تفكك منظومة القيم في واقعنا المعاصر-عصام الطائي

Sun, 13 Nov 2011 الساعة : 11:26

تتشكل منظومة القيم لدى المجتمعاعات نتيجة لتفاعلات كثيرة فتظهر قيم راقية يجعل الأمة تعيش حالة من الانجسام والتماسك والتناغم فيما بين أبناءها وهذه تكون بمثابة أسس ومواثيق في البناء الاجتماعي فيجعل الافتخار والاعتزاز والمحبة لتلك القيم العليا الا ان نتيجة المحن والشدائد والنكبات قد يحصل تصدع لتلك القيم العليا مما يتسبب بتفكيك تلك المنظومة القيمية فيشعر الجميع بالأسى والحزن والتعاسة لفقدان هذه المنظومة القيمية وهذا ما يحصل في العراق والبلدان العربية وبلدان العالم.

الا انه في نفس الوقت قد تتشكل قيم أخرى يجعل الكثير يتعامل معها على انها في كثير الأحيان تتصف هذه القيم بالهبوط والانحدار والسقوط فيحصل تخلف في العلاقات الإنسانية فتسوء الأخلاق وتنحدر الأخلاقيات وتتبدل القيم فيظهر جيل جديد يتصرف بتصرفات غير مقبولة من الناحية الأخلاقية والتربوية والاجتماعية.

والأمثلة كثيرة على ذلك الهبوط والانحدار والسقوط ففي العائلة نجد ان القيمومة والقيادة بيد الوالدين الا انه قد أضحت تضعف سلطة الوالدين مقابل صعود سلطة الأبناء وأضحت تنافس سلطة الوالدين هذا مما سبب ظهور مشاكل كثيرة وأهمها أضحى الأبناء يمارسون كثير من الأفعال ولا تكون للوالدين القدرة على التحكم في سلوك أبناءهم بل قد يصل الانحدار والسقوط في الوالدين انفسهما حيث انهم قد يدفعون أبناءهم لارتكاب أفعال مشينة وتكون بعض الأحيان تصرفاتهم أتعس من تصرفات الابناءوقد نجد التصرفات السلبية تكون أمام مسمع الوالدين ولكن لم تكن القدرة للوالدين من تهذيب تلك السلوكيات ونجد أحدى مظاهر العولمة انه أضحت وسائل التأثير تؤثر على سلوك الأبناء أكثر من جانب مما يضعف فاعلية الأباء والأمهات خصوصا مع ضعف شخصية الأباء والأمهات.

والمشكلة الأخرى التي تعاني منها كثير من المجتمعات هي مشكلة الطلاق خصوصا مع الضغوط الكثير لمتطلبات الحياة وصعوبة وتعقيد الحياة الاجتماعية فقد سبب الى ظهور ظاهرة الطلاق بكثرة خصوصا مع وجود طموحات كثيرة لدى الزوجة وقد لا تكن للزوج القدرة على توفيرها وان طبيعة الحياة المادية السائدة بكل ما تحمل من وسائل ضغط قوية مع فقدان عنصر التضحية من قبل الزوج او الزوجة بالإضافة الى ضعف منظومة القيم وقدأضحت تلبية الرغبات الشغل الشاغل للزوج او للزوجة مما جعل تعرض كيان الأسرة الى التفكك مما سبب مشاكل وأزمات انعكست على المجتمع بصورة سلبية بل نجد سمة الإنسان المعاصر هي الإفراط في تلبية رغباته بأي وسيلة كانت مشروعة او غير مشروعة حتى لو تسبب بظلم الأخرين.

ومن مظاهر انهيار مستوى القيم نجد الفساد المالي والإداري والسياسي والأخلاقي على مستوى النخبة التي كان من المفروض أن تكون لها القدوة في التمسك بمنظومة القيم والتي أضحت تتسابق في فسادها المالي والإداري والسياسي والأخلاقي هذا مما سبب اعاقة لكثير من الإنجازات التي كانت يجب ان تتحقق للمجتمع وقد أضحى الذي لا يسرق هو الشاذ عن الطريق أما السارق هو الشخص المطلوب والمحبب والذي يجب ان يكرم وهذا بسبب انهيار منظومة القيم ولا يقتصر الفساد في عالمنا العربي والإسلامي بل في الدول الأوربية كاليونان وايطاليا والبرتغال وأسبانيا وان أهم أسباب الازمة الاقتصادية في تلك البلدان هو الفساد السياسي والمالي والادراي فاينما وجد الفساد وجد الظلم وكلما قل الفساد تححقق العدل.

وفي المجال التربوي هل يعقل بالرغم من الرواتب الجيدة للمدرسين فلا يجعل المدرس ان يتعب نفسه في ايصال المعلومات للطلاب بينما نجد يسعى باستخدام شتى الوسائل للحصول على اكبر عدد من الطلاب بعد الدوام كي يستفاد من الناحية المالية والشيء المحزن لا نجد أي قانون او رادع يقف بوجه من يساهم في تحقيق الارباح الغير مشروعة فقد يتعمد المدرس بترسيب الطلاب حتى يحصل على درس يدرس هذا الطالب او ذاك وهذا مما يسبب في افشال منظومة التعليم ونجد الطلاب لم يكتسبوا أي معلومات واقعية تفيدهم في حياتهم العملية علما ان أي امة لا يمكن ان تتقدم لو فشلت منظومة التربية والتعليم لذلك لا بد من وجود ضوابط قوية لمنع أي مدرس من تدريس أي مادة الا من خلال المعاهد وبخلاف ذلك يفصل المدرس مع الغرامات المالية والسجن.

وهكذا نجد الخلل في القيم حتى على مستوى الجانب الثقافي والفني ففي مجال الفن لا نجد في المسلسلات العراقية أي مضمون إنساني راقي بل قد نجد مثلا بدل من تخفيف من حالات مظاهر القتل من خلال ارتكاب الجرئم في الأجواء السائدة فنجد المسلسلات تعمل على تكريس جرائم القتل خصوصا على بعض القنوات الفضائية وكذلك لا نجد في المسرحيات أي مضمون تربوي بل مجرد إضحاك لأجل الإضحاك فقط فتحول الممثل المسرحي الى مهرج وليس ممثل يحمل رسالة إنسانية للتغير وللإصلاح هذا بالإضافة الى مظاهر الصراخ في المسرحيات هو الوجه البارز فلا نجد في المسرحيات الا الهرج والمرج والصراخ فتجد الممثل يتكلف كثيرا في التمثيل بينما الممثل البارع عليه ان يكون طبيعيا لا يتكلف في التمثيل وهذا الضعف نجده في المسرح العربي على الوجه الغالب وكل هذا الخلل بسبب انهيار منظومة القيم.

وهكذا نجد مظاهر انهيار منظومة القيم في شتى مجالات الحياة بل حتى على مستوى رجال الدين الذي نجد البعض منهم قد جعل من كونه رجل الدين كمهنة يكتسب منها لا ان يكون مبلغ للرسالة فنجد الضعف في مظاهر السلوك في كثير من التصرفات السلبية لذلك لا يخلو أي جانب من جوانب الحياة الا ونجد انهيار للقيم وأضحى عالم الدين الحقيقي لا يجد له مكانا عند هؤلاء لأنهم قد احتكر هؤلاء كل شيء مما يجعل من الصعوبة ان تجد عالم الدين الحقيقي ان يساهم في عملية البناء.

ونجد في كل مجتمع من المجتمعات وجود مظاهر واضحة في انحدار القيم ففي بعض المجتمعات نجد اسلوب القدح والذم بالشخص بمجرد الذهاب عن الأخرين او تجد أسلوب الاستهزاء بالشخص بمجرد تكلمه بأي كلام لا يعجب هذا الشخص او ذاك حيث يتصور البعض انهم أفضل من غيرهم وتجد في مجتمعات أخرى اما وجود صفة الكذب حيث تكون واضحة او أسلوب الاحتيال والخداع والغش والنصب على الأخرين وهكذا نجد نسبة التفاوت في التخلف والأخر والتقدم عن القيم الرفيعة بين مجتمع وأخر ولكن على العموم تجد التخلف عن التمسك بتلك القيم العليااضحى سمة واضحة.

وان العودة الى الذات والى منظومة القيم الراقية لا تتحقق الا مع وجود الشخص المخلص وهذه عمله نادرة قد لا نجدها وحتى لو وجدت سوف لا تجد لها أي مجال تساهم في البناء والتي تساهم بتحقيق العدالة فالعدل والعدالة لا نجد لهما أي تطبيق بل نجد الصفة الغالبة هو الظلم فالكل يظلم فالصديق والأب والأم والأبناء والأقارب والمعلم والطبيب والمهندس والحاكم والسياسي والتاجر والعامل والفلاح وكل تشكليات المجتمع ترتكب الظلم بحق الأخرين لذلك نجد التعب واضح على الكثير لان الظلم يتعب الكثير والعدل يسعد الكثير فالمؤمن يتعب نفسه ليريح غيره وغير المؤمن يريح نفسه ويتعب غيره بل نجد من أدعياء الأيمان نفس الحالة من خلال ظلم الأخرين كالذي يجعل التدين وسيلة للابتزاز وتحقيق الأطماع الشخصية وان الفرق الحقيقي بين الإنسان المؤمن الحقيقي وغير المؤمن هو من ناحية طبيعة ومستوى الظلم وان التمسك بقيم السماء هي الوسيلة الأساسية للابتعاد عن الظلم وتحقيق العدل.

 

Share |