بائع الكلنس والخطيب الحسيني -عقيل عبد الجواد
Sun, 11 Dec 2011 الساعة : 11:48

روى خطيب حسيني قصة حدثت له مع صبي يبيع الكلنس في احد التقاطعات ..قال " رايت صبي ملابسه مخركنة ,وابهل البرد يبيع كلنس بالف دينار فناديته واردت ان اشتري منه الكلنس بالفين لكنه رفض ان ياخذ اكثر من حق الكلنس
واضاف الخطيب بانه تعلم درسا ً من الصبي !! " .
في الاشهر الدينية عاشوراء ورمضان يزيد اقبال الناس نحو الله باعتبارها مواسم دينية ...فكيف اذن بمن يرتقي المنبر وبمن هداية الناس حرفته .
ولذا كان المتوقع والمرجو من الخطيب ان يُعين الصبي ويعطيه درسا ً في اخلاق الحسين ع في ان هناك مجتمع مسلم رحيم وخطيب حسيني ارحم مستعد ان ينقذه من برد الشتاء وللأبد لا ان يكتفي بان يعطيه ( 1000) دينار ويقول انه تعلم منه درسا ً !!
واكيد ان الصبي يرفض ان ياخذ ما هو اكثر من حقه لانه لم يجد امامه من ينقذه من بؤسه انقاذ جذري لا ان ينفحه بالف . ولذا فالعفة طريقه المحمود الوحيد ولنتعلم منه درس فما اجمل الدروس من صبية التقاطعات لانها تذكرنا بلا انسانيتنا وبديننا اللعق .
لقد كان الاجدر به - كونه خادما ً وممثلا ً للحسين ع - ان يسأل الولد عن حاله واهله وظروفه وبعد تفهمه وضعه يخصص له من امواله راتبا ً شهريا ً يغنيه عن العمل والمعاناة الاليمة ,
او ان يحرض بعض الميسورين ليكفلوه ثم يقص القصة على المنبر حتى يكون بحق قدوة للتغيير والتطور والتقدم على حد مفرداته التي لا اشك بصدقها .
او لعله لم يفعل هذا لانه ليس من اختصاصه , فاختصاصه الوحيد هو الوعظ من على المنبر .. فهو اجدى للمجتمع وانفع !
ان المعادلة هكذا : بكاء على الحسين مع اعطاء بائع الكلنس ( 1000) دينار اضافي امر غير مجدي ونحن اذا ً لسنا حسينيين ,
لكن بكاء على الحسين ع وايجاد كفيل لهذا الولد وانقاذه هو تصرف الحسينيين بحق .
فهل المحاضرات للبركة فقط . . وللصيحات من الحاضرين والترديد عندما نرتقي المنبر لبيك يا حسين لكنها لا تجدي للتطبيق في شوارعنا ..
من كلمات الخطيب " من الذي يبكي على الحسين فلا يتغير ...من الذي يدخل مستشفى الحسين ولا يخرج معافى .."
لكن يظهر ان نصرنا للحسين ع – ومن اعلى المراتب - هو باللسان فقط لا بالعمل او بالمال وبائع الكلنس يشهد
ومن كلماته ايضا ً " قلب الانسان يميل لكل شيء ; هنا ذهب , هنا مال , هنا سُلطة ونسي ان يضيف وهنا حرص !! "
ولو كان ابنك الجالس تحت منبرك فهل كنت سترضى له ان يبيع الكلنس في التقاطع طبعا ً لا لانك تعده وتهيؤه من الان حتى تنقذه من بيع الكلنس ..
فاين تبجحنا بصنع الحسين في انه وضع خده على خد الغلام التركي كما وضع خده على خد علي الاكبر لا حقا ً .
ويقول " وانظر لعلي يعطيك قوة دافعية محركية نحو الاخلاص " فلماذا علي لم يعطيك هذه القوة المحركية نحو الصبي وان هذه القوة الدافعية المحركية "تامل جمال الالفاظ " لم تفلح إلا بان تخرج (1000) دينار من جيب مبدعها .
يُظهر هذا المثل بوضوح ان ( رجال الدين والخطباء ) هم جزء من المجتمع وليسوا قوة طليعية به تقوده نحو الخير والا لمارسوا التغيير خلقا ً و(لتطرفوا ) بفعل الخير لا ان يكتفوا بان يكونوا كغيرهم ...فهم اكتفوا بالوعظ قولا ً لأنهم ليسوا متميزين عن الناس .
كذلك يروي قصة واصفا ً اياها بانها " تجعلني انزل من المنبر واهج للصحراء ...." لكنها على اية حال غير كافية لكي ينقذ حياة صبي !!
ابكى الحضور وابكى من في البيوت بل ابكى حتى المصور – على حد قوله – لكنه ليس مستعد لأن يمسح دمعة طفل
لقد كان اهل البيت فاتحين بيوتهم للأيتام والاسرى واموالهم كانوا يكفلون بها التائهين وينقذونهم وحتى عبد الرحمن بن ملجم اشقى الاولين والاخرين كان ضيفا ً عليهم يأكل من اكلهم وينام تحت سقفهم .
اذا كان خطاب علي والحسين للناس والخطيب معا ً وجب عليه ان يكون قدوة لهم وان يكون اولهم عند التنفيذ , لكنه على اية حال – الخطاب الوعظي – اثبت مرارا ً عدم جدواه حتى انه لم يكن مجديا ً حتى لتغيير سلوك قائله فكيف بالحاضرين .
Akeel.jawad@yahoo,com