فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ ـ رسالة الى امير قطر-عقيل الموسوي

Wed, 23 Nov 2011 الساعة : 14:06

لازالت صورة والدي رحمه الله عالقة في مخيلتي حين ذهب لأداء فريضة الحج ولمّا ابلغ الثانية عشر من العمر مع جلالة التوديع والاستقبال , ولازالت حلاوتها تسامرني وأنا أرى الغبطة على وجوه اهل قريتي وبما يحملون من حب واحترام .. ولازلت أكنّ المحبة والتقدير لشخصٍ بعينه حين بعث في صدري نشوة الثقة بالنفس رغم صغر سني وهو يهنئني بسلامة عودة الوالد بجملةٍ ادركت معناها قبل اقراني انها ( قرة الأعين ) تلك الجملة التي لازالت الذاكرة تختزنها في ابهى صورةٍ وأجلّ قدرٍ وأعلى مكانة, وكم أتمنى اللقاء بذلك السيد الجليل لأبوح له تراتيل ذلك الموقف بكل فخر واعتزاز... وبعد نيفٍ وثلاثين عامٍ وحين رزقني الله سبحانه وتعالى حسن تلبية الأذان بالحج لأذهب راجلاً مع كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍ عميق .. فقد حملت معي تلك الصورة قبل ان احمل امتعتي فكانت روح الوالد تتراءى لي في كل موطنٍ وموقف وقفت فيه ملبياً دعوة الرحمن حامداً لله انعمه وشاكراً له الهداية والتوفيق لما دعاني اليه جلّ وعلا , فكنت ارى مارسمه والدي بقصدٍ او دون قصد واضحاً في كل محطات قطار العمر , لذا كنت حريصاً على التقاط صورةٍ في ولكل المواطن والمواقف تلك حرصا مني وبقصد مسبوق بالاصرار والترصد رغم تحريم البعض لها على اعتبارها بدعة ما أنزل الله بها من سلطان , لكني آثرت ان أوثقها مؤطرة بالقدسية والعظمة كي تبقَ محفورة في ذاكرة اولادي ليستمر شرف العائلة واسمها مستمدا من حسن المعاملة وتمام العبادات وكمال الخلق بعونه تعالى , وما اعتزازي بالصورة التي تعتلي كل مقالاتي الّا لكونها في مدخل الطائرة التي أقلّتني في اولى مراحل تلك الرحلة التي حسبتها رحلة عمر بأكمله
سمو الامير .. هذا هو انا .. انسان بسيط جلّ همه تربية اولاده على حب الخير وطاعة الخالق ومعاشرة المخلوق بكل معروف .. لا أملك الاطيان ولا اتنقل بين البلدان .. اعمل ساعات وساعات من اجل لقمة العيش الشريفة .. ولطالما تركت رطوبة العرق اثارها على الوريقات التي ادسها في جيوب بدلة العمل والتي احبس فيها افكاراً أجد الكثير منها غير صالح للنشر .. ولكني انام اغلب الليالي بضمير لا يغفو على تأنيب ولا يصحو على ندم , اما انت ياسمو الامير ( ولا اسمح لنفسي المقارنة بيننا ) فعلى جانبٍ اخر , جانب لستُ في مطمحٍ لنيله ولا احسد سموك او اغبطك على ما انت عليه , ولكني وانطلاقا من شطر المقولة ( استغنِ عمّن شئت تكن نظيره ) أجد نفسي نظيرا لك تلزمني تلك النظارة اسداء النصح الذي أزعمه احساناً يحولني الى امير لك بالأستناد على الشطر الاخر للمقولة ( وأحسن لمن شئت تكن أميره ) .. فحين تحدثت عما رسم والدي من خطوطٍ واضحة المعالم في شخصيتي والتي احاول جاهدا أعادة رسمها على اولادي لعلها تتكرر على احفادي .. أجد مارسمه سمو الامير الوالد على صفحات شخصيتك من شراهاتٍ محصورة بين عينٍ لا تخشع وكرشٍ لا يشبع وشهوةٍ لا تقنع وأكتنازٍ لا ينفع بأنقلابه على سلفه قد أتت أُكلها فيك وانت تعيد الكرّة لتسقِ الوالد من نفس الكأس الذي حمله سابقاً .. فهل فكّرت بأحتمالية ورودك من نفس المورد على يدٍ ربما هي يد شريك دربك ومهندس انقلابك الذي يمسك برئاسة الوزراء ووزارة الخارجية والذي لا تأمنه ولا تثق فيه مطلقا والذي تشكّل وأياه ثنائياً اشبه بثنائي معاوية وعمرو بن العاص , او ربما على يد احد أبنائك الذي تأمنه ؟ أم انك ترفع شعار اليوم خمر وغدا أمر ولا تأبه بما تأتيك به الاقدار ؟ أن ما تقومون به بدفعٍ من أطرافٍ معلومةٍ وأسنادٍ من رجالات دين لا تظهر عليهم من علامات الدين سوى جلبابه ودعمٍ من ابواقٍ اعلامية تردد صدى قرقعة ما بذلتم من مليارات الدولارات أنما هو أفك يذهب بخطواتكم نحو نار جهنم وبئس المصير , فأقطعوا امداداتكم للفتنة واوقفوا تطبيل اعلامكم غير الحيادي لتحقنوا دماء الابرياء ولا تعثوا في الارض مفسدين وتمثلوا بقول الشاعر
باتوا على قللِ الاجبال تحرسُهم ... غُـلْبُ الرجالِ فما أغنتهمُ القُللُ
و استنزلوا بعد عزّ من معاقلهم ... وأودعوا حفراً يـابئس ما نزلوا
فأن لم يصلكم خطابي هذا فأعلموا ان لكم فيها كريثما يُركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق الـمحور ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة ليصلكم حينها خطابُ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا

Share |