التساؤلات عن الله تبارك وتعالى بين المشروعية وعدم المشروعية-عصام الطائي

Wed, 26 Oct 2011 الساعة : 0:31

تعتبر مسالة وجود الله تبارك وتعالى من المسائل الصعبة للغاية وكثير ما يتعرض الاباء الى تساؤلات الأبناء فمن الصعوبة قد يجد الاباء الاجابة على تلك التساؤلات ومن تلك التساؤلات عن سبب خلق الله تعالى للانسان وعن امكانية رؤية الخالق او عدم امكانية رؤيته وعن كثير من المسائل التي قد تطرا عن عقول الابناء لذا حاولت عن اجيب عن تلك التساؤلات عسى أن تكون عونا للاباء للاجابة عن تلك التساؤلات.

في البداية ان الانسان بطبيعة الحال يتصف بالمحدودية والنسبية في قدراته فمهما بلغ الإنسان من معرفة يبقى قاصرا لذلك لا يمكن تصور الانسان بان يملك القدرة والعلم والوسيلة الكافية في معرفة كل الحقائق فالحقائق قد تكون اعمق واكبر واكثر قدرة فالله تعالى يمثل القدرة والعلم غير المحدود فلا يمكن تصور المحدود بان تكون له القدرة على استيعاب اللامحدود فالشمس مع كونها شيء مادي الا ان الانسان لا تكون له القدرة للتحديق بالشمس اكثر من دقيقة لانه سوف يصاب بالعمى لذلك يمكن اجابة الشاب او الشابة ما دام لا يمكن التحدق بالشمس اكثر من دقيقة مع كونها شيء مادي فكيف يمكن رؤية الله تعالى مع كونه شيئا غير مادي.

وهناك اشياء مادية كبعض الكائنات الحية قد يصاب الانسان بسببها في الأمراض فمع كونه لا يراها فهو يعتقد بوجودها لأنها تسبب الضرر الفعلي لذلك يكون الإجابة على عدم امكانية رؤية الله تعالى باعتبار كما لا يمكن رؤية الكائن الحي الا بوسائل حديثة كذلك لا يمكن رؤية الله بتاتا بل يعرف الله من خلال أثار خلقه وهكذا بالنسبة الى الالكترون فمع اقرار العلماء بعدم امكانية رؤيته الا انه يتعرف عليه من خلال اثاره لذلك يمكن الاجابة عن التسائل بهذا المثال على عدم امكانية رؤية الله تعالى وهناك اشياء مادية يمكن مشاهدتها وسماعها والتحسس بها اذا كانت في متناول الانسان وقدراته وهناك اشياء مادية تعرف باثارها فلا يمكن لعلم وقدرة الانسان استيعاب كل الحقائق المادية فكيف يمكن استيعاب تلك الحقائق الغيبية ؟ والتي هي عبارة عن وجودات واقعية مجردة كالله تعالى والكرسي والعرش والقلم واللوح المحفوظ والملائكة والروح .

ومن المعلوم ان العلم على قسمين العلم البسيط لا يحتاج الى استدلال بل المعرفة ضرورية وبديهية وهناك العلم المركب وهو الذي يحتاج الى استدلال وبرهان كضرورة اثبات وجود الخالق وهذا هو المطلوب شرعا أما المعرفة القرانية ففيها تفاصيل عن صفات الله تعالى بصورة تزيد من الوضوح للانسان عن معرفة صفات الله وقد تجلى الله تعالى في كتابه الكريم بصورة تجعل الانسان له الوضوح الواقعي عن الحقائق الغيبية بالاخص حول وجوده والذي تزيل من الغموض التام للمسالة وتجعل النفس اكثر سكينة واطمئنانا.

ومن المعلوم إن الله تعالى يكون وجوده واقعي اما وجود الإنسان ومتعلقاته كاللغة هي وجودات مادية بحتة فالتعبيرات اللفظية هي مادية وتتصف تلك القضايا بالضيق في تحديد الحقائق بالأخص الحقائق الغيبية فنطر لاستعمال تلك الألفاظ ليكون لنا بعض الإيضاح عن تلك الحقائق الغيبية لذلك الوجود الواقعي والحقيقي هو الله تعالى وهو الحقيقة الأزلية الوحيدة والواقعي ويتقدم رتبة على كل الموجودات الأخرى ومن الصعوبة تحديد الحقيقة الأزلية الواقعية التي هي الله تبارك وتعالى لذلك على الإنسان أن يعترف بالعجز عن ادارك حقيقة الله تبارك وتعالى والله تبارك ومن خلال القران وضح جملة من الحقائق لتكون لنا صورة واقعية عن الله وليست صورة تتصف بالوهم او الخيال وان الوهم او الخيال يكون غير واقعي وحقيقي في الغالب.

ومن المعلوم أن الله تبارك وتعالى والإنسان والحيوان والنبات والجماد تشترك من ناحية المفهوم بالوجود الا ان المصاديق تختلف فمصداق الله تعالى يختلف عن مصداق الإنسان والإنسان مصداقه يختلف عن الحيوان والحيوان يختلف عن مصداق النبات والنبات يختلف مصداق الجماد لذلك لا يمكن تحديد مصداق الله تعالى باطار مادي كإطار الإنسان وان الاختلاط بين المفهوم والمصداق يوقع في كثير من الاشتباهات فصفة الحياة يشترك فيها الله تعالى والإنسان والحيوان والنبات الا ان مصاديق الحياة تختلف بين كل هذه الأشياء فلا يمكن قياس حياتنا عن حياة الله تعالى لان الله تعالى لها خصوصية تتفق مع شأنيته تعالى وهكذا بالنسبة الى صفة العلم والقدرة والسمع والكلام الذي قد يتبادر الينا المعنى المادي للكلام او السمع او القدرة او العلم فهي تشترك في المفهوم ولكن تختلف في المصداق أي ان العلم والقدرة والكلام والسمع له خصوصية لله تبارك وتعالى تختلف عن الإنسان اختلافا جذريا.

ويمكن التوصل الى معرفة الله تعالى عن طريق الحقائق العلمية التي هي من اثار الله تعالى فهي التي تدل على قدرة الله تعالى غير المحدودة ونستطيع ان نتوصل كذلك عن طريق المعرفة الفلسفية والتي تجعل الصورة لا تتصف بالوهم والخيال وكل تلك الوسائل يكون عقل الإنسان هو الرائد في الوصول الى المعرفة فيشعر الإنسان بالاطمئنان والسكينة ويكون ذكر الله تبارك وتعالى سلوى الإنسان في هذه الحياة قال تعالى الا بذكر الله تطمئن القلوب فإذا تطمئن العقل تطمئنا القلب والوجدان وبذلك سوف يشعر الإنسان بالسعادة بخلاف من يعيش الكفر والشرك سوف يفقد حالة اطمئنان النفس.

وهناك قد يحصل بعض الاشتباهات من قبل بعض الشبان حيث يفهم في الآية القرآنية التي تخص النبي الأكرم قال تعالى ثم دنى فتدنى فكان قاب قوسين او ادنى بالقرب المكاني من الله تعالى ويتبادر من خلال التعبير القرآني القرب المكاني الى الله تعالى فكلمة الدنو ذات مدلول مادي وقد وصل النبي الى سدرة المنتهى وهي مرتبة لم يصل اليها احد من البشر وهذه من مختصات الله تعالى كاللوح المحفوظ والقلم والعرش والكرسي فنؤمن بها كأمور واقعية حقيقية ولكن ماهيتها مجهولة لنا فالله تعالى اراد أن يعبر عن عظمة التكريم للنبي فأوصله الى ذلك المكان الا انه لم يصل الى حيز اقرب الى الله تعالى بل الى مختصات الله تعالى التي هي سدرة المنتهى لان الله تعالى ليس له حيز في مكان كما لو كان لملك من الملوك اماكن مختلفة فقد يصل شخص الى مكان معين ولم يصل الى الملك كأن يقال وصل الشخص الى حدائق الملك فالوصول الى الحدائق لا يعني الوصول الى الملك ولكن الفارق ان الله تعالى موجود في كل مكان وليس له حيز في مكان فالوصول الى سدرة المنتهى كناية على التعظيم وليس الوصول الى الله تعالى.
وهناك كلمة الذنب او الظلم او العصيان يمكن استعمالها في المعنى الحقيقي او المجازي كقوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى فكلمة العصيان لا تعني العصيان بترك الأمر المولوي بل كان الأمر ارشادي من قبل الله حيث قال له لا تأكل من هذه الشجرة وهي أشبه بإرشاد الطبيب حينما يقول للمريض لا تأكل الرمان الحامض فمن الممكن للمريض ان يأكله وان انطبق مفهوم العصيان الا انه لا يرتكب ذنبا حقيقيا ولكن قد يعبر عنه بكونه عاصيا لإرشاد الطبيب لذلك هناك كثير من الاستعمالات القرآنية يعبر عنها بتعبيرات مختلفة كناية عن تلك الحقائق لتقريب الصورة لنا.

وحول إمكانية رؤية الله تعالى فالدليل على عدم إمكانية رؤية الله تعالى ففي قصة موسى عليه السلام حينما طلب من الله تعالى رؤيته قال له الله تعالى لن تراني ولكن انظر الى الجبل ان استقر فسوف تراني ولكن الجبل لم يستقر فهذا يدل على عدم إمكانية رؤية الله تعالى وهناك من يحاول من يستدل على إمكانية رؤية الله في يوم القيامة الا ان شرعا وعقلا ووجدانا لا يمكن ذلك لان الإنسان المحدود لا يمكن إدراك غير المحدود نعم يمكن رؤية أثار رحمة الله تعالى من خلال النعيم في الجنة فمشاهدة نعيم الجنة هي تعبير عن رؤية الله وهي أشبه بالكريم الذي يوصي بكرم الناس وهو غير حاضر فلا يمكن مشاهدته ولكن يمكن مشاهدة أثار كرمه فمشاهدة أثار الكرم هو عين مشاهدة الكريم فيمكن القول اننا رأينا الكريم وان لم يكن حاضرا الا ان الله تعالى هو حاضرا في كل زمان ومكان.

 

Share |