ما كنت احرس قافيتي دون نزفي-بهاء الدين الخاقاني

Fri, 28 Oct 2011 الساعة : 18:19

بغبار نزيفي تضيع ملامح وجهْي
تعلمت استعبد الحزن
والصرخات بداخل دمّي
لأبدو بحرّيتي
فاتقيت بلائي وأصممت فمّي
تعلمت بلحظة تضحيتي
بدء أفراح مخلوقة ٍ ما ...
فما كنت ُ .. ياحب ..ّ يوما كاني الغبار برحلته للهباء
فأعطيت صمتى قواه المعاني
لأسمع تلك الخطى للمنية ِ
أسمع عالم موتي
أطوف بما اعتصر الدم من مهجتي في الحياة ِ
لكي أمنع الصدأ المستديم لذاتي
تمزق روحي
تجفّف دمّي
لأملكها شهوة الأرض في شهواتي
ليعتصر الشمسَ كفي
يذوّبها في متاهات فكري
فلا يعرف المرء آلام خلق ٍ
لحتى يلامس وخز السكاكين والحرب ِ
ما كنت أحرس قافيتي دون نزفي
لأمسك فلسفة الحبّ
أنت ِ التي قد عرفتِ تشرّد عمري بهذي الجراح
يتيم قبائل أهل ضحايا الوفاءِ
وبئر المنايا تروّى به الناس في وطني
باستلاب الدماء
لأبقى على عطش والبلاد تنوح
وتنور ريفيّة دون نار لتطعم طفلا رضيعا
تلملم سرّ الخلاص بطهر الحليب ِ
واِلا الخيانة تكشف ثديا وضيعا
تجحفل من رضعه جحفل قدّم أمّته للصليبِ
لتخنق صرختنا الغصّة المميتة
يا حبّ هذي القصيدة صرخة من عاش دونك بين اللهيب ِ
أيا حب ّ ...
اني تعلمت أن الجيوش تحاصرني
والمحبة في عطش قد تموت بخلف بابي
تعلمت احتراقات دنيا شبابي
فصلى اليها جنوني
وكم صفق الدمع منها بساح جفوني
يسوح بعمر بجنح ٍ كسيرِ
لأستجمع النزف من سيف ظلم مطيرِ
تسربلت همّ غريبٍ أطهّرُ ذاتي
ليستوطن في مقلتي
كما كنتِ رحمة ربي
مآذن في انصداع الصباح
تملكتِ بين الأضالع اعصار شوق ٍ بريءٍ
بمحراب ترتيل عشق ٍ
لاُعْتق من قيد جسمي
ولكن أضفت ِ لآهات عمري
أضفت ِ تغاريد طير ٍ
يلاعب في راحتي من حرارة نفسي
عصرتُ بها للمنام شرابا تعتق حزنا
تناولته للنعاس بكأس ِ
وأنتِ ابتسام التنوّر بين الظلام
فلامستِ شعلة نيران دمّي وزهرتها في نشيدي
لك الأثر المستطير على وجنتي
ذكريات مطرٍ حافر الوجناتِ
دم ٌ بات يحترق الآن والقلب في عطبٍ
والزمان غريبٌ يجمّد شريان دمّي
اِذن قد قرأتِ فؤادي
فلستُ الصديق .. وما كنت ُ ضيفا
لأن المضيّفَ لا يقرأ الضيفَ
كنتُ وكنتِ تموّجَ ناظر عين ٍ بحرّ السهاد ِ
فأنت الحبيبُ
فأودعتُ في الحدق ائتلاقي يشيّدُ محبته كالمنارِ
تلذذتِ حرف كلامي كما العطر بين الشفاهِ
بوجه الرمال العطاشا باعتاب دربي
على نشوةِ الماء ينسابُ في راح كفي
تهاديتُ بالحبّ معراجَ نورٍ يعرّي الظلامَ
ويهجر من جسد لينسلّ بين الرمادِ
توهّج جمرتهِ يوقض الشعراءَ وينهض بالشاعراتِ
فهل صرتِ محض الصدى لي على الذكرياتِ
واني تحولتُ فيكِ غناءً تطاول به الطيرُ لحنا
تروّى بالهوى في الآذان ِ
باحة محرابه روضة تسكِن كلّ الجياع ِ
تدفي اليتاما وتهدي المساكين لمسة ربي
لنعرف لا يصنع الحرفُ خبزا
ولكن يشيّد منه المخابز عند بلادي
يشيّد منه الضمائرَ
كيما تعالج عظما غصصت به
يا حبيبة عمري
كفى دهر دجلة صلبَ المسيح ِ
وأرض الفرات طفوفَ الحسين ِ
كفى الرافدان اعتلالاً بليلى
وقيسُ الحبيبُ بعيد ٌ
ألا فارحميني فاني عجين الغرام بماءٍ وطينِ
تذكرني عينكِ الحبّ ديوان قهوتنا
أومجالس صحوتنا
لا تضيفي بهجركِ عصرَ احتراقاتِها
لا تديمي عصورَ الخرابِ
ألا فاعرفي في المنيةِ لون ولادة يومي
وحين يفرش جنحا لينسلّ ترتيله من هوى حدق للحبيبِ
فلا أسفٌ سوف يجدي
ولا أملٌ يمكن الشفا من طبيبِ
....................................
[email protected]
[email protected]

Share |