مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الإعلام والأمل الموعود- الناقد عقيل هاشم الزبيدي
Sun, 20 Nov 2011 الساعة : 10:54

صدر عن دار المعمورة في بغداد كتاب(الإعلام والأمل الموعود) للأديب والباحث"صباح محسن كاظم"؛ وهو ضمن إصدارات الهيئة الثقافية العليا لمكتب السيد الشهيد الصدر-قدس سره- الكتاب ب6 فصول و 3 مباحث.تناول بدراسته الاريكولوجية النصوص الثلاث المقدسة(التوراتي والانجيلي والقرآني) في الامام المهدي –عليه السلام- مع دور الإعلام ووظيفته في عصر العولمة والإنتشار الكبير للمرئيات والمطبوعات؛ وحوار الحضارات والأديان؛ والأستشراق.
إستطاع الكاتب" صباح محسن" منذ زمن ليس بالقصير تبني مشروع الحفر في ماهيات الفكر الديني المعاصر وتبني المقاربات الحديثة في الثقافة العراقية.
وبالرغم من التلكؤ في الخوض به من قبل كتابنا في الكتابة الخاضعة إلى توازن معرفي يستجيب لجملة عوامل ،وعناصر تاريخية، ومحددات سوسيوثقافية، وبالإجمال كانت تستجيب لعوائق ابستمولوجية تخص نشأة الثقافة العراقية بشكل متوازن(الاسلاموي،والماركسي،والعلماني..إلخ) وخصائص بنائها ومميزات مشروعها منذ العشرينات من هذا القرن، وكانت تستجيب للسمات التميزية للخطاب المؤسس والمكون للبنية الفكرية والثقافية العراقية، أكثر من إستجابتها للمحددات،والعوامل الخارجية الطارئة الخاصة بعقد الثمانينيات في العراق والظروف الخاصة بالحرب ،وقد ساهم بإستبعادها على نحو منظم ومدروس من-الدكتاتورية-
وفرض عليها نوعاً من الخرس التام. ساهم بإنتاجه لخطاب وفكر مؤدلج يتماهى مع عقيدته الشوفينية وتخلفه الفكري والعقائدي وانساق الجميع إلا- ماندر- مع هذا التوجه.وقد ساهم هذا المسعى بتطور خلاق للسوسيوثقافي ،وإنتاج خطاب الخطاب خاضع لمشكلاته(الحروب)،خاضع لعلاقاته، ولإنتظامه الداخلي حيث ترافق هذه العملية نقل طرائق الإنتاج الأدبي، وإعادة الإنتاج الغربي داخل الثقافة العربية، لقد كان لهذه التمثلات الخطابية الثقافية، تركيز أكبر على ذاتها،وذلك بسبب خضوع صلتها مع ثقافة الآخر إلى التداعيات السياسية والأيديولوجية ، وبسبب إقترانها بعلاقة صراع وإخضاع،مع المنتج الأصلي ولذلك عمدت على إخضاع العلاقة المباشرة بين الخطاب الأيديولوجي الحقيقي الذي ساهم بنشأ تها وظهورها والخطاب العقائدي إسلامياً، وهي الشبكة الخطابية التي تربط بين خطاب القوة والسلطة(على حد تعبير إدوارد سعيد) وبين حقول المعرفة الخالصة ، الحقول العلمية التي تتمظهر بشكل مستقل عن لحظة الإنتاج الحقيقية،والغائية المباشرة لهذا الإنتاج، واحدة من هذه المراكز المولدة للثقافة العربية،إنما كانت تستقبل الثقافة القادمة من المراكز الثقافية العربية، وتعيد إنتاجها بشكل ممتاز،هذه المراكز التي كانت على التعاقب ذات أهداف ايديولوجية.
لذلك إستطاع الباحث"صباح محسن كاظم" الكشف بل تسليط الضوء على تلك المظاهر وإيجاد مقارنات فقهية وثقافية في مؤلفاته، كان النظام يتسترعلى الثقافة الحقيقية خشية فضح ماكان يخفيه ويعتم عليه فكرياً وإتسمت الكتابات المنشورة بالابتعاد عن جوهر الفكر الحقيقي ،وكذلك كيفية مجابهة ظهور الخطاب الإعلامي ذات السياق بالقمع المعلن ،وغلق الكثير من المنشورات اليومية من صحف ومجلات وكتب مدرسية في المدارس والجامعات والمكتبات العامة ،بل حتى في المدارس الدينية(الحوزة) كتبرير للإرهاب الفكري الخارجي والداعم إلى تعكير المشروع القومي،وكنوعاً من الإرتيابية المنكرة والتبريرات المغرضة والعبارات الغامضة لشله من قبل-الدكتاتورية- خشية الخوض به كي لايحصل التصادم بين الفكرين العلماني-البعثي- والاسلامي الحقيقي وخاصة آبان الحرب بين البلدين المسلمين؛وكانت على الدوام محاولات تشي بمنع غير معلن ،وطعن،وتهميش مفضوح، وعزل قسري للثقافة والفكر الاسلامي؛وبعد زوال الاستبداد أعاد المثقف العراقي صياغة منظومة الفكر وفق القيم والمفاهيم الصحيحة بكل الإتجاهات ومنها هذا الكتاب في إطروحته الحديثة عن الإعلام الأسلامي ؛ كما ورد بمقدمة الطبعة الاولى للدكتور سلمان عبد الواحد ((ولعل ّ تأثير سلاح الإعلام أشملُ وأكثرً فتكاً لأنه يتجاوز ميادين الصراع الفكرية الاستعمارية إلى أن يكون زمناً إعلامياً معلوماتياً،فإننا سنجدُ أنفسنا أمام ملامح لواقع جديد استثنائي جداً في تقييمه لأهمية الدور الاعلاميّ.....))
لهذا كله،بات التأ سيس لمشروع إعلاميّ إسلاميّ رصين، يقلل من فداحة الآثار التي تفرزها حروب الآخرين المستمرة ضدَ الاسلام عقيدةً وسلوكاً ومباديءً لقد شرح "الباحث"في طبعته الاولى من كتابه الرؤية الاسلامية لدورالإعلام المتبني لكشف المؤامرات المتلاحقة سراً وعلانيةً التي تحيط بالعالم بعالمنا الاسلامي وصميم ثوابته ؛وكذلك كيفية توظيف الإعلام الجاد والفن الهادف للإصلاح؛والتركيز في حوار الاديان والحضارات وفق المشترك الديني –الأمل المنتظر-؛فيما إنصب جهد "المؤلف"على جانب عقائدي صرف هو الأمل المعقود على ظهور المصلح العالمي كما ورد بالكتب السماوية أو آراء معظم المفكرين ؛مع وجود المشترك الديني بكل العقائد ؛أما الإختلاف لايتعدى في أعقد حالاته وجوده الحالي"سلام الله عليه"أولادته في حين وأوان قادمين.
وكما كتب د-سلمان :
((القراءة في هذا الكتاب تحول الفكرة،فكرة الامام المهدي-عليه السلام- من مجرد فكرة مؤجلة محاطة بالغيب،الى ممارسة عملية إعلامية.والاعلام هنا يرتقي على معناه التقليدي المني،الى معناه العام الذي يهيء الفرصة لكل"منتظر" للإعراب عن إنتظاره بطريقة إيجابية ،تحدده بسلوك واضح بدل العشوائية السلوكية أو الفكرية.جهد جبار بذله الاستاذ صباح محسن كاظم،فاستحق بجدارة هذا الشكر والثناء....))..ثمة تنظير وتأسيس في هذا "الكتاب" نحو الإعلام الجاد من أجل الحقيقة وليس المراء.