من المنهج القرآني الدعاء والاستجابه .. وقال ربكم ادعوني استجب لكم .. عبدالامير الخرسان-فنلنده
Tue, 6 Dec 2011 الساعة : 23:19

الحمدلله الذي جعل الدعاء مفتاح كل خير وجلب كل نافع ودفع كل شر وبلية ورأس كل عبادة وخير من كل سلاح . بالدعاء تجلي القلوب وتنقّى الصدور وتحفظ النيات وتسمو الروح الى الملأ الاعلى والعرش العظيم تسبح بارئها وخالقها مع الملائكة المقربين والكروبيين والروحانيين ليرتفع شان الداعي عند الله ليتخذ منه وليا مستجابا دعائه مقبولا, عمله مرضيا عنه في السماوات والارض.
الدعاء:هو التعبير الفطري والطبيعي الناتج عن الاحساس الروحي والشعور النفسي عند الانسان الذي يشعر بوجود حقيقتين في الحياة الحقيقة الاولى هو الله سبحانه مصدر الغنى والكمال والفيض في هذا الوجود والحقيقة الثانية الانسان الذي هو وعاء الفقر والحاجة والضعف,القائم امره بكل وجوده بتدبير من الله .
اقتضت حكمت الله ان يدعو الانسان ويتضرع بين يدي خالقه حتىلا يشعر الانسان بالاستغناء عن الله ويبقى مرتبطا بالخالق متوجها اليه ساعيا نحو الكمال لشعوره بوجود الفجوة بينه وبين الله الذي يمثل الكمال المطلق لان الشعور بالاستغناء عن الله موت وانتحار لكل قوى الانسان وسببه في الطغيان والابتعاد عن الحق والخير كما قال الله (كلا ان الانسان ليطغى ان راه استغنى) .
الدعاء وسيلة لربط الانسان بالله سبحانه والتوجه اليه والاعتراف بين يديه بالذنوب والتقصير واظهار الحاجة والفقر والرغبه في اصلاح النفس . هذا من الناحية الاولى .
ثانيا الدعاء عهد الانسان مع الله سبحانه ان يتعاهد الصدق والاستقامة والالتزام والاقلاع عن الذنوب .
ثالثا الدعاء حالة صحوة وجدانية واستعداد للتلقي والقبول من الله واعادة تنظيم الذات وبناء الشخصيه الصالحه بالعمل عن ردعها عن الطغيان وابقائها في الحد الطبيعي الذي يريده الله لنا .
رابعا التفاعل مع الافكار والمفاهيم التي يقرؤها في الدعاء , لان الدعاء يمثل مدرسه اسلاميه فكريه روحيه اخلاقيه تمنحه الامن والراحه والطمأنينه في الدنيا والنجاة في الآخره .
خامسا الدعاء يساعد على تنمية المشاعر والاحاسيس نحو الخير وبذل المعروف لكل البشر لان الجو الروحي الذي يعيشه الانسان في الدعاء يخلق عنده حالة الصفاء الروحي والوجداني والهدوء النفسي والسعاده التي يبحث عنها الانسان في الوسائل الماديه الاخرى . لذلك جاء دعاء الائمه (عليهم السلام ) ثروه فكريه روحيه ودعوه اخلاقيه وتربويه رائعه تستهدف بناء الشخصيه المسلمه وتتوخى شرح فكرة الايمان بنقائها واصالتها القرآنيه السليمه .
سادسا الدعاء يعرفنا بعدة قضايا تخص اصول المنهج الاسلامي ومنها :
1 العقيده وعرض مفاهيمها وتركيز مبادئها في العقول مثل التوكل على الله والشكر لله والتعريف بالله وبصفاته وعظمته ومحاولة شد الانسان بكل وجوده واتجاهه الى الله .
2 تربية الضمير وتنمية الاحساس بالخطأ مع توفير جو يشعر بالراحه والتخلص من التبعات بالاستغفار والتضرع الى الله وطلب الاستقامه والتسديد منه تعالى .
3 تربية الاخلاق وتقويم السلوك وتنمية مشاعر الحب والخير في النفس الانسانيه .
ان استجابة الدعاء متوقفه على شروط اساسيه منها : 1 الشرط الالهي والمقصود به عدم مخالفة الدعاء للحكمه الالهيه وقضاء المشيئه الربانيه التي قدرت سير العالم ووضعت الاسباب والنتائج , فالرغبه الانسانيه ليس هي التي تقرر سير الحوادث او تقدير الحكمه الالهيه حتى يكون الدعاء مستجاب يجب ان لا يخرج عن حدود المصلحه الانسانيه التي قدرها الله سبحانه .
2 الشرط الذاتي هو الكيفيه الروحيه التي يتوجه بها الانسان الى الله من صدق التوجه والاخلاص في الدعاء والثقه بالله والشعور بالحاجه الى الله , وقطع الذنوب والمعاصي التي تحول بين الانسان وربه .
3 الشرط الموضوعي هو تعامل الانسان مع الاسباب والوسائل بصوره طبيعيه مثلا على الانسان واجب ومسؤوليه عليه ان يؤديها اولا ثم يدعو الله لاعانته وتسهيل اموره وانجاز مسؤوليته وعمله , مثل المريض يتناول الدواء ثم يدعو بالشفاء له ولغيره . اما في حالة عدم الاجابه رغم انه عمل الذي عليه فأن الله يدخر له هذه الاجابه ليوم القيامه ويدفع عنه العذاب ويرفعه الى مقام الصالحين والصدّيقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا . وهذا مادعى الامام الحسين عليه السلام ان يدعو الله في يوم العاشر من المحرم على يزيد وعمر بن سعد وشمر وآل زياد وآل ابي سفيان وآل مروان ومن شارك بالحرب معهم ومن رضي بها , فمن الدعوات استجيبت بسرعة البرق ومنها تأخرت لعدة شهور ومن دعائه ادخره الله له يوم القيامه ليستجيب له كل طلباته سواءاعلى اعدائه او في شفاعته لاصحابه ومواليه . لقد دعا الامام الحسين على اعدائه فقال يخاطب الله( اللهم فرقهم تفريقا ومزقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم ابدا فانهم دعونا لينصرونا فعدو علينا يقاتلونا) .ولا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم . وانا لله وانا اليه راجعون .