الحلاقة والملابس الجديدة و (الكليجة) والاهتمام بالفقراء
Sun, 6 Nov 2011 الساعة : 8:47

وكالات:
cاختزل العيد لدى الأولاد في منتصف القرن الماضي بالحلاقة وصلاة العيد والعيدية والمراجيح ، فيما تشارك البنات امهاتهن في تحضير الكليجة وكي الملابس الجديدة وتنظيف الدار وتعطيره لاستقبال المهنئين والمهنئات بمناسبة العيد.
هذه الطقوس لم تمت حتى الآن وتمارسها بيوتات أغلب العراقيين والبغادة خصوصا لانها متجذرة فيهم كقيم سامية لاترغب بمبارحة المجتمع وكتعبير عن فرح أزلي لقدوم العيد وادامة الروابط الاجتماعية وزرع الفرحـــــة على وجوه الأطفال والاقرباء والجيران .
شفرة الحلاق
يصف الحاج ابو نجم 61 عاما من منطقة النواب في الكاظمية عيد الاضحى بانه يبدأ بآهات وبكاء يطلقها الأطفال قرب الحلاق في يوم عرفة .
ويقول "ان حلاق المحلة كان يستخدم الآلات اليدوية البدائية القديمة في قص شعرنا الطويل ثم المقص والشفرة الحادة التي تدمي رقابنا بعد كل جلسة حلاقة تضاف اليها –الكولونيا- التي تلهب وجوهنا لدقائق، وانه لا يعرف غير تسريحتين الاولى نمرة أربعة والثانية الطاسة "،مبينا ان الحلاق كان نظيفا وكان يحب الأطفال ويقدم لنا بعد الانتهاء قطعة من الحلوى كي نعود اليه مرة اخرى، الا اننا لم نعد الا بامر من والدنا .
ويتذكر المعلم المتقاعد عبد الباسط ارزوقي من الفضل جلسات الانتظار في محل ابو ناظم الحلاق وكيف كانت تمر طويلة ايام الاعياد بحيث ان المحل يمتلئ بالاطفال ثم العراك والضجيج ما يجبر ابو ناظم من استخدام العصا للتهديد.
ويقول ارزوقي "كنا نتسابق على الحلاقة اولا قبل غيرنا لذا كنا نحضر الى محل ابو ناظم قبيل افتتاحه لنكون اول من يضع شفرته علينا ولنتمكن من اختيار نوع – الكولونيا – ورائحتها على وجوهنا"، مشيرا الى ان اجرة الحلاقة في الستينيات لم تكن تتجاوز 25 فلسا .
المراجيح
وبعد انتهاء صلاة العيد وزيارة الائمة والمقبرة يتسابق الأولاد على بيوت أعمامهم وأخوالهم للفوز بالعيدية وأكل الكليجة ثم الانطلاق الى المراجيح والتي هي عبارة عن قضبان من الخشب او الحديد صنعت لتكون أراجيح يدوية او دولاب هواء لايتعدى ارتفاعه عن اربعة امتار، يتسابق الأطفال في ركوبه رغم المخاطر .
الحاج زهير من منطقة تل محمد يتذكر ان المراجيح كانت تقام خلف سينما البيضاء في موقع الكراج الحالي بجانب – شطيط- ،يقول " كانت المرجيح كثيرة وكان التراب يتصاعد من جميع الجهات وتختلط ملابسنا البيضاء بالاوساخ لتحيلها الى الوان قهوائية او سوداء، ورغم تحذير امهاتنا الا اننا كنا نعاود اللعب مرة اخرى ونتسابق لركوب الخيل خصوصا بعد مشاهدة فلم كاوبوي في السينما القريبة "، ويشير الى ان فرحة العيد لم توصف لدى الاطفال، لذا فان الدين الاسلامي ينصح دائما بزرع الابتسامة لديهم لان الاطفال يتذكرونها دائما ويحاولون نقلها الى الأجيال القادمة.
معجنات
اما البنات فكن كأمهاتهن يجلسن في الدار لتنظيفه وترتيبه لاستقبال الضيوف والمهنئين والمهنئات الى جانب تحضير الكليجة والعصائر والملابس الجديدة .
الحاجة ام فراس 69 عاما من محلة المهدية في الفضل تؤكد انها كانت تقضي الايام العشرة الاولى من ذي الحجة في عمل دائم مع اخواتها ووالدتها في غسل وتنظيف الدار واثاثه وقد يأمر والدها بصبغ الدار وتغيير الأثاث والفرش بمناسبة العيد وتوزيع الاثاث الجيد والقديم بين الاقارب والجيران، ما يتحتم عليهم العمل بسرعة وطلب العون من الخالات والعمات لانهائه قبيل يوم عرفة.
وقالت "في يوم عرفة كانت اغلب البيوت تتفنن بصنع الكليجة وكل بيت يحتفظ بسر الصنعة وتحضير اللوازم من الشورجة – لب الجوز الفستق وطحين الصفر واللوز وحبة الحلوى والسكر والبهارات ودهن الحر – اما الاسطة من النساء فكانت التي تمتلك مهارة في لف قالب الكليجة وتجهيز المونة لانها في امتحان امام الضيوف بالحكم على كونها لذيذة وجيدة، هذا اضافة الى تحضير انواع الشرابت من الرمان او النومي بصرة او تمر الهند او البرتقال والتي تؤشر الى ان بنات هذا الدار متميزات في عملهن ".
وتضيف " كانت لدى البنات مهمة أخرى هي تجهيز أنواع المأكولات لأن أغلب بيوت الحي تكون مفتوحة للضيوف والعزائم ،فضلا عن تهيئة الملابس وكيها وجعلها جميلة تليق بهن وبأولادهن وأزواجـــــــــــهن".
وتؤكد ام فراس ان اجتماع الرجال في احد البيوت يعني تميز اهله عن باقي بيوت المحلة وان بناته سيتزوجن قبل قريناتهن، لذا فان اغلب الجيران يرسلن بناتهن للمساعدة ومد يد العون وللتعلم ولتسهيل عملية زواجهن في المستقبل القريب.
وبينت الحاجة سعدية كاظم -73 عاما من منطقة الجعيفر- ان النساء كن يخيطن ملابسهن لدى خياطات المحلة وافضل هدية كان يجلبها الزوج لزوجته هي العباءة او قماش لصنع دشاشة او اصطحابها الى الصائغ لشراء قلادة تزين صدرها او سوار تتباهى به امام قريناتها .
وتتابع "ان خياطة الحي – ام سبع- كانت توصي زبائنها قبل عيد الاضحى باسابيع بانها قد لاتتمكن من خياطة الملابس لكثرة الاقمشة لديها، ما كان يستلزم من النساء الاسراع بشراء الاقمشة من شارع النهر او من الكاظمية ".
واوضحت ان اهالي محلتها لم يبخلوا على شراء الجديد من الملابس لتوزيعها بين العوائل الفقيرة قبل العيد الى جانب توزيع المأكولات والنقود لتكون فرحة العيد موزعة بين الجميع.
المصدر:الصباح