انتهاء حرب البسوس..واستمرار حرب الكهرباء -عبدالرزاق العبودي-الشطره
Thu, 19 May 2011 الساعة : 10:18

قبل اكثر من سنتين تناولنا هذا الامر من خلال موضوع نشرنا ه في جريدة الصباح وعدد من المواقع الالكترونيه وتحت عنوان(حرب البسوس وحرب الكهرباء) ، حيث شبهنا موضوع الكهرباء في العراق بحرب البسوس التي استغرقت (40) عاما وتعرضنا في حينه لمديح البعض وذم أخرين واستياء من يعنيهم الامر والذين اعتبروه تسقيطا او اهانة او تجاوز ونحن لم نقصد ذلك ابدا، الا اننا كنا ولازلنا نؤكد بان ماقلناه هو الصحيح وقد اتبتت الوقائع والقرائن والادلة ذلك وان هدفنا هو توضيح بعض الحقائق ليس الا.
وهانحن نعود اليوم لندلو بدلونا من جديد من خلال وجهة نظر اخرى لكنها تبدو اكثر تشاؤما من السابق وكما سترون،ففي اعتقادنا القاصر نرى بان العراق بعد ان خرج من كل الحروب الفعلية بالنتائج المعروفة لديكم بدا الان يخوض حربا تسمى حرب الكهرباء وشواهد ذلك كثيرة كما سيتضح لاحقا.
الكهرباء هي عصب الحياة ويمكن تشبيهها بالعمود الفقري للبشر ، والذي لايمكنه الاستغناء عنه في اية لحظة فهو من الثوابت التي لايمكن للانسان ان يعيش بدونها ،واستميحكم عذرا ان قلت بان لاحياة بلا كهرباء، فالكل يعلم بان الماءلايصلح للشرب بدون الكهرباء وكذلك الحال بالنسبة للاكل والملبس والدواء واخيرا فالكهرباء تصنع الضوء الذي يكسر الظلام وهي مصدر تكييف الهواء الذي يزيد الحياة بهجة وسرورا.
ان وجود الكهرباء في أي مجتمع من المعمورة هو امر طبيعي جدا ، فهي موجودة في الصومال كوجودها في امريكا وروسيا وفرنسا وهي موجودة في انغولا وبتسوانا وموزمبيق كوجودها في الصين واليابان مثلا ، الا ان وجودها في العراق مختلف تما ما وان كان يصح ان نقول بانها لاتوجد بالمعنى الحقيقي للوجود ، ولله درك في ذلك ياشعبنا المسكين وله المشتكى وهو نعم المولى ونعم النصير .
لقد اضحى العراق وهو على اعتاب القرن الحادي والعشرين اسوء من مجاهل افريقيا (مع الاعتذارلاخواننا الافارقه ) بكثير ، فبعد ان خرجنا للتو من عنق الزجاجة اثر أخر الحروب المدمرة وهي حرب ضروس اتت على الاخضر واليابس معا حيث القصف الجوي بالطائرات التي حملت الينا بشائر الخير بالصواريخ المعبئة باليورانيوم المنضب والذي لازال ينخر عظامنا بالامراض السرطانيه اضافة للصواريخ المقذوفة عن بعد والتي تسقط عشوائيا وحسب ماتشاء، ثم كانت الخاتمة وهي الاجتياح العسكري والاحتلال الكامل للبلد الذي افقده سيادته والذي لازلنا نأن تحت وطأته لحد الان ولازالت المؤامرة مستمرة، اقول بعد هذا كله ماذا تم بشأن توفير الكهرباء للمواطن العراقي اسوة ببقية البشر في هذه المعمورة ياناس؟
لنبدأ الان بمناقشة الامر من خلال مكاشفة صريحة ومسؤولة بعيدا عن التعصب والانفعال وذلك من اجل وضع النقاط على الحروف وايجاد المخرج او الحل المناسب لهذه المعضلة الشائكة، فالعراق وكما يعلم الجميع لاينقصه شيء والحمد لله ، فهو اولا يزخر بالكفاءات العلمية المتميزة اضافة الى انه يمتلك احتياطات نفطية هائلة امابعد فلديه القدرة الماليه الكبيرة لشراء وبناء محطات الكهرباء ، اذن مالسبب ياترى؟ والجواب وببساطة يرجع الى جملة من الاسباب التي ياتي في مقدمتها الفساد الاداري المستشري في اعلى المستويات ومن ثم سوء التخطيط والتخبط بل وحتى قد يصل الامر الى حد التامر اذاصح التعبير ، فمنذ سقوط الصنم في 9 نيسان 2003م والباب مفتوح على مصراعية لاستيراد مختلف انواع الاجهزة الكهربائية التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة الكهربائيه وبدون ضوابط ( العراق يعاني اصلا من نقص كبير فيها )الامر الذي يزيد من الحاجة التوليديه ويقابله في الطرف الاخر قدم محطات التوليد القائمة وعدم بناء محطات جديدة لاستيعاب هذه الزيادة بل ان كبار المسؤولين في البلد وبالذات المعنيين بالامر منهم يتفرجون وكان الامر لايعنيهم .
عندما يبتدا فصل الصيف من كل عام تزداد معه المعاناة ويتضح الخلل وتنكشف الاسرار ويبدأ تبرير المسؤولين للامر فتساق الاعذار الكاذبه وتفوح رائحة الفساد ويبدا اللوم والطعن فيما بين المتنفذين باجهزة الدولة ويعزى السبب لهذا المسؤول او ذاك ، لكننا لم نسمع يوما بانه تم محاسبة وسجن وحتى اعدام فلان لانه تسبب في ايذاء العراقيين اللهم الا اذا استثنينا استقالة وزير الكهرباء السابق كريم وحيد وذهابه الى امريكا معززا مكرما ملتحقا بالوزير الاسبق ايهم السامرائي الذي سبقه اليها وبدون محاسبة او اجراء ، بعد ان رتب الامريكان عملية هروبه من السجن لانه يحمل الجنسية الامريكية وقيد الامر ضد مجهول ، والسوال المنطقي الذي يمكن ان يقال هنا هو لماذا يحتمي الوزراء بامريكا بالذات ؟ ولماذا تقبل هي بذلك بل وتدافع عنهم ؟ ويمكنكم استنتاج الجواب وبسرعه فاذا عرفتم السبب بطل العجب!
يقول الشاعر :-
بلادي وان جارت عليه عزيزة وقومي وان شحوا عليه كرام
ويفهم هذا القول كل من ارتوى من نبع ماء دجلة والفرات ويعرفه الذي اكل خبز تنور الطين بتلذذ و من تناول وبشهية المسموطة والباجة او من كان البني والخشني والكطان المشوية ببقايا نار الموقدالمعفرة بالرماد وليمته المفضلة مع الاصدقاء ، اما من تنكر لوطنه وباع نفسه للاجنبي وتجنس بجنسيته فلا عيب عنده ولا لوم عليه عندما يسرق او يبيع بلده للغير لانه رغب في غيره ملاذا له والحال هذه تنطبق على كل الفاسدين الذين لازالوا يواصلون سرقة قوت الشعب بشتى الطرق وابخس الاساليب واكثرها خسة ونذاله.
ولكي لااطيل الكلام وبغية اعطاء مبرر معقول لما قلناه باستمرارحرب الكهرباء وبلا هواده دعونا الان وبعد هذه السنين العجاف نعرج على توجيه سؤال منطقي ومعقول للسيد وزير الكهرباء والذي يستلم اوامره من نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة والسوال هو :- ماهي قدرتكم التوليديه ولماذا هذا النقص الكبير في التوليد؟ مالذي يؤخركم عن بناء محطات جديدة ؟ ماهي اسباب التدني والتلكؤء وانعدام التخطيط؟ وقائمة الاسئلة تطول وبدون جواب......واخيرا يأتينا الجواب بانها معضلة ليس لها حل ، وانا بدوري اقول وبصراحه انها مؤامرة مركبة وان حلولها معقده .
لنعد قليلا الى الوراء ونسال السيد الشهرستاني الذي كان وزيرا للكهرباء بعد كريم وحيد ونقول له:-بأي حق تكرم الوزير الذي ارغمته الجماهير على الاستقالة لانه اذاقها الذل والهوان؟ وبماذا تفسر ذلك وانت الذي تتحمل معه المسؤلية باعتبارك وزيرا للنفط ؟ هل كان سبب منحك السعفة الذهبية له بسبب صرفه مبلغ 22 مليار دولار امريكي بدون ان يزيد في المنظومة شيئا ؟ اتعتقد بانه صرفها على صبغ اعمدة الكهرباء مثلا او انه لطشها لنفسه ولهذا تكرمه لشطارته في الصرف سوال لانعتقد ان له جواب؟
لقد حيرتني يارجل وهي فعلا معضلة ليس لها حل مادمت انت وامثالك يتولى امرها. ولنعد قليلا الى الوراء ونتناول الموضوع من جانب اخر فبالامس وفي تصريح نقلناه عنك وتناقلته كل وسائل الاعلام العربية والعالميه عندما كنت وزيرا للنفط ، قلت وبالحرف الواحد بان ذي قار ستكون محافظة نفطية في عام 2006م وان وزارتكم ستنشا مصفى الناصرية العملاق والذي ينتج 300الف برميل يوميا وان انتاجه من البنزين فقط هو(14) مليون لتر وهو يكفي العراق ويمكنه من التصدير للخارج الا اننا الان في منتصف العام2011 م ولم يتحقق شيْ مما ذكراعلاه والذي كان مؤملا ان يشغل الاف البشر من العمال والفنيين والمهندسين من العاطلين عن العمل ويوقف استيراداتنا للمنتجات النفطية وبالعملة الصعبه، اليس من حقنا ان نتسائل وانت الان في منصب اعلى وبامكانك عمل كل شيْ .
وبالعودة الى صلب الموضوع نسال جناب السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقةهل صحيح مايقال بانك امرت بان تخفض حصة ذي قار ( المحافظة المجاهدة المظلومة) من الطاقة من (480) ميكاواط الى (300) ميكا واط فقط مما يعني خمسة ساعات اطفاء مقابل ساعة توليد واحده وهذا الامر ان طبق فهو اجحاف وظلم وتعد كبير على ابناء هذه المحافظة التي تعد ثالث اكبر محافظة من حيث عدد السكان اذا استثنينا العاصمة بغداد ؟.
هل يمكن وبعد هذه السنين ان تتحول الامور من سيء الى اسوء ؟الا تعتقد ياسيدي بان هذا ان صح فهو مدعاة للسخرية وانتقاص من قيمة البشر وانسانيته فنحن وبعد هذا الانتظار الطويل نتوصل لهذه النتيجة المأساوية التي لاترضي احدا، اننا نستغرب ذلك ايما استغراب ولايمكن ان نقبله مهما كانت المبررات والاسباب،وهو امر يجعلنا نعود بخفي حنين ويحق لنا في هذه الحالة ان نقول بانطباق المثل الشعبي الدارج (صلوات وعلى البركه ..... حبلت او جابت تنكه) اونتمثل بالمثل الشعبي الذي يقول ( رادله كرون ..او كصوا اذانه).
انه لامر معيب فعلا ان تصل الامور الى هذه الغاية واقول لك ايها السيد المحترم والذي عرفناك مجاهدا وسكنت الزنزانة مع احد ابناء ذي قار والذي اصدر عنك كراسا يحمل صورتك واياه ونحن لانشك في ذلك ، ايجوز لك بعد ان تسلمت ارفع المناصب ان توجه هذه الاهانة لرفيقك وشريكك في الزنزانة ولمحافظته معا ؟ ان اردت مشورتي فانا اقترح عليك ان تتحول الى وزارة مقاربة لاختصاصك او ان تكون وزيرا للاعلام لان اقوالك اكثر من افعالك او تستقسيل وهو الافضل لك !َ! وانا اتسائل ومن حقي ذلك :- ترى هل ان حرب الكهرباء ستسمر فعلا والى متى وكم ستكون اطول من حرب البسوس؟ سؤال بحاجة الى جواب واضح ونحن نصبر بانتظار الفرج والله المستعان.