لماذا نعشق الحسين؟!-د.مؤيد الحسينيّ العابد

Tue, 6 Dec 2011 الساعة : 23:38

لا يستطيع المؤمن أو حتى غيره أن يمرّ على سيرة الإمام الحسين عليه السلام إلا ويقف عنده كثيراً، عالماً كان أم غيره، سائراً على نهج التضحية والإيثار أم غير ذلك. تلاحظ من خلال سيرة هذا الإمام إشراقات خاصّة لم يبلغها غيره إلاً جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوه الإمام علي بن أبي طالب وأخوه الإمام الحسن عليهما السلام. لقد كان الحسين بسيرته العطرة مثالاً للثورة على الظالمين منذ كان صغيراً الى أن كبر(ع).
لقد كان الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب الإبن الثاني لأمير المؤمنين من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث ولد في اليوم الثالث من شعبان من السنة الرابعة من الهجرة.
وقد تربّى في بيت الطهارة والعفّة والقيم العليا خلقاً وعلماً وتضحية وفي كنف رسول الله صلى الله عليه وآله قرابة ست سنوات وعدّة أشهر(على أغلب الروايات) وفي كنف أبيه الإمام علي عليه السلام ثلاثين سنة. وفي مئات الروايات التي ذكرها المؤرّخون كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعطي مكانة للحسن والحسين تدلّل على عمق المسؤوليّة التي تنتظرهما بعد إستشهاد أبيهما خليفة رسول الله. حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله في الحسنين(ع)((من أحبّهما فقد أحبّني ومن أبغضهما فقد أبغضني(1).
لقد كان بين رسول الله والحسين علاقة فيها خصوصيّة من التضحية والثورة على الظلم مهما إشتدّ من وجود الظالم ومن قلة الناصر((حسين منّي وأنا من حسين))(2). وممّا هو معروف من مطلقات الدين الإسلاميّ الحنيف العدل والإنصاف والعبوديّة الكاملة لله الواحد وقد كانت مّما حملها رسول الله صلى الله عليه وآله من مباديء ومن بعده الإمام علي بن أبي طالب (ع). وقد كلفهم سلام الله عليهم هذا المبدأ العظيم الكثير الكثير من التضحية من إبعاد مقصود للامام عن القيادة للامّة من بعد رسول الله الى سنوات التضحية التي تلت ذلك.
لقد كان الإمام الحسين طوال فترة خلافة أبيه القصيرة مثالاً للمقاتل في سبيل الله تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. حيث ساهم في معارك الجمل وصفين والنهروان(3).
لقد كان الإمام الحسين ثائراً من سنوات طويلة قبل تضحيته الكبرى في معركة الطفّ. حيث كان صريحاً واضحاً في قول الحقّ أمام مغتصبي الخلافة وإبعاد الإمام علي عن الخلافة المنصوص عليها في العشرات بل المئات من كتب التأريخ. حيث كانت هناك حادثة واضحة المعنى حيث يذكر إبن الجوزيّ في تذكرة الخواص في الصفحة 234 وفي الإصابة لإبن حجر العسقلانيّ في الجزء الأول الصفحة 333(أبان خلافة عمر بن الخطاب دخل الإمام الحسين عليه السلام يوماً إلى المسجد فرأى الخليفة الثاني على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب فإرتقى الإمام المنبر وهتف بصوته: إنزل عن منبر أبي، وقد كان عمره عشر سنوات).
حينما أرغم الإمام الحسن عليه السلام على التوقيع على التصالح مع معاوية(أنظر التفاصيل في(4)):
حيث كانت مسؤولية الإمامة تقع على عاتق أخيه الإمام الحسن وهو الذي يعلم وقد سمع من رسول الله(الحسن والحسين إمامان إن قاما أو قعدا)، لذلك كان المطيع لقول وفعل أخيه الحسن عليه السلام. ولكنّ ثورته في الإصلاح والتوجيه للأمّة(كما هو أخوه الإمام الحسن عليه السلام) لم تتوقف، حيث عرف عن
معاوية الخروج عن الإتّفاق في الكثير من تفاصيله، ممّا ورد في التصالح أن لا يسبّ أو يمسّ أمير المؤمنين عليه السلام ولا شيعته بسوء، فتحدّث حينها معاوية بكلام بذيء عن الإمام علي وعن الإمام الحسن (ع)(وقد كان الحسن والحسين حاضرين) فما كان من الإمام الحسين إلاّ إندفع للردّ على معاوية فدعاه الحسن عليه السلام إلى الصمت والهدوء فما كان من الحسين إلاّ الإستجابة لأخيه، حينها تصدّى الحسن لمعاوية في تلك الحادثة وحينها سكت معاوية بعد أن سمع كلاماً بليغاً بالحجّة والبيان والتفنيد من قول وفعل عبر تأريخ قريب(أنظر(5)
بعد أن دسّت زوجة الإمام الحسن السمّ لزوجها بالتحريض من معاوية بن أبي سفيان(أنظر إعتراف شيخ الإسلام الأمويّ إبن تيمية بسمّ معاوية للإمام الحسن عليه السلام، حيث يقول: إن بني أمية ليسوا بأعظم جرماً من بني إسرائيل، فمعاوية حين أمر بسم الحسن فهو من باب قتال بعضهم بعضاً(6)
، وهذه الحادثة ذكرها الكثير من المؤرّخين مثل الزمخشري وإبن الجوزي وإبن عساكر وغيرهم) إنتقلت الإمامة إلى الإمام الحسين عليه السلام، رأى الإمام وضع معاوية وضعاً غير صحيح حيث قام بعملية سطو وإستيلاء للخلافة من مصدرها المنصوص عليه والموصى عليها من رسول الله صلى الله عليه وآله(أنظر المصادر العديدة التي أشارت الى ذلك). يقول زهير كمال في مقال له:
((معاوية ولد في بيت يكره الإسلام ورسوله كرهاً شديداً، فأمه لاكت كبد حمزة عم الرسول(ص)، هل يمكن تخيّل امرأة بهذه القوة وهذا الحقد؟
تحفل كتب التاريخ برواية أفعال معاوية والمدى الذي وصل اليه من اجل الوصول الى السلطة والحفاظ عليها ومنها قوله ان لله جنوداً من عسل عندما أوعز بدس السم للحسن بن علي للتخلص من المنافسة، ولكن دراسة ابنه يزيد تعطينا افضل معرفة لمعاوية الشاب، رب العائلة والاب.
يزيد بن معاوية مزّق القرآن، وسمح لجنوده باستباحة مدينة رسول الله (ص) وعاصمة خلفاءه الراشدين بعد معركة الحرّة لمدة ثلاثة ايام، وضرب الكعبة بالمنجنيق، وقتل حفيد رسول الله (ص) الحسين بن علي. هل يمكن بعد هذا كله أن يكون قد تربى في بيت إسلامي، وماذا نستنتج عن أخلاق ابيه واقتناعه بالدين الجديد.))(7)
لذلك كان الإمام الحسين عليه السلام يرى في معاوية الخطر الذي بدأ يشقّ صفّ الأمّة فساداً وهدماً لعرى الدين وأول ما قام به نقض العهود وإجبار الأقربين والأبعدين على مبايعة يزيد ولده وهو كما يصفه الحسن البصريّ( بيعة يزيد من جملة موبقات معاوية، قال: أربع خصال كُنَّ في معاوية، لو لمْ يكن فيه منهنَّ إلاّ واحدة لكانت موبقة: ابتزاؤه على هذه الأُمّة بالسّفهاء حتّى ابتزّها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلاف ابنه بعده سكّيراً خمّيراً، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادّعاؤه زياد وقد قال رسول (صلّى الله عليه وآله): (( الولد للفراش وللعاهر الحَجَر )). وقتله حِجْراً وأصحابه، ويلٌ له مِنْ حِجْر وأصحابه(8) !
ربّما يسأل سائل لِمَ لمْ ينهض الإمام الحسين عليه السلام زمن معاوية؟
المعروف أنّ الأمور لا تقاس ب(لماذا) في هذا الوقت غير ذاك! حيث أظهر الإمام الحسن(ع) ثورة على معاوية وهو(أي معاوية) مالك لكلّ الوضع ولسنين طويلة يعمل بإعلام لتضليل الناس فكيف يكون لو ثار ثائر عليه بإسلوب غير الإسلوب أعلاه؟! بلا شكّ ستكون النتيجة القتل بصورة يرسمها هو! وبالفعل قام معاوية بتعجيل التخلّص من الإمام الحسن(ع) ليتسلّم يزيد(لعنه الله) السلطة، ذلك الذي أظهر الفساد علناً وهذا الذي أدّى بالحسين(ع) بتغيير الأسلوب في المواجهة لسببين هما: أولاً: قد ألقيت الحجّة على الناس بظهور الفساد منه وبالعلن، وثانياً: إظهار القوة ومحاولة فرضها على الإمام الحسين عليه السلام لأخذ البيعة بأيّ صورة كانت! فما كان من الإمام إلاّ المواجهة فلم يبق يزيد مجالاً لشيء. لا يعني هذا أنّ الإمام الحسين قد سكت على تصرّفات معاوية طيلة فترة حكمه. فقد كان يواجه معاوية بالحجج والدلائل الكثيرة، ومعاوية يعلم بهذه الأمور أكثر من غيره. لذلك حذّر ولده يزيد من المساس بالحسين وإلاّ ستنقلب الأمور عليه. وبالفعل حدث الذي كان يتوقّعه معاوية.
لقد قام الإمام الحسين بالكثير من الأعمال لتهيئة الجماهير للوضع القادم. لذلك نلاحظ الكثير من الجمهور إعترض على معاوية كما الإمام الحسين عليه السلام، حين ولّى ولده يزيد الخلافة. بل وكانت معارضته

واضحة وعلنيّة ضدّ ولاية عهد يزيد من قبل أبيه، بخطابات مستمرّة وبرسائل عديدة. وبقيت الأمور هكذا إلى وفاة معاوية(9)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقد تولّى يزيد الحكومة من بعد أبيه غصباً وإفتراء كما يذكرها المؤرّخون، ليكون مسلّطاً على المسلمين رغم أنفهم، طاغية من طغاة التأريخ، ولكي يثبّت سلطانه بالقوة صمّم على أن يأخذ البيعة بالقوة من الحسين عليه السلام، وهو يعرف كما أخبره أبوه الهالك بأنّ الحسين لا يعطي البيعة له! وقال له:(فلا تطلبها منه)! كيف لا يأخذها من حفيد رسول الله وهو حفيد آكلة الأكباد وحفيد أبي سفيان الذي كان يردّد(تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الكرة والذي يحلف به أبو سفيان لا جنّة ولا نار!) أي لا إعتراف ولا إيمان بوجود الخالق ولا وجود لجنّة ولا نار! فتأمّل!
لقد أرسل الطاغية رسالته إلى عامله في المدينة، أن يأخذ البيعة من الحسين عليه السلام أو يقتله حين الرفض. فكان جواب الإمام الحسين عليه السلام (( إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذا بليت الأمّة براع مثل يزيد)). وقد جرى ما جرى على الإمام حين خروجه من مدينة جدّه سرّاً. فمضى إلى مكّة حاجاً بيت الله الحرام وقد وصلت الأخبار الى مكّة برفض الإمام بيعة يزيد وتهديد عاملي يزيد له ووصول رسالة رسوله وإبن عمّه مسلم بن عقيل اليه من الكوفة، فقرّر التحرّك بإتّجاه الكوفة. ومع أنّ الإمام يعرف أهل الكوفة بصورة جيدة ولا يمكن الإعتماد عليهم وإنحرافهم وخيانتهم في خلافة أبيه وأخيه ولكنّ الأمر قد إختلف بعد مبايعتهم له! وإلقاء الحجّة وتنفيذاً للأمر الإلهي، تراه عليه السلام عزم على التقدم الى الكوفة، في الثامن من ذي الحجّة في اليوم الذي يذهب فيه الحجيج الى منى فتوجّه هو الى العراق مع أهل بيته وأصحابه. وهنا تكمن قضيّة مهمّة ألا وهي الجانب التبليغي الإعلامي الذي رافق تحرّك الركب الحسيني، حيث علم الكثير من المسلمين بحركته وعدم مبايعة يزيد. لذلك لعبت هذه القضية دوراً مهمّاً قبل وأثناء وبعد المواجهة. وبعد أن حدثت المواجهة المعروفة وإستشهاد سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه بدأت مرحلة التأليب على الجريمة التي إرتكبت بأمر يزيد لإسقاط عرشه المزيّف والذي لم يدم إلا أشهر بعد شهادة الحسين عليه السلام.
لماذا المآتم على الحسين (ع)؟!
لم يكن ولا ينبغي لفاجعة الطفّ أن تتحوّل الى مجموعة من السلوكيّات المتباينة هنا وهناك والتي يختلف عليها علماء وفقهاء بين ممارسات وسلوكيات من مجتمع الى آخر ومن زمن الى آخر، ولا ينبغي للمأتم الحسينيّ أن يكون مؤسّسة للحزن بل هي مدرسة علميّة أخلاقيّة تنبثق مواضيعها من تلك الثورة التي إنطلق فيها سيد الشهداء من أجلها وهي عملية الاصلاح في الاخلاق والتربية والسياسة وحتى العلم الدنيوي والاخروي معاً. وقد كانت وما زالت تلك الجلسات والمجالس الحسينيّة مدارس موسميّة للتربيّة والتوجيه والتحذير في مواجهة المخاطر التي تحيق بالأمّة. ويمكن إعتبارها معسكراً تدريبيّاً للشباب والشابات كما تحصل هذه المعسكرات في العديد من الحركات والأحزاب والدول لتنضيج فكرة التأهيل الفكري والنفسي والترابط الأخويّ والإجتماعيّ. فترى في المجالس الحسينيّة الكفاءات العلميّة والأساتذة والعلماء والفقهاء جنباً الى جنب مع الشباب، ظاهرة تأثير وتأثّر. ترى في المجالس الحسينيّة نهضة دعويّة كبيرة الى الاصلاح والتوجيه. لذلك ترى وتسمع ظاهرة تسليط الضوء على كلّ شخصيّة شاركت مع الحسين عليه السلام في ثورته. من الطفل الرضيع الى المراهقين والشباب والكهول والشيوخ. كلّ الأعمار شاركت، من أجناس متعدّدة، ومن توجّهات دينيّة مختلفة. لذلك يمكن ولا ريب أن نطلق على هذه الثورة ثورة مجتمعيّة متكاملة. وبتوجّهات أخلاقيّة تربويّة سياسيّة لمواجهة ظلم الظالمين على طول الزمن.
لكن للأسف الشديد تحوّلت هذه المناسبة المؤلمة والحزينة على قلب كلّ مؤمن عند البعض الى ممارسات خاطئة في العديد من الجوانب ومن القائلين والخطباء فذلك الذي يجعل من الحسين عنصراً يستجدي الماء من الأعداء(وحاشاه! والله) وذاك يدعل من زينب صلوات الله عليها إمرأة قليلة الحيلة كباقي النساء وغير ذلك، وهي التي وقفت أمام يزيد بصلابة وقوّة قلّ نظيرها عبر التأريخ في خطبتها المشهورة والمعروفة. وقد تحوّلت المجالس الحسينيّة عند الكثيرين الى مصدر للارتزاق، حيث كلّما كان حديث الخطيب أكثر وقعا على النفوس من بكاء ولطم كان أكثر تعبيرا عن المناسبة! وتحوّل الممارسون لهذه الشعائر الى مجموعة من الغارقين في الحزن، لايعرفون عن الثورة إلاً القليل. والكثير من هذه الشعائرلا علاقة لها بثورة صاحب الثورة بينما الامر ليس كذلك!

تأريخ المأتم الحسيني

لقد بدأت عمليّة ممارسة المأتم الحسيني من بعد إستشهاد سيد الشهداء، من قبل السيدة زينب سلام الله عليها. فهي أول من ناح وبكى على الحسين وأولاده وأصحابه من بداية حركة الركب من كربلاء كسبايا أخذهم جيش عبيد الله بن زياد(وهم عترة رسول الله وأهل بيته ولا ينبغي سبيهم بأيّ عرف من الأعراف! ولكنّه يزيد وتعرف من هو!). ثمّ بعد وصول السبايا الى الشام وفي مجلس يزيد، قامت السيدة زينب سلام الله عليها وصعدت الأعواد بخطبة عصماء بل قل بثورة إعلاميّة عظيمة لتعريّ الطاغية وتؤدي دورها الكبير للثأر من يزيد بتعريته أما الملأ لتبدأ ثورة شعبيّة مضادّة لتطيح بالطاغية.
لقد قادت السيدة زينب الركب الى حلب ودمشق والى المدينة حتى ألّبت المدينة ضدّ يزيد مما أدى الى مخاطبة واليها ليزيد(إنْ كان لك شغل بالحجاز والمدينة فأخرج عني زينب).
ومن بعدها توالت الشعائر من قبل الأئمة عليهم السلام. من الإمام السجّاد عليه السلام الى يومنا هذا. وستستمرّ هذه المجالس التوعويّة الثوريّة لتقتصّ من الظالمين في كلّ مكان وزمان. فلا غرابة من محاربتها من قبل الطغاة ومن قبل أحفاد بني أميّة!
من ثقافة الحزن هذه والممارسات الثوريّة التي بدأتها السيدة زينب والمستمرّة الى الان هي في الحقيقة حماية الاسلام الحقّ من التشويه والتشوّه. وايصال هذا الاسلام الحقّ الى أغلب دول العالم وايقاف صيغة الاسلام الامويّ الارهابيّ الفاسد والذي يشير في سياسته العالقة الى الان في الكثير من البلدان الى ضرورة الوقوف مع الطغاة ولو كانوا ظالمين، والخنوع لهؤلاء الطغاة. وعلى النطاق الانسانيّ كانت ومازالت سياستهم في إضطهاد الانسان والمرأة بالذات، والتي يريدون منها أن تتحوّل الى سلعة رخيصة كما تظهرها قنوات إعلامهم المتعاطفة مع طغاة بني أميّة والسائرين على نهجهم! إسلام بني أميّة، ذلك الاسلام الذي وصل من خلال ما ينفخ بثقافته ما سمي بالصحاح الممتلئة بالاخطاء والاحاديث التي تتعارض مع النصوص القرآنية وسيرة النبي صلى الله عليه وآله!
ونحن الذين نعيش خارج حدود المحيط الاسلامي نعاني من وصول وجبات من المهاجرين الذي لا يفقهون من الاسلام الا رسمه ولا في ممارسات سموها حسينية لا يريدون منها الا إستجداء العطف وصبّه في صحن الحسين وذكراه، وحاشاه!(لاننقص القلّة من الدعاة الرائعين الذين أنشأوا مواقع لشرح هذه الواقعة والعديد من حوادث التأريخ الإسلاميّ بلغات عديدة، وننتظر المزيد!
لقد كان الحسين ومازال ذكره ميراث قوة لاضعف يبعث في قلوب المؤمنين قوة إيمان الحقّ لا الضعف والنكوص. إنّ ثورة الحسين عليه السلام هي التي لعبت وتلعب الدور العظيم بشحذ همم الرجال حيث جاءت بصفوة من ذوي بأس شديد في تحقيق ثورة إسلامية تحمل كلّ معاني التطور في كلّ المجالات العلميّة والسياسيّة والأخلاقية والتربويّة وتغيير الإنسان وتفجير طاقاته، وتكون فيها الامة معتمدة على ذاتها وقوتها وقرارها المستقل، وجاءت ثورة سيد الشهداء عليه السلام برجال وضعوا أرواحهم على كفوفهم منادين(الموت أولى من ركوب العار) وصرخة من حناجرهم تنادي( هيهات منّا الذلّة). لا أؤلئك الضعفاء الذين يتاجرون بذكرى الحسين ويعتاشون على ذكراه حيث اذا طويت ايام محرّم طويت ذكرى الحسين أخلاقيا وتربوياً الى العام الذي يليه. بئس الرجال أؤلئك!
ثورة الحسين عليه السلام هي التي وقفت حائلاً أمام إستمرار فساد السلطة اليزيديّة في غيّها وفسادها، فهل أنتم أيّها الحسينيون فاعلون مثله لتقفوا ضدّ هذا المارد الكبير من فساد والتصدي لنشره في كيان الأمّة؟ فساد تربوي وأخلاقيّ وفساد إجتماعي وسياسيّ وعلميّ وغير ذلك.
لنلقي نظرة على حالنا في العراق مثلاً: هل وقفتم حائلاً ضدّ فساد الرشوة والمحسوبيّة والوساطة والفساد السلطويّ الذي نخر البلد منذ أكثر من ثلاثة عقود والى الآن! وإن إختلف الحاكم ونهج الحكم.
لتكن صرخة سيد الشهداء ضدّ الفاسد مناراً لكم ولنا: ((إن يزيد فاسق فاجر شارب الخمر قاتل للنفس، ومثلي لا يبايع مثله). لاتبايعوا فاسداً ولامرتشياً ولاجاهلاً!
وأنتم أيّها المغتربون الراحلون والقادمون: ما هو دوركم غير البكاء واللطم والنوح؟! ماهو المشروع التوعوي لكم وللآخرين، وأنتم تاركون لصفحات ثورة مشرقة عظيمة تبناها رسول الله صلى الله عليه وآله، والأئمة(ع) من بعده. كيف ونحن نمارس صلوات أو قل حركات ريائيّة رياضيّة، لا أكثر. الويل لنا ولكم!!
كم منكم ذهب الى البلد لرشوة موظّف من أجل مال أو أرض أو منصب؟! ألم تشاركوا يزيداً في الرشى عند دفعه الى أبناء الامّة المال لتمشية أمورهم مقابل افساد عقيديّ بالمشاركة في قتل أو أذية أهل البيت!
لقد بدأت ثورة سيد الشهداء ثورة في الدين والدنيا وإنتهت ديناً ودنيا، لم يفصل سلام الله عليه بين الإثنين كما كان جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم). كما كان رسول الله أمّة ودائرة تأسيسيّة في الجوانب كلّها وكذلك الحسين عليه السلام كان أمّة ودائرة من صيغة أخرى وهي الثورة في داخل الإنسان لإعادته الى الصواب بعد الانحراف الكبير الذي قاده يزيد ومن قبله أبوه وبعض الصحابة الذين أوجدوا جديداً على حساب النصّ الإلهي والتي أدّت الى التجرؤ على عملية إنحياز وحيود عن الطريق الحقّ.
لقد سبق الحسين برفضه الإغراءات والضغوط جدّه المصطفى في رفضه المال والجاه وغير ذلك بقوله(
لو وضعتم الأرض والشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته ولو هلكت دونه). وكذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه حيث تمرّ نفس التجربة وكذلك الحسن عليه السلام. ويكون الرفض هو الرفض والمدد الثوري يستمرّ حتى الحسين وسيستمرّ الى إمام العصر عجّل الله فرجه الشريف.
إنّ الحزن على الحسين ليس كما يصوره بعضهم بأنّها ردّة فعل على عدم نصرة سيد الشهداء! أبداً إنّ هذه الممارسات هي لرفع راية التضحية المستمرة والتذكير بها وبرفض الظلم ورفض الانحراف وتجديد البيعة لصاحب التضحية. لانّ الحسين لكلّ الانسانية ولكلّ المظلومين في العالم وليس للشيعة فقط.
وكما يقول أحد الكتّاب( الشيعة أخطأوا لأنهم اعتبروا أن الحسين إمامهم فقط، وعلّبوه، والسنة أخطأوا أيضاً لأنهم اعتبروا أن قضية الحسين لا تعنيهم كثيراً).
سيبقى منار الحسين منار التغيير والثورة للعالم كلّه فهنيئاً للثائرين على طريقه. والسلام على كلّ ثائر حسينيّ.
د.مؤيد الحسينيّ العابد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإصابة، ج1، ص330
(2) سنن الترمذي، ج5، ص324
(3) الاصابة، ج1، ص333
(4)
http://rafed.net/booklib/view.php?type=c_fbook&b_id=175#4
(5) الإرشاد للشّيخ المفيد، ص173
(6) منهاج السنّة 2/225
(7)
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article25854
(8) تاريخ الطبري 6 / 257 وغيره
(9) رجال الكشي، ص50، كشف الغمة، ج2، ص206.
 

Share |