ظاهرة المطالبات بالاقاليم الانفصالية... نافذة لبقاء الاحتلال في العراق -محمد خالد علي السبهان

Wed, 30 Nov 2011 الساعة : 11:05

 إن المقصود بمصطلح الفدرالية من الناحية المفاهيمية هو طبيعة ونوعية نظام إدارة وتصريف شؤون الإدارة والحكم في الدولة عبر معايير توزيع وتقسيم السلطات والصلاحيات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية باستثناء الصلاحيات والسلطات السيادية (المالية , الدفاع , الداخلية , الخارجية ....)التي تبقى محصورة بصورة أخلاقية بيد الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ في النظم البرلمانية إما المقصود بمصطلح الفدرلة , فهو الماسة بمعنى تحويل الإطار النظري للفدرالية إلى الإطار العملي المتمثل بإقامة المجلس التشريعي للإقليم وحكومة الإقليم ومؤسسات الإقليم الحيوية فضلا عن الكوادر المتخصصة والمؤهلة لإدارة مؤسسات الإقليم .
إذن :- هناك فرق بين مصطلح ومفهوم الفدرالية عن مصطلح ودلالة الفدرلة ولاشك أن الأصوات التي تنادي بإقامة أقاليم في بعض المحافظات العراقية تفتقر إلى معرفة الدقيقة بهذا الفارق النظري والتطبيقي ... فهم يطلون من خلال الأعلام ويقولون إننا نسعى إلى الفدرالية والأقاليم في الوقت الذي لا يذكرون فيه الفدرلة وأسسها ومتطلباتها وهذا ما لاحظناه في مطاليب القوى السياسية في الانبار والموصل وصلاح والبصرة واخيرا واسط .
أن دراسة دقيقة وعلمية لأسباب ودواعي ودوافع إعلان مجلس محافظة صلاح الدين لإقليمهم الإداري الاقتصادي تكشف عن سطحية وسذاجة أعضاء مجلس المحافظة وعدم تعمقهم في علم السياسة والإدارة والقانون والدستور ناهيك عن اندفاعهم العشوائي والانفعالي والعاطفي باتجاه اتخاذ قرار مصيري لا يمت إلى الوطنية والدستور بشيء ودالتنا على ذلك تزامنه مع الانسحاب الأمريكي من العراق وليس بعد 31/12/2011 بالإضافة إلى انه جاء في ظرف حساس ودقيق يعاني فيه العراق من تحديات خارجية خطيرة ناهيك عن انه جاء بمثابة تطبيق حرفي لمشروع بإيدن سيى الصيت في بلاد مابين النهرين وما تخطط له بعض دول الجوار وإسرائيل وأمريكا لإحكام قبضتها على ومد حدود دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات .

أن عدم دستورية القرار الذي اتخذه مجلس محافظة صلاح الدين تتضح من خلال انه جاء مخالفا للدستور الذي أكد على ضرورة إجراء استفتاء شعبي قبل توجيه طلب من قبل المجلس التشريعي للمحافظة بإقامة إقليم إلى مجلس الوزراء الاتحادي ولم يتم بالتشاور مع مجلس النواب الاتحادي ومجلس الوزراء الاتحادي والفعاليات الدينية والوطنية والعشائرية في باقي أجزاء العراق وهذا دالة على أن المسحة الخارجية والمشورة العابرة للحدود هي المسموعة والطائفية على جوهر القرار وإلا لماذا لم يذهب أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين إلى نظراءهم في محافظات الوسط والجنوب لتحديد هذه المسالة الوطنية – المصيرية أم إن الكلام عن وحدة العراق والوطنية باتت عند هؤلاء بمثابة كلام جرائد ومزايدات سياسية وإعلامية للضحك على ذقون الرأي العام العراقي !؟

لا ريب أن الموقع الجغرافي والثقل الديموغرافي لمحافظة صلاح الدين لا يساعدها في إنجاح مشروعها للفدرلة وستظهر نتائج الفشل بعد برهة من الإعلان , فالصراع السياسي والحزبي والعشائري ربما سيفضي إلى قتال بيني داخل المحافظة التي سيتم تقسيمها على شكل أمتار لهذه العشيرة أو تلك أو ذلك الحزب وهذه هي الطامة وان تم تمرير قرار إعلان الإقليم فان السيطرة والصراع سيكون على أشده في حكم الإقليم بين حزب البعث المنحل والسلفيين والوهابيين.

وختما نقول انه وبناءا على التبريرات التي ساقها المعلنين للإقليم صلاح الدين وهي التهميش "الإقصاء الطائفي "وتطبيق قانون المسائلة والعدالة في وزارة التعليم العالي يتبين لنا مدى الازدواجية والبحث عن المصالح في هذه التبريرات اللامنطقية فالسؤال هو لماذا تستندون على الدستور في الترويج لدعوتكم لإقليم صلاح الدين !؟ وترفضون تطبيق قانون المسائلة والعدالة المنصوص عليه في الدستور الدائم ؟فماعدا مما بدا ...!؟

من المعيب والصعب واللامعقول أن يتم الربط بين اتجاه مجلس محافظة صلاح الدين إلى إعلان إقليم انفصالي وفرية التهميش والإقصاء وعدم العدالة في توزيع تخصيصات الموازنة العامة وان تأخذ كأساس وتبرير رؤية أهالي صلاح الدين الذين أعلنوا رفضهم التام لمبدأ الفدرالية إبان الاحتلال وعند مطالبة أهالي البصرة به وقولهم آنذاك بان هؤلاء عملاء إيران والاحتلال وبين ما يطالبون ويتظاهرون لأجله اليوم , فالمحافظة كما هو معلوم تحكم بصورة لا مركزية وهي تمتلك عدد جيد من الأعضاء من مجلس النواب ومجلس الوزراء وتأثيرها المالية من خلال التخصيصات التي يصادف عليها في مجلس النواب الاتحادي وبما ينسجم واقعها السكاني الصغير بالقياس محافظات عملاقة مثل البصرة والناصرية وبغداد .

أن الغاية الأساسية لإعلان الإقليم هي جعله بمثابة حصن حصين لفلول وبقايا النظام ألبعثي البائد من كل المحافظات العراقية وكذلك من دول الجوار والمحيط العربي وإلا ما هي الجدوى والمنفعة سيحصل عليها إنباء صلاح الدين عند حصرهم في محافظة لا تمتلك الحدود ومحدودة الثورات والإمكانيات والموارد الطبيعية .

أن قيام محافظة صلاح الدين ومجلس محافظتها وكذلك محافظ الموصل والانبار وديالى والبصرة برفض نقل المتورطين بإحياء منظومة البعث البائد إلى سجون العاصمة الاتحادية وسجونها المركزية يعتبر مخالفة دستورية وقانونية وتنطوي على جنسية طائفية تضع صاحبها في خانة الخارج عن القانون ومدافع عن البعث البائد وترويج لأفكاره وهذا ما حضره الدستور في المادة السابق وقانون مكافحة الإرهاب النافذ , وعليه تعود الحكومة الاتحادية بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى بإصدار مذكرات اعتقال لمحافظي الموصل وصلاح الدين وديالى والانبار وأي من أعضاء مجالس محافظتها أو نوابها في مجلس النواب وكذلك دعوته إلى قائمة إقليم البصرة ليكون عبرة لكل من يحاول أن يروج للبعث البائد أو الأقاليم الانفصالية قبل انسحاب الاحتلال .
 

Share |