الإنسانية بين النظرية والتطبيق-سماء الموسوي- ذي قار

Tue, 13 Dec 2011 الساعة : 14:33

الإنسانية في مطلع العام 2012 .........
كثيرة هي الخسائر التي انهكت جسد الإنسانية التي تعني بأبسط تعريف لها : الاعتراف بذات الإنسان المقابل
كم من الحقائق حرفت وبعضها اندثر بسبب السطحية في التعامل مع النظريات والقوانين التي وضعت لتنظيم التبادل الفكري وبالتالي العملي بين الناس للارتقاء بالإنسانية , فأحالت الفضيل من القيم والأخلاقيات الى المثالية المندثرة وتحدها بإطار الرمزيات كي تكون مجرد صورة للنظر والنقاش ضمن حدود الندوات والمقالات ودردشات المثقفين
فأصبح الصدق هو من الصفات النادره التي لو وجدت في الانسان فهي تثير حوله الشكوك أكثر مما تثير حوله الإنصات والاحترام
أصبحت الصراحة هي امر مزعج يجعل صاحبها معزول و غير مرغوب به من قبل( كروبات) الأصدقاء لتحل محلها المجاملات الزائفه وهي وجهة من وجوه النفاق

وهكذا بقدر امتلاك الانسان القيم الفضيله والصفات الجليلة أصبح معرض للتشكيك والمحاربة والتجاهل والانتقاد والاشاعات والاتهامات والسخرية في بعض الأحيان

اصبح هناك اختلاف كبير في تقبل الآراء وبدل من يضيق اتساع هذه الفجوة في الاختلاف أصبحت متسعة جدا

لدرجة ان تجعلنا نتقبل كل شئ مسيء للإنسانية ونبدع جدا في إعطائه مسمى جديد وعولمي ونسبقه بأعذار شتى

نحن في زمن التجريد... أصبحت كل النظريات جوفاء ومفرغه من معناها, هناك قوة كبيره لايمكن تجاهلها تؤثر بشكل مخيف على مفاهيم او ماتبقى من اشلاء الانسانية

احداث كثيره في الواقع السياسي والاجتماعي موجوده حاليا لكن هذه الاحداث هي ليست جديده فالظلم والمؤامرات والقتل وتجاهل دماء الناس امر قديم لكن الجديد في هذه الفتره هو التقبل والتعايش معها والاكثر ايلاما هو وجود اختلافات ونقاشات تختلف ولاتلتقي فيما يخصها وتتحمل التشكيك وترتضي القبول ايضا

ياترى هل أصبح للعمل القبيح زوايه ينظر لها كي يكون جيد ومقبول ؟

اذكر بالثورات التي شهدها الوطن العربي كلها كانت عفوية ومن صميم رغبات الشعب وتَقبلها اغلب المراقبين على انها حق الشعوب في اطلاق حرياتها لكن حين تتاح لدوله وتمنع عن اخرى تحت تكهنات ومخاوف ان يمتد تيار شيعي او إيراني في النطقة عن طريق ثورة البحرين

هنا لابد من السؤال : اليس الانسان في البحرين هو ذاته في مصر وليبيا وسوريا فلما ايها المراقب تتيحه لجهة وتمنعه عن اخرى ... اذا انت ظالم ايضا .. والدليل على ذالك اخفاق اغلب الثورات عن احتواء الوضع الجديد للها فهي اصبحت ايضا تحت طاولة المطامع الحزبية والشخصية كما راينا في مصر وماعشناه في العراق

ففي السابق كانت هناك قيم ومبادئ تحكم الانسان وأرائه ان حاد عنها او اقترب فهي تمثل كالمعيار

الان اصبح كل إنسان له معيار خاص به ويتمسك به بقوة ولايحيد عنه ابدا حتى وان خالف الاحداث والنتائج الواقعيه لاي حدث

وبدل من ان ينفتح على جوانب الاخرى المطروحة لافكار الناس اصبح مهاجما لها وببراعة ومستهزء بها يجد جهده كي يحاربها ويسخر منها ولايجد اي جهد كي يطلع عليها مثلا

اصبحت الانسانية اليوم مجردة جدا من معناها لدرجه إن ذكرتْ أثارتْ الاستغراب ... انها لاتزال موجوده لحد الآن ..!

فنحن في زمن السرعه وزمن التطور وان لم تلحق بي ستبقى متاخرا لزمن بعيد

سرعه شملت جوانب ماديه كثيره بل كل الجوانب المادية إلا انها فشلت في ان تشمل الجوانب الإنسانية والروحية للإنسان

فياترى ماذا تبقى من الإنسان كي يشفع للمقابل ان يحترمه

ان الدين انتهك والمقدسات دنست والاخلاقيات تجرد والثورات استهزء بها

فكيف اصبحت ثورة الامام الحسين مثلا مصدر للسخرية والتشكيك في مبادئها واهداف هذا الفارس النبيل الذي تعلم منه الاحرار معنى ان تجتهد في سبيل ابقاء الانسانية في ارقى مستواياتها ولاتقبل بالذله لأنها ليست صفة انسانية مطلقا

ليس لشئ سوى تنكيلا باتباعه وخوفا من احتضان هذه الثورة لاكبر عدد ممكن من التابعين

فاين المثقفين واين الاحرار واين الثوار الى اين يصبون ..... أن لم يمتلكو العقل الحكيم والروح الحرة والضمير الحي

والى اين مسرى نشاطات (( المثقفين )) ان فشلت في الالتقاء مع بعضها هل تستطيع ان تنتج عمل تطبقي في ارض الواقع

انها اصبحت ضحية من الضحايا الكثر للسطحية والتجريد

او ليس الحل في تقليل الخسائر البشرية هي ان يستبدل الانسان الآدمي بانسان آلي ...

ختاما اذكر قول لارسطو : الفضيله تنحصر في إتيان الخير اكثر منها في قبوله

هذا كان سابقا لكن الآن في زمننا هذا بعد اندثار العمل الفضيل نحن بامس الحاجة لمن يقبل بالفضيلة ويحترمها ويمهد لها الطريق كي ترى النور من جديد علها تسري في عروق الإنسان وتجدد الانسانيه ....!؟

بقلمي سماء الموسوي
 

Share |