من يقف وراء حرائق الشورجــة؟
Wed, 23 Nov 2011 الساعة : 8:29

وكالات:
منذ سنوات واسواق الشورجة تشهد حرائق متتالية كانت الاولى عام 2005 تلتها حرائق عام 2008 نجم عنها خسائر مادية وبشرية كبيرة ، آخر تلك الحرائق كان ما حدث بتاريخ 17 تشرين الثاني الحالي حيث اكد شهود عيان ،
أن حريقا كبيرا اندلع في فندق المستنصر في شارع النهر مقابل غرفة تجارة بغداد والقريب جدا من اسواق وخانات الخزن في الشورجة القديمة والسوق العربي . وتشير المعلومات الى ان احد اهم اسبابه إهمال النزلاء ، وقد تكون الفوضى وعدم الالتزام بشروط وقواعد السلامة المهنية اسباب اخرى لاندلاع الحرائق. كلنا يتذكر ما سببه حريق عمارة الكناني الخاصة بالملابس في السادس من تشرين الثاني الحالي من حالة قلق وترويع للبغداديين.. الحريق نغص فرحة العيد بما خلفه من اصابات بلغت 26 مصابا بحروق واختناقات وكسور ورضوض كان بعضها بليغاً. وترجح مصادر امنية سبب الحريق المنافسة بين التجار.. وعزز ذلك قول شهود عيان بأنهم سمعوا اصوات اربعة انفجارت لعبوات ناسفة قبل حدوث الحريق بدقائق.
في وقتها قال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا: ان الحريق الذي اندلع في سوق الشورجة ( عمارة الكناني ) كان بسبب انفجار مولدة كهربائية ضخمة، مبينا ان الحادث لم يسفر عن وقوع خسائر بشرية وان المصابين بحروق كانوا 26 مصابا وقد ظلت النيران مشتعلة في العمارة طوال يومين . واضاف عطا ان سيارات الاطفاء التابعة للدفاع المدني استطاعت اخماد النيران ، فيما أكدت الانباء أن حريق هذه العمارة في الشورجة ناجم عن عمل تخريبي وانه كان بفعل فاعل !
وكان سوق الشورجة وسط بغداد، قد شهد خلال السنوات الماضية العديد من الحرائق كانت غالبيتها بحسب الدوائر المتخصصة ناجمة عن قدم البنايات والتماس الكهربائي، فيما ترجح مصادر امنية أن تكون الحرائق بسبب الاسلاك الكهربائية المتدلية وقدمها وعدم الالتزام بشروط السلامة المهنية .
تماس كهربائي
ومع ملاحظة تسجيل اسباب اغلب الحرائق في اسواق الشورجة على انها تماس كهربائي وان قوى الدفاع المدني والاجهزة الامنية تمكنت من السيطرة عليها لكن الحقائق تشير الى غير ذلك كما رواها لنا اصحاب المحال والتجار في الشورجة . فعن الحريق الذي حدث بتاريخ 4 / 11 الذي اندلع في احد اسواق الشورجة ببغداد بعد ظهر يوم الأحد الموافق 4 تشرين الثاني اشارت مصادرامنية ان اندلاع الحريق كان سببه تماس كهربائي نتيجة خطأ في الربط"، مشيراً الى ان "اندلاع الحريق تركز في مخزن للقرطاسية ولعب الاطفال. في حين اكد شهود عيان تواجدوا في موقع السوق أن الحريق يثير الكثير من التساؤلات، فالحريق أندلع بالتزامن مع بداية العام الدراسي الجديد وأقتصر على المحال التجارية التي تبيع القرطاسية ولعب الأطفال والأدوات المرتبطة بالدراسة وهو ما يدعو للقول أن هناك جهات متنفذة تعمدت اشعال هذا الحريق لترفع أسعار هذه المواد أو تغطي على فساد يرتبط بها. واستغرب شهود العيان أدعاء الأجهزة الأمنية بسرعة أن أسباب الحريق هو تماس كهربائي من دون أن تنتظر حتى استكمال التحقيقات في هذا الأمر.
خسائر بمليارات الدنانير
لم يكن يتصور ابو حيدر (43عاماً) الذي يعتبر من ابرز تجار عمارة الكناني ان يقضي ايام العيد في المستشفى إثر تعرضه الى جلطة قلبية كادت تؤدي بحياته لسماعه نبأ حريق نشب في عمارة الكناني اكبر العمارات في سوق الشورجة بعد ان كانت خسارته قد بلغت مليارات الدنانير .
ولدى زيارتنا لمنطقة الحادث سمعنا قصصا عجيبة غريبة لم تصل بعد الى وسائل الاعلام منها ان رجال الجيش قد منعوا دخول سيارات الحريق الى مكان الحادث..
وقال احد باعة ( الجنبر ) ان السيطرات المتواجدة على امتداد الشارع المؤدي الى السوق قد دخلت في جدال و( أخذ و ردّ ) وتعالت الصرخات وامتزجت مع استغاثة اصحاب المحال التي التهمت النيران مخزونها من البضائع ، إلا ان رجال الجيش لم يفتحوا الطريق لسيارات الدفاع المدني إلا بعد تلقيهم الاوامر عبر اجهزة الاتصالات ،وهذا بطبيعة الحال يستغرق وقتاً استمر لمدة اكثر من ساعة ، فالتهمت النيران البضائع وبذا خسر الجميع الكثير وبذا فان التجاهل لقيمة الوقت في هكذا حالات اضاع ثروات تقدر بالملايين وان الدقيقة تعني انقاذ الملايين منها .
صاحب جنبر آخر قال: حدث الحريق عند الظهيرة وهو وقت الذروة لدى السوق وكان اليوم هو يوم عرفات وبداية فصل الشتاء وتزامن ايضا بداية العام الدراسي وكان السوق مكتظاً ومزدحماً بالمتبضعين وسمعنا صوت انفجارات اعقبها حريق هائل شب في عمارة الكناني وفي الطوابق الارضية منها حيث المخازن ، وكانت ألسِنة اللهب تلتهم وبسرعة مذهلة كل ما امامها خاصة وان الملابس القطنية والصوفية ، كما هو معلوم سريعة الحريق وهي ملفوفة باكياس النايلون وورق السليفون وصناديق الكارتون وكل هذه ا لمواد سريعة الاشتعال .. ابو زينب صاحب جنبر هو الاخر كان يبيع ( الجواريب والكولون النسائي ) قال انه خسر كل ما لديه من بضاعة سواء كانت في المحل او في المخزن في عمارة الكناني وان خسارته تقدر بـ600 مليون دينار ، احد اصحاب محل ملابس الاطفال اكد ان النيران قد اتت على كل بضاعته في المحل وفي مخزن في عمارة الكناني حيث يخزن الجميع ما تردهم من بضاعة في سردابه وان خسارته تقدّر بمليار دينار وكلها ديون لم تسدد بعد . ويتساءل مَن يعوض اصحاب تلك البضائع وهي رأسمالهم لا سيما وان التامين على البضائع اسلوب لم يعرفه اغلب تجار الشورجة ؟
صاحب محل للحلويات قال: ان احد المصابين بحروق قد فارق الحياة في ثالث ايام عيد الاضحى فاي عيد عاشته عائلته تلك ؟ اما صاحب محل لبيع النايلون فقد اكد انه استورد بضاعة متنوعة من مادة النايلون بطريق الدفع بالآجل واحيانا على التصريف وان النيران قد التهمت كل بضاعته وهو حائر كيف يسدد اثمانها بعد ان فقد كل شيء ويفكر ان يبيع بيته لتسديد ما بذمته من ديون التي تقدر بلميارات الدنانير؟
صاحب محل لبيع البلاستك اكد ان مخزن البلاستك قد التهمته النيران ، ويطالب بالتعويض ولو لجزء يسير او مبلغ مقطوعا لأصحاب المحال التي تضررت ويؤكد ان البلد غني لكنه بخيل على ابنائه ..
وتضاربت الانباء الصادرة عن وزارة الداخلية وعمليات بغداد ، فقد اوردت وزارة الداخلية خبرا ان عدد المصابين 12 فيما قال خبر آخر ان عدد المصابين 14 مصاباً وقتيلا واحدا الا ان اللواء قاسم عطا قائد عمليات بغداد قد ظهر على شاشة التلفاز واكد ان الحريق بفعل فاعل نافيا حدوث انفجارت وان الحادث لم يسفر عن وفاة احد ، بل ان المصابين جراء الحروق والاختناقات كان بحدود 26 مصابا نقلوا الى المستشفى اصابة بعضهم خفيفة .
وقال مصدرفي وزارة الداخلية ان الحريق كان بسبب التماس كهربائي وقد تسبب بأضرار كبيرة في المحال التجارية وخاصة البلاستيكية منها .
وأضاف أن "مديرية الدفاع المدني أرسلت 13 سيارة إطفاء لإخماد الحريق الذي انتشر بشكل سريع وتسبب بغلق جميع المحال في سوق الشورجة وقطع التيار الكهربائي عن السوق .
تردّي الوضع الأمني
عن حرائق الشورجة المتتالية ومن يقف وراءها وخاصة حريق عمارة الكناني اكد عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية شوان محمد طه ان العراق يعاني مشاكل امنية وخدمية واقتصادية كثيرة ومتنوعة ،بل حتى المستوى المعيشي نجده دون المستوى المطلوب ، فتردي الوضع الامني اهم سبب تلك الحرائق ، وهو جزء من مشاكلنا فالشورجة مركز تجاري كبير وكان من المفروض ان يُضرب طوق من الامن حولها هذا اذا كان الحريق بفعل فاعل ، اما اذا كان بسبب تماس كهربائي فالكهرباء مشكلة لم تستطع الحكومات المتعاقبة حلها وصارت لغزا محيرا ، فمن يتحمل مسؤولية ذلك الحريق ،هل هو الخلل في الكهرباء ام في الامن ام الاستقرار السياسي ؟ فكلنا يعلم ان البلد يعاني من عدم استقرار سياسي لذا نجد الامور كلها متشابكة فالانسان العراقي في كل الاحوال غير مؤمن على حياته او ماله ، الامن لا يعني فقط غلق الطرق بل يعني معيشة الفرد ، امننا مهدد ووسائل الحفاظ على الامن ليس بالامر السهل وأجد ان حريق الكناني ناجم عن تردي الوضع الامني بصورة عامة .
أما مدير عام الدفاع المدني اللواء الدكتور عبد اللطيف عبد الكريم مزهر الذي التقيناه فقد اكد عدم وجود حرائق كثيرة في منطقة الشورجة ما عدا التي حدثت في الآونة الاخيرة والتي يقف وراءها الربط العشوائي للاسلاك الكهربائية ووجود المولدات واسلاكها المتشابكة والمربوطة بشكل غير نظامي وربط بعضها على التيار الوطني والتجاوزات على التيار مع قدم تلك الاسلاك ، كما ان موضوعاً آخر يقف كسبب لتلك الحرائق وهي الاجهزة الكهربائية غير المضمونة وغير المفحوصة التي دخلت الى العراق منذ عام 2003 ، بل وحتى قبل 2003 لذا كان التماس الكهربائي يعطينا الرقم الاعلى في الحرائق الناشبة ، اضافة الى ان الزخم المروري يقف في اغلب الاحيان عائقا امام وصولنا السريع الى مكان الحادث مع ان لدينا تسهيلات عديدة منها الدخول عكس السير الى مكان الحادث اذا ما اقتضى الامر.اما عن عدم الوصول الى مكان الحادث بالسرعة المطلوبة كما اشار شاهد عيان فقد اكد اللواء مزهر ان احداً لم يُبلغ عن الحادث لا هاتفيا ولا شخصيا ، بل ان مديرمرور قاطع الرصافة الذي صادف مروره من هناك وشاهد النار ارسل احد ضباطه الى مركزالدفاع المدني القريب من الشورجة . واشار اللواء مزهر انه طوال خدمته في الدفاع المدني البالغة 36 سنة لم يشهد حادثا مروعا كما شهد حريق عمارة الكناني ، و نفى ان تكون هناك وفيات في الحادث بل ان عدد المصابين كان 26 مصابا بعض الاصابات كانت بالغة الخطورة ، وكانت معوقات عملية الاطفاء كبيرة جدا الا ان الجهد الهندسي لعمليات بغداد مشكورة قد ساعدنا كثيرا حيث قطع لنا الطريق بحواجز وساعدنا في الوصول الى مكان الحادث ، علماً ان النيران قد التهمت 60% من عمارة الكناني ، واستطعنا حماية 30% من البناية الظاهرة ، اما عن وجود عبوات ناسفة في مكان الحادث فلا نستطيع تاكيد وجودها .
وعن آخر حوادث الحريق اشار اللواء مزهر الى ان فندقا يقع في شارع النهر وهو بناية قديمة تقع مقابل غرفة تجارة بغداد قد تعرض للحريق بسبب اهمال غير متعمد من قبل النزلاء كما ان البناية قديمة ومغلفة بالخشب القديم الذي سرعان ما التهمته النيران الا ان المبنى لم يتضرر كثيرا كما لم يسفر الحادث عن خسائر بشرية ، وقد بذلنا جهدا كبيرا في اخماد النيران لقرب الحادث من مبنى البنك المركزي والمصارف الاخرى .
واشار العميد كاظم بشير صالح من مديرية الدفاع المدني ان حريق عمارة الكناني حدث في الساعة الثانية ظهرا وفي ذروة الزحام كما ان تواجد الباعة المتجولين في السوق وكثرة ( الجنابر ) قد اعاق عملنا حيث تمزقت بعض خراطيم المياه بسبب وجود ( المسامير ) وحافات الحديد الحادة التي تربط اجزاء الجنبر ، الا اننا استطعنا السيطرة على مكان الحادث وحصر النيران ومنعها من الامتداد الى الفرع المؤدي الى البنك المر كزي ، وفي اليوم الثاني كانت الرياح سريعة ما جعل قطع الكارتون المشتعلة تتطاير و تتساقط على السوق لكننا وقفنا بصددها وكنا نطفؤها قبل ان تصل الى الارض وقد استمرت عملية الاطفاء 14 ساعة .
وعما قاله شاهد عيان من ان رجال الجيش منعوا وصول فرق الاطفاء الى مكان الحادث بالسرعة المطلوبة اكد العميد مزهر ما اورده شاهد العيان ، وقال: صحيح ان رجال الجيش والسيطرات قد منعت الوصول الى المكان بالسرعة المطلوبة ، اما عن نتائج التحقيق فقد اشار العميد صالح الى ان النتائج لم تعلن بعد .
ويظل السؤال مطروحا من قبل المواطن وهو: لماذا لم تعلن نتائج التحقيق ليس في حوادث الحريق فقط ، بل اغلب حوادث الارهاب والاغتيالات ، ويظل السبب والفاعل في طي الكتمان ولا أحد يعرف لماذا ؟!
المصدر:المدى