلى قمة التكامل والسمو والارتقاء; بتقرير المنهج الالهي في واقع الحياة، وجعله الحاكم على تصورات الناس ومشاعرهم ومواقفهم; لتتحول النظريات إلى صور متجسدة في الواقع ذات معالم ومواقف منظورة ومحسوسة.
وقد جسَّد رسول الله(صلى الله عليه وآله) المنهج الالهي في الواقع وجعل المفاهيم والقيم الاسلامية حقيقة حركية; لتقتدي به الأمة وتقوم بأعباء الرسالة وقيادة الانسانية قيادة نموذجية في تصوراتها ومواقفها وعلاقاتها لتستمر المسيرة التكاملية، ويتوالى التغيير حتى يكون المنهج الالهي هو المنهج الوحيد في العالم الانساني.
وبما ان الامامة هي التي تواصل المسيرة وتتبنى التغيير الشامل، فانّ الله تعالى ثم رسوله قد اولاها أهمية استثنائية، ووجه انظار المسلمين اليها; في شروطها وخصائصها، وفي تشخيصها في الواقع، فأعلن عنها إعلاناً جلياً وآخر خفياً، ابتداءً من أول مراحل البعثة حتى آواخر أيامه الشريفة، فلم يترك مناسبة أو واقعة إلاّ وأشار اليها، واكدّ ضرورة الاقتداء بها ومناصرتها، وجعلها عدلاً للقرآن الكريم، فلم يترك الأمة سدىً، وانما جعل لها اعلاماً بارزة اتفق المسلمون على عددهم واختلفوا في مصاديقهم، فهم اثنى عشر إماماً وخليفة اخرهم المصلح العالمي الامام محمد المهدي(عليه السلام) الذي تختم به الإمامة، يحقق حلم الانبياء، وآمال البشرية جمعاء باقامة العدل والقسط وانقاذها من جميع الوان الانحراف الفكرية والسلوكية، وتحريرها من ضلال الأوهام وظلمة الخرافات، وتحريرها من عبادة الالهة المصطنعة، وانقاذها من الانسياق وراء الشهوات والمطامع، وتهذيب النفوس من بواعث الانانية والحقد والعدوان، وانقاذ السلوك من الرذيلة والانحطاط; بتهيئة العقول والقلوب للتلقي والاستجابة للمنهج الالهي المرسوم، واستتباعها بالعمل الايجابي الذي يترجم الآراء والنصوص إلى مشاعر وعواطف وأعمال وممارسات وعلاقات متجسدة في الواقع; ليكون الانسان والمجتمع بمستوى المسؤولية المناطة به في الحياة والمتمثلة بحمل الامانة وخلافة الله تعالى في الارض، والترقي في سلم الكمال والسمو الروحي والسلوكي.
انّ ظهور الامام المهدي(عليه السلام) هو مقدمة لإقامة الحكومة الاسلامية العالمية وانقاذ البشرية من حالة الفراغ العقائدي والخواء الروحي، وانقاذها من القلق والاضطراب الفكري والروحي والسلوكي، وانّ ما تعيشه من فوضى ومن إحباطات متتالية جعلها تتوجه نحو المنقذ ونحو المصلح الذي بشرت به جميع الديانات ليحقق لها النموذج الأمثل سياسياً واجتماعياً واخلاقياً وإقتصادياً الذي يحقق لها الهداية والصلاح والعدالة والسعادة الدائمة بعد قرون من الضلالة والظلم والتعاسة.
وحول المصلح والمنقذ العالمي كتب الكثيرون في مختلف جوانبه وتميزت بعض هذه الكتابات وفي مقدمتها موسوعة المرجع الشهيد محمد الصدر. ومنها هذا الكتاب لمؤلفه الاستاذ الباحث القدير صباح محسن كاظم ؛فقد تميز الكتاب بعنوانه فهو التفاتة واقعية وموضوعية حول الاعلام والامل الموعود الذي عاش فيه الكاتب روح الانتظار الايجابية في مجالها الارحب وهو الاعلام
وبداية تميز الكتاب باهدائه المعبر عن الانتظار الايجابي وهو انتظار الفاعلية والحركة والنشاط الدائم المتناسب مع الدور المهدوي.
فكان الاهداء
إلى أرواح الشهداء، وإلى من يترقّب خروج المصلح العالمي.....
فالاهداء الى ارواح الشهداء والمترقبين اشارة واضحة الى العمل والحركة والجهاد والتضحية في طريق الانتظار . والانتظار ليس جمودا وانزواءا بل هو العمل الدؤوب المتواصل بلا كلل او ملل او توقف في بداية الطريق او منتصفه.
وتطرق الاستاذ الباحث في الفصل الاول الى تقرب الإنسانية بكل الأديان، وكل العقائد السماوية، والوضعية، ودوائر الفكر، والبحث المعرفي، والعلمي.... الطلعة البهية للأمل الموعود.
وتطرق الى دور الإعلام في تعريف الإنسانية بالإمام المهدي عليه السلام عن طريق:
1- نشر الوعي في القواعد الشعبية عن طريق الإعلام المرئي، والمقروء، والمسموع، من خلال البرامج المتخصصة في اللاهوت والمعارف العميقة في العرفان، والفكر، بشكل محبّب، وجذّاب، ومشوّق
2- طباعة البوسترات، والملصقات، والتقاويم السنويّة، والطوابع البريدية، والمعايدات، والهدايا تستوحي الأمل الموعود.
3- ربط النشء الجديد والطفولة بالقضية المهدويّة.
4- الاهتمام بثقافة المرأة، بالابتعاد عن الابتذال والعري والتفسخ والانحطاط.
5- إقامة المسابقات البحثية والعلمية والمسابقات الأدبية في العالم لاستقطاب الأديبات والأدباء بخصوص الإمام المهدي والانتظار الايجابي له....
6- إنشاء قناة فضائية متخصصة.. عن القضية المهدويّة، يشرف عليها العلماء وأصحاب الدراية والخبرة بالعقائد والأديان..
7- ربط القواعد الشعبية برموز الأمة والشهداء وعظماء الفكر من خلال أسلمة الفكر والمجتمع بوسائل غير قسرية.
8- العمل بإخلاص ونزاهة في كل الميادين.
وتطرق الاستاذ القدير الى وسائل تطوير الخطاب الإسلامي المهدوي اعتمادا على جملة من الاساليب والوسائل ومنها :
1- التقنيات الحديثة والصورة وتسخير التكنولوجيا في بث وتسويق الأفكار الصحيحة.
2- فضح الدعاة والعديد من المزيفين الذين يدعون بين الفينة والأخرى بأنهم هم المهدي
3- الاستفادة من الانترنيت للتخاطب مع العالم أجمع بوسائل حضارية
ويرى الاستاذ الباحث إن الترقب ليوم الظهور هو من الإيمان، فلذلك يستعد الإنسان المؤمن للانتظار الايجابي من خلال إقامة الفرائض والمستحبات والأوراد والأذكار والأدعية والزيارات وطلب العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كل ذلك يجعل من الموالي قريباً من تطلعات الإمام الموعود، -
وتطرق السيد الباحث الى الروايات المشتركة عند السنة والشيعة حول الأمل الموعود مما اضاف للبحث قوة علمية وتراثية بعيدة عن المرتكزات الذهنية المسبقة .
وتطرق الاستاذ القدير في الفصل الثاني الى دور الاعلام في ترسيخ ثقافة الاقناع بالادلة والبراهين العلمية الموضوعية المنسجمة مع اسس الحوار الهادف المبني على الحقائق التي لاتقبل الخلط والالتباس لمن يروم الحقيقة بما هي .
وتطرق الى الوراثة العلمية والروحية والأخلاقية التي تنعم بها اهل البيت عليهم السلام ووجه الانظار والعقول والمشاعر الى سيرتهم العملية ودورهم الريادي ودعا الى الاقتداء بهم كأرقى نماذج الشخصية الانسانية.
واورد اراء ومتبنيات الديانات الاخرى بخصوص الايمان بالمنقذ الموعود وبالخصوص ماورد في كتب اليهود والنصارى ؛ممايثبت بان القضية المهدوية وحقيقة المنقذ الموعود لاتختص بدين معين او مذهب معين وانما هي وعد الهي لانقاذ البشرية واقامة دولة العدل والقسط وانتهاء جميع الوان الظلم والاضطهاد والحرمان .
ثم عرج على ابرز علامات الظهور كما ورد في الاحاديث الشريفة وتطرق الى اهمها باختصار
ويرى السيد القدير ان اليوم الموعود هو تطبيق لمفاهيم وقيم الاسلام وفي مقدمتها اقامة الحق والقسط والعدل.
وركز السيد المؤلف على الاعلام ودوره في ابراز مظاهر ومحاور واسس اليوم الموعود لتهيئة الاذهان والانظار والارادات للترقب والانتظار الايجابي لذلك اليوم وجعلها تعيشه في الافكار والعواطف والممارسات
وبعد اطلاعي على تفاصيل ومحتويات الكتاب القيّم وجدت الدقة والعمق والاصالة في جميع المحاور والفصول وانه بحث متكامل وشامل ومتميز لم يتطرق اليه الباحثون بهذه الصورة والكيفية والدقة والعمق المعرفي ؛ولذا ادعو الى قرائته والتدبر في افكاره وارائه السديدة .
وفق الله الاستاذ الكاتب والمحقق القدير الى مزيد من البحوث التي تنطلق من حاجة واقعية لمثل هذه الافكار والاراء .
والله ولي التوفيق
الباحث الاسلامي سعيد العذاري