موقف العراق ومصير الأسد-غفار عفراوي

Tue, 29 Nov 2011 الساعة : 15:21

يقال إن السياسة هي فن الممكن، كما أن السياسة لا قلب لها، ومن تلك التوصيفات استمد الجانب العراقي اتخاذ موقفه إزاء الأزمة السورية وامتنع عن التصويت مع الجامعة العربية في تجميد عضوية سوريا في الجامعة. إن هذا الموقف له دلالات وأبعاد عديدة مختلفة، فالمراقب السياسي يرى انه ينطوي على جنبة طائفية على اعتبار أن وزير الخارجية العراقي لم يفضل الامتناع عن التصويت ولكنه فضل عدم كسر قرار رئيس الحكومة العرقية في أمر قد لا يكون من الحكمة كسره في وقت تعتبر فيه الأوضاع والعلاقات شبه متأزمة بين حكومة إقليم كردستان وحكومة المالكي لكنه لم يدع الأمر دون توضيح فصرح إن تصويته لا يمثل رأي إقليم كردستان. كما أن شركاء الحكومة والعملية السياسية (القائمة العراقية) تحفظوا على قرار الحكومة وصرحوا انه لا يمثل إلا رئيس الوزراء.
الأمر الآخر الذي يمكن أن نلاحظه في قرار الحكومة العراقية هو مصلحة العراق والدولة التي ستتأثر سلبا في حال سقوط النظام السوري الحالي ومجيء حكام صناعة أمريكية بأموال قطرية وسعودية كما هو الحال في الدول العربية التي سقط رؤسائها. إضافة إلى استغلال وضع الرئيس الأسد ومحاولة الثأر من نظامه الذي صدّر للعراق الكثير من الإرهاب والأسلحة طيلة فترة سنوات النار بعد 2003 وذلك من خلال المطالبة بتسليم رموز النظام السابق المتمركزين في سوريا ويقومون بدعم الجماعات المسلحة الموالية للنظام البعثي المخلوع وهي صفقة جيدة ورابحة وأنا اشد على أيدي أصحابها وصناعها لان الدولة والحكومة لابد أن تسير وفق الواقع العربي والتغييرات الحاصلة في المنطقة ولابد لها من استخدام أي ورقة ضغط على أية دولة سواء كانت عربية أو غير عربية .
كما أن للضغط الإيراني الذي يعتبر الخط الأحمر الذي لا يمكن أن تعبره الإدارة الأميركية صاحبة مشروع الشرق الأوسط الجديد والتهديدات التي تطلقها إيران لإسرائيل كلها أمور تحول دون التدخل العسكري في سوريا وهو الأمر الذي تتحفظ عليه كل من روسيا وفرنسا وكذلك الصين.
رغم كل تلك المواقف فان القوى الإقليمية المهمة التي تستطيع الولايات المتحدة والغرب أن تتحالف معها واخص منها الإمبراطورية العثمانية الجديدة تركيا، من شأنها أن تعجّل في إسقاط نظام الأسد وخلق حالة من الفوضى العارمة في المنطقة وانتظار ما ستؤول إليه الأمور في النهاية لرسم الخارطة الجديدة للشرق الأوسط التي أتصور أنها ستكون برأسين لا برأس واحد وفقا لسياسة أمريكا المتبعة وسيكون احد الرؤوس تركيا (الاردوكانية ) من جهة والرأس الآخر قطر (الجزيرة) والسعودية (العربية) من جهة أخرى وذلك لمواجهة وتفتيت المد الإيراني أو كما يسمونه الهلال الشيعي الممتد من الحدود الإيرانية العراقية وصولا إلى الحدود اللبنانية السورية.
==================================
كاتب عراقي
[email protected]
19-11-2011

Share |