باي باي عراق-عقيل الموسوي ـ المانيا

Mon, 24 Oct 2011 الساعة : 0:53

المشهد الاول .. بأضواءٍ خافتةٍ تُسلّط على ستار المسرح المُسدل تجعل المشاهد يدرك ان ظلاما دامساً أو طوقا امنيا أو حصارا قد فُرض على خشبته , مع اصوات مبهمةٍ وموسيقى هادئة تتصاعد تدريجيا بشكل متناغمٍ مع شدة الانارة التي توحي هذه المرة الى ان فجرا جديدا قد بدأ يبث الحياة في كل الاتجاهات , لتظهر جليّةً اصوات الباعة المتجولين واصحاب ( الچمبرات ) يروّجون لبضاعاتهم معانقةً لضحكاتهم وهم يتبادلون النكات الخفيفة فيما بينهم وبين زبائنهم , لتختلط مع ابواق السيارات وصفارات شرطي المرور , يختفي كل ذلك بعدها خلف اصواتٍ لأنفجاراتٍ متعددةٍ تختلط معها صفارات الانذار والاسعاف وعويل الناس وصراخ الاطفال , ليعود الهدوء الى المشهد مع انبلاج الستار عن صالة اجتماعات فخمة الاثاث والديكور يقف في وسطها ثمانية اشخاص تبدو الرفاهية مع عدم الاكتراث واضحة على هيئتهم وهم يرتدون اجمل البدلات ويبدو لمعان احذيتهم اكثر بريقا من شحوب وجوههم التي تعلوها ضحكات صفراء يتبادلونها كما يتبادل ( القمرچية ) كلمة عوافي حين يخسرون رصيدهم بالكامل , فيما راح احدهم يتكلم عبر هاتفه النقال بصوت غير مفهوم ليستأذن بعد انهاء المكالمة بالخروج مشددا على ضرورة اللقاء في اقرب فرصة ليخرج خلفه ثلاثة بدوا وكانهم حمايته الخاصة اكثر من كونهم شركاء في الاجتماع بعد ان مسحوا اثار الابتسامة المرسومة عنوة على وجوههم بريشة فنان مبتدئ , حينها يلتفت الشخص الواقف في الوسط موجها السؤال الى من يقف على يمينه : لماذا لا تريدون التعامل معهم .. ارى انهم سيكونون اكثر هدوءً وربما حرصا على العمل في حالة تجاوبكم معهم ,, لا .. بلغة الفاهم المتمرس اجاب الاخير .. واردف قائلا انهم اناس مدفوعون من قِبل الشيطان وهو الذي يحركهم يمينا وشمالا فلا يغرّك مظاهرهم فأنهم قاتلي قَتَلة .. وهنا ينسحب الاثنان الواقفان في جهة اليسار ليتبادلا الحديث عن امور تجارية بحتة حين يجيب احدهم على سؤال صاحبه عن اخر المستجدات بأنه لن يستمر في الاستثمار في مشيگان لكثرة العراقيين هناك وخوفا من فتح العيون عليه لذا بدأ بالتحول الى اسبانيا واليونان مستغلا فرصة الركود للأستثمار فضلا عن عدم وجود عيون مراقبة هناك , اما دبي والعقبة فقد اصبح كل شيء على مايرام بعد ان سيطر الاولاد على الوضع واستطاعوا الوصول عاليا نتيجة لقائه الاخير مع المسؤولين هناك فقد تم تذليل كل العقبات وكل شيء بثمنه , ليعيد السؤال على صاحبه واخباره , ليكون الجواب : تعلمون ان تجارتنا اشبه ما تكون محصورة عبر ايران وشريكنا الايراني اكثر من شاطر ويستحق عشرة من عشرة فضلا عن كونه مؤمن وامين في نفس الوقت ولايؤخر ارباحنا على الاطلاق والحمد لله الأمور في توسع
المشهد الثاني .. شيخٌ في مقتبل العمر بلحية سوداء ربما منمّصة الجانبين مع شاربٍ يكشف عن معانقة شبه يومية لماكنة الحلاقة يتوسط مجموعة من الشباب وكأنه معلم الكتاتيب وقد بدى على ملامحه انفتاح السريرة واضحا وهو يرتدي جلبابا جديدا ويحجب بجلسته قسما من المكتبة العامرة بالكتب والمجلدات التي رُصفت بشكل اقرب الى الديكور حتى بدت وكأنها تشكل لوحة فنية مع بقية اثاث القاعة الاخرى , راح يشرح بأسهاب كيف امضى ليلتين وهو يحاول التوصل الى حجم ومقدار ( الكُر ) وهي الكمية الادنى من الماء التي لا تتنجس بمخالطتها للنجاسة منبها الى اختلاف العلماء في مقارنة ذلك المعنى بالمقاسات العلمية الحديثة ومؤكدا بأن كل الخزانات الموجودة على سطوح المنازل تفوق الكر بمقدارها , ولكنه يحاول ان يقدم بذلك بحثا ربما يغني به المكتبات ويُشبع به نهم الباحثين خدمة للصالح العام
المشهد الثالث .. مجموعة من الرجال يتوسطهم شيخان توّج رأسيهما عمامتان مختلفتا اللفة والهيئة ويحيط بهما مجموعة من المرافقين وقد وقف ثلاثة اشخاص ينتظرون حركة رفع اليدين لمسح الوجه بعد الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة كي يقدموا التحية الواجبة لأظهار الاحترام للضيوف والضيافة بشكل عام وللعمامة بشكل اخص من الخاص , لينبري احدهما بعد الرد على تحية ( الله بالخير ) بموعظة بدى وكأنه قد تمرّن على ادائها مرات عديدة , وذلك ما يظهر واضحا على طريقة القائها وسلاسة كلماتها وصياغة معانيها التي تحث على الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على الاعداء للنيل منها , وللتعبير على الدعم الديني لوجهة نظره فقد ضمّن حديثه بعض الايات القرانية والاحاديث النبوية الشريفة والتي تدعو الى الصبر والتعقل وايجاد الدليل والبينة قبل اتخاذ اي قرار خصوصا وان المرحوم لم يكن له اعداء وان الحادث كان بفعل مجهول راح ضحيته الخليط من العمال والباعة والزبائن والاطفال فكان قدره رحمه الله ان يكون في ذلك المكان فأنا لله وانا اليه راجعون
المشهد الرابع .. مجموعة من الاطفال بملابس الرياضة وقد بدت على وجوههم اثار التعب بعد وحدة تدريبية وهم يستمعون الى نصائح وارشادات مدربهم الذي يختم تلك الارشادات بتذكيرهم بموعد المباراة القادمة وضرورة الحضور المسبق لغرض الحصول على التوجيهات الاخيرة والاحماء قبل بدء المباراة , ثم ينصرف المدرب والاطفال ليبقَ ثلاثة منهم يتوسطهم الطفل الذي يتأبط كرة في يساره وقد بدى واضحا انه رئيس الفريق ليوجه كلامه الى زميليه بضرورة التفاهم فيما بينهم وتنفيذ ما يرونه جديرا بالتنفيذ داخل الساحة وان اختلف مع توجيهات المدرب لأنهم هم من يتذوق طعم الفوز ومرارة الخسارة ليحصل على وعد منهم بالتنسيق بشكل ودي فيما بينهم , بينما راح احدهم ليؤكد الى رئيس الفريق وزميله الاخر بالبقاء على اتصال دائم معهم واللعب في خط واحد حتى وان نفّذ والده وعده بالانتقال الى دار سكنى جديدة قد تُبعده في المسافات لكنه لن يبتعد عنهم وعن مودتهم ليتعانق الثلاثة على كلمة باي باي تصدر من رئيس الفريق ليريد عليه زميلاه معا ً باي باي عراق قبل ان يُسدل الستار بشكل بطئء على صوت عوض دوخي ومقطع من اغنية الامل , ليظهر بعدها ثلاثة اشخاص لتحية الجمهور
الاول .. ويل كوم ... آيم ذه سكرين رايتر ـ كاتب السيناريو ـ
الثاني .. خوش آمديد ... مَنْ فيلمساز ـ المخرج ـ
الثالث .. هلا وغلا يُبه حياكم الله ... انا المنتج

Share |