قراءة في ثبات الحسين على موقفه -صلاح بصيص

Sat, 3 Dec 2011 الساعة : 0:37

رغم الكثير من المؤاخذات حول القضية الحسينية والخلافات التي تسبب بها اهل النقل والرواية وبالذات اصحاب المنابر، ابتعد عن ذكرها قدر الامكان لإني احببت ان اظهر بعدا ينسجم مع الواقع العراقي الذي نعيش وكيف ان الفرد بأمكانه ان يطهر سريرته لينتصر ايما انتصار على اعتى الطواغيت والجماعات الضالة عندما ينتمي الى الحسين قولا وفعلا...
لقد اثبت الحسين بن علي بإن القلة المؤمنة بمبدأ القوة والانتماء الصحيح تستطيع مواجهة كل ما يقف بوجهها، كذلك عمد الى تنظيم حياة الجماعة لتؤسس دولة مجتمعية متوازنة مرجعها التعاطف المتبادل وبذل النفس في سبيل تحقيق العدل والمساواة فضلا عن تأمين الافكار والقلوب للوصول الى حياة لا مضطربة وغير مرتبكة حتى تكون منطلقا الى الدولة الصناعية والسياسية والانسانية بكامل اوجهها، عندما يبدأ ترويض النفس واشعارها بالقوة والصلابة، عندما تشعر انك اقوى من الاخر بكل ما يحمل وما يملك تأتي اليك الاشياء صاغرة منقادة، بعكس شعورك بالانبهار والتعجب وعدم امكانيتك حتى في ان تقارن بينك وبين الاخر، عندها تتحقق عملية الهدم في النفس والتي تجعلك تنظر ولا تفعل وتقلد ولا تجتهد في جميع الامور، محمد بصدقه وامانته استطاع وبسنوات قليلة ان يحول المجتمع من والى، وهي عملية تحتاج الى مئات السنين والى تظافر جميع المؤسسات وصرف الكثير من الاموال، وبالنهاية قد تنجح وقد لا تنجح، ولكنه استطاع ان يملك في البداية مفاتيح الارادة والنهوض والقوة وترويض النفس، فالصدق والامانة كانا عنوانا ملازما لمحمد (ص) دفعه لتذليل الصعوبات التي كانت تواجهه، فلم يحبب الله الناس بمحمد ولم يدفع اذى حجارتهم ولم يلن عقولهم وينر بصائرهم وتعرض لما تعرض من ضرب وهجرة وتعذيب وحياة عصيبة ولكن القوة التي كان يحملها والمبدء هما من كانا عونه في تحقيق دولته الاسلامية...كذلك الحسين مر بجميع مراحل النبي وتعرض لما تعرض له النبي وربما اكثر قليلا بعدها توجت بتقديم نفسه فداء ودفاعا عن قضيته ومبدأه وقدم اعز ما يملك، او تقدم معه اعز ما يملك لانهم لبنات محمدية متخرجة من مدرسة الحسين، فمن استشهد بين يدي الحسين يوم عاشوراء كان برغبته وبدافع القوة التي يمتلكها لا بدافع التعاطف مع الحسين لانه ابن بنت رسول الله فقط، وبانه سيد شباب اهل الجنة ولم يذكر التاريخ بان الحسين طلب من احد الذود عن حياضه ولكنها كانت رغبة خالصة منهم...
هناك العديد من الوسائل التي تجلب السلطة، بعيدة عن تقديم النفس والاعزاء، الصدق يجلب السلطة والامانة كذلك وقول الحق والاصرار على المبدء الصحيح، ويكفي وقتذاك انه كان بمواصفات تميل العامة الى الاقتداء به وهي صفات تحلى بها الحسين وكان بامكانه القعود، لكنه لم يعمل من اجل السلطة ولم تكن ثورته مقتصرة على جلبها، بل اراد ان يستخدم كامل قوته في الوصول الى ما وصل اليه، تقطع اشلاءه ويذبح عياله وتسبا نسائه من اجل المبدأ، فما قيمة حياة دون مبدأ ودون قضية يعيش فيها الانسان منقادا تتقاذفه اهواء الحاكم الظالم...
وهنا كم منا يملك مفاتيح تلك القوة؟ وتلك النظرة الفوقية او الوسطية غير الانبهارية التي تدفعنا لتحقيق مبتغانا، الايام عاشورائية فهل سيشغلنا اللطم وضرب الرؤوس عن السير في خطى هذه الروح العملاقة التي واجهت العالم منفردة زادها ما تحمل من ايمان بقضيتها؟ الحسين عنوان لم يكن استيعابه بحلقة واحدة ممكنا ولا اجد مصاديق حقيقية على ارض الواقع تتحمل مثل هذا العنوان حتى وان فعلنا ما فعلنا واظهرنا حزنا كبيرا والما شديدا المهم ان نعمد الى ترويض النفس بالقوة ولأننا لا نستطيع مجاهدة النفس في منعها من ضرر واقع كشرب السجارة مثلا ، فنحن بالتأكيد لا نستسيغ او نستوعب مثل هذه المواقف ونحن بعيدون عن الوقوف ضمن الفريق المنتصر الذي اراد له الحسين الحياة.
[email protected]
 

Share |