أسلمة الشرق الأوسط ومعطيات التغيير العربي..!- ناصرعمران الموسوي
Tue, 1 Nov 2011 الساعة : 15:56

من المفارقات التاريخية التي تستدعي التوقف عندها مليا ً هي حالة التغيير والإصلاح العربي المقترن باللقاح الخارجي لولادة مرحلة أو منعطف مهم جدا ً ,في حياة الشعوب العربية ,فما تم بين الغزو النابليوني الفرنسي لمصر سنة (1798) ومرحلة النهضة العربية كما يسميها الكتاب العرب ,والانفتاح المصري على التطور الفرنسي الذي احدث هزة قوية في جسد المجتمع المصري الذي كان يرزخ تحت سيطرة الرجل العثماني المريض المتشح بجلباب التدين والممثل لامتداد الخلافة الإسلامية وبين سقوط نظام بغداد في نيسان 2003وهي مسافة زمنية نستطيع من خلالها تلمس مداليل وحيثيات نشؤها ولعل اختيار هذين التاريخين هو من الأهميه كونهما يرسمان صورة العصرنة الحديثة التي فرضت جدليتها الواقعية الاجتماعية والتاريخية ,وإذا كان الغزو الفرنسي لمصر منح مساحة زمنية طويلة نستطيع تلمس واقعية أحداثها وعلامات تأثيراتها على مصر والعالم العربي,فان تاريخ التغيير النيساني في العراق ودخول قوات التحالف إلى بغداد,هو تاريخ قريب جدا ً تحاول الأقلام الحديثة والعربية منها بشكل خاص القفز عليها والتعامل مع معطيات الربيع العربي للثورات الشعبية في حدود زمكانية ترتبط بوقائع وأحداث محصورة فقط بالشعب الثائر وتداعيات العلاقة بين الحاكم المستبد وشعبه دون الإشارة إلى الصدمة والذهول الذي أحدثه التغيير النيساني بعد دخول بغداد وسقوط نظامها وتجاوز ريادة التجربة العراقية التي حصلت والتي حاول التنظيم الإرهابي للقاعدة زعزعت نتائجه وشن حملة كبيرة من التفجيرات وعمليات القتل والإرهاب وما سببه من فتن كبيرة في نسيج المجتمع العراقي إضافة إلى الماكنة الإعلامية الهائلة التي وظفت قدراتها لتشويه ما يحدث في العراق.إن القفز على الحدث العراقي وأثره الكبير في ربيع الثورات العربية لم يأت دون التعكز على مراحل تاريخيه وأحداث مهمة ومنجز سياسي سطره العراقيون منذ عام 1991 حين انتفض الشعب العراقي على الطاغية واسقط الكثير من المحافظات التي لو تهيأت لها الظروف الحالية والدولية لاختصر العراق عدد كبير من سنوات التغيير والمعاناة والقتل ,لكن أجندات واستراتيجيات الراهن الدولي والإقليمي لم تكن تشتهي وجود انتفاضة عراقية على حساب النظام ألصدامي , وكان على العراق الانتظار أكثر من عشر سنوات لتأتي قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وتزيح هذا النظام في خطوة أولى لتغيير الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وبخاصة العربية منها ,وبالرغم من أن العيون كانت تعتقد بان التغيير سيكون قادما من اليمن أو البحرين فاجأ التو انسه الجميع واز احو نظام (بن علي ) لتسري الشرارة في الجسد الإفريقي العربي فلم يصمد نظام مبارك أمام شراسة التظاهرات الميدانية السلمية التي أسقطته بالتتابع في مشهد مذل جدا خرج فيه الدكتاتور بعد أن فقد كل الأوراق التي أراد ان يكون فيها على رئاسة مصر التي لفظته غير آسفة ,وما كان العقيد الليبي بعيدا عن التغيير فسقطت بنغازي بيد الثوار ليتم بعدها التعاطف والقرارات الدولية التي انتهت بالتدخل العسكري جوا وبحرا وحماية الشعب من بطش العقيد الذي اقتربت ساعته لينتهي بذات الصورة صورة النمور الورقية للطغاة العرب الذين صدعوا رؤوسنا بالشجاعة والقتال والتضحيات في سبيل المبادئ القومية والإسلامية ,إن رحلة ما بعد الربيع العربي هي مرحلة مهمة جدا ً ,حيث إن هناك هوة كبيرة بين الرؤى الديمقراطية ورؤيتها تطبيقا وبين التعامل المجتمعي المتأثر بسلوكيات الطواغيت الاستبدادية وبين تشظي المطروح والبديل والذي يقف فيه التطرف قاب قوسين او أدنى من السيطرة,إن انهيار النظريات العالمية التي تسيدت العالم أزمنة طويلة كالنظام الاشتراكي والرأسمالي وتصحيحاته الليبرالية ,احدث فراغا في النظام الذي سيفرض نفسه لذلك كان الأسلام السياسي البديل والغريب في الأمر إن الشرق الأوسط الكبير الذي كثيرا ما حدثتنا الإستراتيجية الأمريكية عنه ليس سوى الشرق الإسلامي الجديد الذي يحل وعبر طرق التماس الديمقراطي فالانتخابات العراقية أفرزت الأحزاب الإسلامية التي تتسيد الشارع السياسي العراقي وانتخابات تونس أفرزت حزب النهضة الإسلامي وقبل كل ذلك كان النظام التركي وان تلطفت التسميات ,واذا ما حدثت انتخابات بعد التغيير المصري او اليمني او البحريني او السوري فان الأحزاب الإسلامية هي من ستفرزها الانتخابات ، وهي إستراتيجية دأبت السياسة الأمريكية على رواجها ربما محاولة منها في ترشيق التطرف الديني واحتوائه وبالتالي القضاء عليه عبر فشله الحكومي ،إن استلام الأحزاب الإسلامية للسلطة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وإحداث أيلول وما تبعها من أحداث سيرسم خارطة جديدة للمنطقة الشرق أوسطيه ،حدثنا عنها (كولن باول ) في عام 1991 وقال ان هناك دول ستختفي من خريطة التسميات وهناك دول ستنشأ ، عليه لن تكون جنوب السودان متفردة بجديدها فسيعقبها الكثير من الدول وربما ستكون بتضحيات كثيرة او دون ذلك بزلزال سياسي كما حدث في ربيع العرب ألتغييري ، ومن يعتقد بأنه حليف لأمريكا وهو في منأى عن التغيير فهو واهم وله في تجربة مصر دليلا ،كما لن يكون المعارض للولايات المتحدة في مأمن أيضا ً، وان التخوف الامريكي على اسرائيل من التداعيات والتغييرات التي تحدث والذي رسمه القوميين والاسلاميين في اذهاننا لم يتسع ويتعمق ويكون عنصرا ً هاما في قراءة الراهن الجديد للمنطقة العربية التي يجاهد فيه الفلسطينيون للحصول على الاعتراف بنصف الدولة ككيان جديد لهم بمقابل الدولة الاسرائيلية التي لم تدخر وسعا ً في اجهاض اي محاولة لتحقيق الحلم الجديد للفلسطينيين ،بل ان الشعوب والحكومات الجديدة في الخريطة العربية ايقنت بان التعامل مع اسرائيل ضرورة على المستويات الاقتصادية والسياسية ، وان خطب ود الولايات المتحدة ياتي عبرالموقف المهادن لاسرائيل ولعل تجربة الغضب الشعبي المصري في اجتياح وتدمير السفارة الاسرائيلية وحرق انابيب الغاز الممتدة الى اسرائيل خير دليل .ان استراتيجية الشرق الاسلامي الجديد الذي تتجاذبه عدة قراءات اضافة للقراءة الامريكية كونه مشروعها القادم ،واهمها القراءة الايرانية التي تترائى امام ناظريها خرائط شتى لراهن المنطقة التي لا تستثنيها وهي القطب المعارض ،الذي بدأت رياح التغيير المتحركة تبعث بغبارها باتجاهها فما تشهده سوريا والمنطقة الشرقية للمملكة السعودية والتصعيد الطائفي الواضح في الداخل الكويتي كل تلك ابرزت استراتيجية مضاده اسمتها ايران الشرق الاوسط الاسلامي الذي لا يختلف في التسميات بين باطن الاستراتيجية الامريكية وعلن الرؤية الايرانية بالرغم من البون الشاسع في التصور الامريكي والايراني ،ان رؤية المشروعين ستفرض على المنطقة بظلالها احترابا ً ليس ببعيدا عنه الاحتراب الطائفي والقومي بين مواطني الدولة الواحدة او بين شعوب الدول .
ان قطار الرؤية الشرق اوسطية وضعت عجلاتها على الطريق وهي تسيرباتجاه اهدافها المرسومة وبالتأكيد اننا سنسجل مشاهداتها وهي ترسم خرائطها الجديدة في تشكيل وتكوين شرقها الاوسط الكبير.