صناعة الاقاليم:حاجة وطنية ام مصلحة سياسية-حميد طارش الساعدي

Tue, 1 Nov 2011 الساعة : 14:42

الفدرالية ، من المسائل النسبية ، التي تصح احيانا ، لتحقيق اهداف تلبي حاجات حقيقية للجمهور ، وقد لا تصح احيانا اخرى ، وبحسب الظروف السائدة في الدولة المعنية بها ، لكن ما لانختلف عليه ، وبحسب المختصين في علم السياسة والقانون ، ان لا تؤسس الاقاليم لمصالح سياسية ضيقة او نتيجة صراعات سياسية داخلية او تلبية لاجندات خارجية او لتمزيق الدولة الموحدة واسقاطها كونها برأي الداعين الى تاسيس الاقاليم تمثل طائفة او حزب او قومية لايمكن اسقاطها الا بهذه الطريقة، وبالتالي فان تاسيس الاقاليم بهذه الطريقة ، وكما ذكرت ، من وجهة نظر موضوعية ومختصة ، تكون فاشلة ، باعتبار اسباب التاسيس لاتمثل حاجة حقيقية للجمهور ، وانما تمثل مصلحة خاصة من اجل نفوذ اكبر لبعض السياسيين ، كما هي رد فعل سلبي ازاء موقف سياسي ما قابل لازالته بادوات اخرى ، وانها ستشكل ازمة جديدة ، أي دائما تكون المواقف والتصرفات لحل ازمة وليس لتاسيس ازمة جديدة اعمق واكبر من الازمة الاولى ، بل وتؤدي الى اثار اخطر وصراعات اكبر يكون ضحيتها المواطن الذي حرم من حقوقه ، على حد سواء ، من قبل النظام السابق والاتحادي والاقليم ومجالس المحافظات ، وهذا يكفي دليلا بان هذا النوع من التاسيس لايمثل حلا لمشاكل المواطن العراقي وتحقيقا لطموحاته وانما هدرا اكبرا لثرواته وانتهاكا اخر لحقوقه .

نعم ، اللامركزية الادارية او الاقاليم فيها من المميزات المهمة كونها تختص بحاجات المحافظات والاقاليم وتنميتها وتطويرها دون شاغل اخر من قبيل الخارجية والدفاع والسياسة العامة للدولة ، وهذه كانت السبب في الدعوة الى اللامركزية من اجل تفرغ الدولة المركزية للاعمال الكبيرة والمهمات الستراتيجية ، وذلك فقط ، عندما تكون الدولة في مستوى من الاداء المحلي والمركزي والنضج السياسي المطلوب للعمل بالتقسيم المذكور ، ويفترض ان ندرك جيدا ، بان حقيقة الامر يتعلق برفاه المواطن وتحقيق رغباته ، وليس ، وكما اصبح عرفا في الدولة العراقية الجديدة ، رفاه السياسي وتحقيق رغباته ، وصناعة الوزارات الوهمية والاقاليم الوهمية والكراسي الوهمية لتلبية حاجة اكبر عدد ممكن من السياسيين .

واعتقد اصبح واضحا للعيان ان لا حلا قريبا لتداعيات ومشاكل الدولة العراقية ما لم يقم المواطن العراقي بتحمل مسؤولياته تجاه ما يجري من أزمات وصراعات وسرقة للاموال العامة على حساب حقوقة وتمتعه بثروات وخيرات بلاده .

كما ان صناعة الاقاليم في عراق اليوم غير ناجحة لانها صناعة سياسية وليست شعبية وفشل تجربة انشاء اقليم البصرة بالرغم من امتلاك البصرة مقومات الاقليم اكثر بكثير من المحافظات التي تتعالى فيها اصوات السياسيين لصناعة الاقاليم فيها وعندما تحولت الكرة في مرمى الجمهور اعلن رفضه ، لانه قرأ ببساطه ماالذي قدمه له مجلس المحافظة خلال ثماني سنوات مع كل الميزانيات والموارد المالية المخصصة له ، وتوصل الى ان الحل لايكمن في انشاء اقاليم وسلطات وكراسي جديدة وانما بايجاد قادة مخلصين وكفوءين وبناء مؤسسات دولة رصينة وفعالة ليس على المستوى المحلي فحسب وانما المستوى المركزي الذي يتحمل المسؤولية الاكبر في التراجع الذي يشهده العراق وفي كافة المجالات ومنها ترسيخ مفهوم المواطنة العابرة لكل التنوعات والهويات الفرعية والغاء التمييز بكافة اشكاله واعادة الثقة بين مواطني وسياسي العراق.
وبالتالي ليس كافيا الغطاء التشريعي لاقامة الاقاليم في العراق بموجب الدستور العراقي الدائم وقانون الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم رقم 13لسنة2008الذي يمثل ترجمة لارادة سياسة كانت غير ناضجة بدليل اصبحت جاهزة بايدي منافسي صناعها وفقا لمفهوم الصراع السياسي في عراق اليوم ، وكان الاولى بالمنادين بها اليوم تعلم الدرس الاهم بانها انقلبت على صناعها إ كأنقلاب السحر على الساحر.

(*)باحث قانوني وناشط حقوقي
Email:[email protected]

Share |