عاشوراء وشعائرها والتجاذبات الاجتماعية-ظاهر صالح الخرسان
Sat, 26 Nov 2011 الساعة : 17:53

كربلاء تلك النهضة المباركة التي حملت بين طيّاتها الكثير من الدروس والعبر والقوانين الأخلاقية والشرعية ..ابتدأت بالأخلاق وأُسدل الستار عليها بالأخلاق والشرف لنزاهة الصفوة المباركة على العكس من الطرف المقابل والنقيض
فلم تكن قضية عاشوراء يوما قضية عابرة كما يصّورها البعض كخذلان أهل العراق لإمامهم الحسين بن علي وبالتالي انقلابهم عليه وتجييش الجيوش ضده لقتاله ومن ثم انتهت بمقتله ومقتل أصحابه وسبي أهل بيته وانما رسالة وامتداد لكل العصور تترجم الرفض وتشق الطريق من اجل معرفة طريق العزة والاباء والعيش بكرامة او الموت والتضحية استنكارا للواقع الاجتماعي المرفوض من قبل السماء
نجد المجتمع الشيعي العراقي قد شرّق وغرّب في القضية الحسينية على اختلافهم في الوعي و الثقافة و البيئة وحتى الظروف السياسية وفي السنوات الأخيرة بدت الصورة أكثر وضوحا واستخدام عاشوراء كنقطة للانطلاق للحصول على مصالح شخصية وحزبية وفئوية فقد حول البعض هذه الشعائر إلى
فواجع وبكاء واستعراضا للنفوذ وأيهم أكثر جندا وعددا يلتفوا حوله كمجلس للعزاء أو لموكب ما أو لشخصية من الخطباء والبعض منهم لا يتورع في أن يهدر الوقت بكلام مطوّل لا تخرج منه بنتيجة سوى استعراضا للحنجرة والأطوار وغيرها وإذا كان مُجيداً في ذلك يحصل على حظٍ أوفر من المديح والشهرة وتناقل الرُكبان أحاديثه ((ونغمات نواعيه )) المئات من مجاميع الشباب وكأنها في ماراتون عالمي تنجح في إدارة العزاء والتفنن في اللطم والقصائد لكن تجد الكثير منهم وفي جانب آخر من الحياة جانب مظلم يفتقد الكثير منهم للموازين الأخلاقية فضلا عن الشرعية اذا تعاملت معه او اختلفت معه ، فتختلف التصرفات والأمزجة النفسية بعد انتهاء الموسم العاشورائي كل يرجع إلى ما كان عليه قبل الموسم فلم نخرج من هذا الموسم بنتيجة تذكر ربما بمستوى طفيف من الفائدة لبعض من يحالفهم التوفيق الإلهي وهذا يرجع بسبب غياب الوعي وعدم اداء رسالة عاشوراء والنهضة الحسينية الحقيقية من قبل المتصدين لها والقائمين عليها والمتلبسين بلباس حماة الشعائر واحياءها فلا وعي ولا نشر للثقافة الحسينية الحقيقة الا النزر اليسير تسمع الخطيب الفلاني يصدح باعلى صوته سوى بمكبرات الصوت او الفضائية ((الحسين رفض الظلم من اجل عزة الاسلام الحسين علمنا الاباء وررفض الباطل )) وتحقق في ما قاله الخطيب نجده بعيدا عن هذه المفاهيم التي يتلاعب بها ويصوغها من اجل استرضاء الناس فلم نراه رافضا للظلم يوما ولم نسمع ان وظف مكانته للوقوف مع المظلومين والمحرومين بل العكس عندما ينزل من المنبر يتغير سلوكه الايدلوجي تغيرا كاملا وتجد منظومة افكاره تختلف عما قاله في هذه الايام الحسينية والبعض الاخر يطلّ علينا وينادي ((الحسين ثورة صمود حياة ))ويستهل بها في كل مجلس وهو بعيدا كل البعد من هذه المفاهيم ورافضها جملة وتفصيلا في حياته اليومية وله مواقف سلبية مع الاخرين الذين ينادون بهذه المفاهيم لكنه يوظفها لأستلهاب مشاعر الناس مستغلا العاطفة الجياشة وتدني الوعي في العقل الجمعي لمن شخصوا بانظارهم لما يقوله .. تجد اخر يفتقد الى النزاهة في عمله ووظيفته وآثار الأموال التي حصل عليها بطرق ملتوية بادية على حياته فبيته اكتمل بمئات الملايين وسيارته تحسب بالاف الدولارات وراتبه الاسمي لم يتجاوز نصف المليون ! في شهر حرم يبدا العطاء ببذل الاموال حتى يلقب بأنه فلان حسيني او صاحب عزاء ويبذل الكثير لغرض هذه الشعائر فتختلط الاموال الحرام بالمصالح الشخصية ولسمعة ومحاولة ارجاع الثقة به بقلة الوعي الطقوسي فلا فائدة سوى الضجيج والحجيج في الشوارع
اصوات الات التسجيل بأعلى صوتها تصدح باللطم والقصائد وقبل ايام البعض تصدح بالاغاني بصوت مرتفع ولا خجل
والاشدّ من ذلك الأيادي الخفية التي تعمل وتهيئ كل ما لديها من إمكانات ووسائل من اجل جعل هذه الشعائر هي عادات وتقاليد موروثه في المجتمع بعيدة عن حقيقة النهضة والثورة والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالثورة الحسينية لها بعد اجتماعي اصلاحي لا بُعد استعراضي بكائي لها بعد من اجل اسلمة المجتمع والسير به على الطريق المستقيم لمن يقتدي بالنهضة يرفض الظلم اينما حل ويرفض الفئوية والحزبية المقيتة التي جعلت المجتمع طرائق قددا وكل يدعي انا ربكم الاعلى هذه المفاهيم التي تركتها عاشوراء يجب ان تترجم الى واقع الحياة الاجتماعية ونحن بامس الحاجة اليها في هذا الوقت فالبعض يخوض في غمار الباطل والبعض يداهن والبعض الاخر يسرق ويخون والبعض وقف على التل والبعض يدعي انه ناسك متعبد في صومعته والبعض تلبس بلباس الدين ولبس السواد واسبل لحيته وجوفه اجوف ونفسه امّارة بالسوء فلنتخذ من هذه الشعائر ومن هذه الذكرى شحنة الهية من اجل رفض ما رفضه قائد النهضة والوقوف بوجه من هو على شاكلة من وقف بوجه قائد النهضة عسى ان يرحمنا ربنا ويعيننا في امر دنيانا واخرتنا