الابداع الحضاري في الاسلام-عبدالامير الخرسان- فنلنده
Sat, 26 Nov 2011 الساعة : 12:39

لقد جبل الانسان بفطرته على حب الابداع والنظر في الابداع والانبهار في الابداع والميل بوجدانه للنزوع لكل حالات الابداع . عندما يرى الانسان الورود وجمال الورود وعطر الورود الاخّاذ ينظر لاجمل ورده ليشمها او يقطعها او يمتع نظره بها ليدخله السرور والبهجه وكذلك عندما يرى حالات مماثله من جمال الطبيعه ومناظرها الخلابه الساحره تأخذ بمجامع قلبه . وكذلك الابداع الذي يصنعه الانسان ويضع بصماته عليه سواء كان الابداع في تحرير كلمة هادفه او قصيدة شعر جميله او صناعة آله او اختراع جهاز او تطوير مشروع انساني او اقتصادي او اجتماعي او خدمي او سياسي او اعلامي ويقدموه بصوره رائعه ترى الانسان يفرح بهذا الابداع والتطور ومن ثم يطمح للمزيد من هذا الابداع سواء كان تكنولوجيا او بايلوجيا او فسلجيا يفيد في كل العلوم التي تخدم الانسانيه .
لقد جاء الاسلام منذ البدايه وهو يقدم الابداع تلو الابداع والتطور تلو التطور والنظريه بعد النظريه لانه عندما جاء الاسلام كان الناس غارقين في الظلاله والظلم والجهل والقتل والتخلف ويكفينا التاريخ عن نقل الاحداث ,فاستطاع الاسلام ان ينقذ البشريه من آثامها وتخلفها واخرجهم من الظلمات الى النور . ومنذ ذلك الحين والى الآن والبشريه تنعم بنعمة النور الالهي المحمدي .لانه عندما جاء الاسلام وضع لهم نظاما شاملا للحياة ووضع لهم النظام المؤسساتي وجعل لهم برامج ومناهج في حياتهم لو أخذوا بها لأكلوا من فوق رؤوسهم ومن تحت ارجلهم . وأسس رسول الله (صلى الله عليه وآله) دولة الحق دولة الاسلام وهكذا جعلها تسلك النظام الاسلامي الالهي . ألم يكن هذا ابداعا وتطورا؟ الم يكن هذا شيئا جديدا على الناس؟ الم يكن هذا جذابا ورائقا للبشريه؟ لانه لم يكن مألوفا آنذاك , الم تكن هذه هي الحضاره بعينها؟ الم تكن هذه مفاهيم الحضاره بقسميها الخدمي والفكري ؟ لان تعريف الحضاره هي الجهد الذي يقدمه الآخرون من الناس لخدمة البشريه , وكذلك تعرف بالتقدم في الثقافه والمدنيه والمقصود من الثقافه هنا التطور في الافكار النظريه في السياسه والاقتصاد والاجتماع والاخلاق والقضاء , اما المقصود من المدنيه فهي العلوم التجريبيه مثل الطب والهندسه والكيمياء والزراعه وقد سميت بالمدنيه لانها تنتمي للمدينه وجاءت الحضاره لخدمة البشر . وتقسم الحضاره الاسلاميه الى ثلاثة اقسام .1- دولة التارخ اي حضارة دوله اسلاميه يظهرها المسلمون بعد اندثارها لدراستها والاستفاده من النقاط المضيئه منها للعبره والاعتبار والاستفاده من الاخطاء. 2-الحضاره الاسلاميه وتعتمد على الفرد والاسره باعتبارهم يشكلون اللبنه الاولى في الدوله والمجتمع فاذا صلحوا صلح المجتمع .3- الحضاره المقتبسه وتقوم على اساس دراسة الحضارات القديمه التي سادت العالم ومعرفة اسسها وبرامجها ومناهجها وتقدمها خدمة للبشريه للاستفاده من هذه الحضارات من اخلاقها وعلميتها وكل مايمكن الاستفاده منه .
هذه مقدمه وجيزه لموضوعنا عن حضارة الاسلام ومفاهيمها الراقيه والبنّائه والمتطوره بتطور الزمن بما قدمته من اخلاق كريمه وسيرة حميده وعدالة واضحه ومساواة في الحقوق والواجبات وكل ماجاء في مناهجها الخيره والحقّه .
ان اعداء الانسانيه وما يحملونه من الوحشيه والهمجيه والعداء للنظام والعدل والحق جعلهم يستهترون بنظام الاسلام ويتمردون عليه بمجرد وفاة الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) . وانقلبوا على اعقابهم القهقري يريدون محو دين الاسلام فشكلوا الاحزاب الجاهليه والتفوا حول الاسلام وقيادته البريئه التي تمثلت بامير المؤمنين علي عليه السلام وجعلوه جليس داره .لكن امير المؤمنين عليه السلام اظهر الابداع ثانية وساير القوم حفاظا على الاسلام وبيضة الدين ووحدة المسلمين وخوفا من التمزق والضياع وسيطرة الكافر الاجنبي . حتى جاء دور امير المؤمنين عليه السلام الفعلي بالقياده العامة لامبراطورية الاسلام وابدع في حكمه وقضائه وسياسته في الحكم والاقتصاد وانعاش الواقع الاسلامي الخدمي والمعيشي حتى قال قولته المشهوره (لم يبقى في الكوفه احدا الاّ اصبح ناعما ) اي مرفها وغنيا . ومع هذا الرفاه والعدل والحق الذي حواه الامام علي عليه السلام وحققه عمد اليه اعداء الاسلام والانسانيه فاغتالوه في شهر رمضان المبارك ليفجعوا به الامه الاسلاميه والبشريه جميعا . وبعد ذلك عمدوا الى ابنائه فاغتالوا احدهم بالسم وهو الامام الحسن عليه السلام اما الامام الحسين فنهض للامر ونهض لاصلاح الامه ونهض ليبدع من جديد وليطور الواقع الاسلامي من جديد ولينهض بالامه نحو الكمال والسعاده نهض ليضع الكرامه مقابل الذل والاهانه. نهض ليضع حدا للرذيله والجاهليه والتخلف . نهض ليخرج الناس من الظلمات الى النور من جديد كما بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله من جديد نهض ليقول للناس (الموت في حياتكم قاهرين خير من العيش في حياتكم مقهورين ). نهض ليعلمهم العزه والسيادة والكرامه واستعادة الحق والعدل ولو كلفهم ذلك حياتهم .
اخوتي مع هذه التضحيات التي بذلهاالحسين عليه السلام واهل بيته وصحبه من اجل انقاذ الناس من الظلم والجور والاخذ بهم نحو طريق الله العادل وحدود الله العادله والحكم بما انزل الله وكما يريد الله سبحانه , ونحن نسمع صيحات العلمانيين الذين يدّعون الاسلام ويحسبون انفسهم على الاسلام ونسمع كلامهم على نظام الاسلام وقيادات الاسلام ومرجعياته الكريمه الطاهره والمطهره , ان مراجع المسلمين والاسلام ابرياء مما يعمله السياسيون الآن وانهم بعيدون كل البعد من عطاء السياسيين او الحكام وانهم ابرأ من البريء وانهم اكرم واطهر من ان نتهمهم بهذه التهم او ننسب اليهم اعمال اصحاب الكنائس في تلك الفترات المظلمه . ان هذه اقاويل اعداء الاسلام وقتلة المسلمين يجب علينا محاربتهم وانقاذ ديننا ونهجه وسياسته في الحكم والدوله التي ارادها الله له ولائمتنا عليهم السلام ومراجعنا ايدهم الله . وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله كونوا نقاد الكلام) ينبغي علينا ان نكون في هذه المرحله الحاسمه حذرين ودقيقين مع الكلام الذي يصدر من اعدائنا اعداء الدين , وان نكون الرحماء فيما بيننا والاشداء على الكافرين . والحمدلله رب العالمين.