يا حجاج العراق السياسيين : الحج لله ام سياحة وشهرة وترفيه ؟-سعد السلمان

Mon, 24 Oct 2011 الساعة : 0:42

من المعروف ان فريضة الحج هي فرع من فروع الدين كالصلاة والصوم الزكاة والخمس وغيرها ، وهي من العبادات الجماعية في مكان محدد الا وهي مكة المكرمة قال تعالى "‏ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ " ‏والحج هو عبادة من أجلِّ العبادات وأفضلها عند رب العالمين بعد الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله‏, ‏ وذلك لما رُوي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله و سلم ـ سُئل‏:‏ أي الأعمال أفضل؟ قال‏:" ‏إيمان بالله ورسوله‏,‏ قيل‏:‏ ثم ماذا؟ قال ‏: ‏ثم جهاد في سبيل الله‏,‏ قيل‏:‏ ثم ماذا؟ قال‏: ‏ثم حج مبرور‏. هذا الحج المبرور الذي لا يخالطه اثم ولا جرم هو عند الله الثواب الجزيل والدرجات العليا ولكن في عراقنا الغريب نرى ان دين الله تعالى وشريعة الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد صارت جسراً لمنافع شخصية دنيوية او لأجندة خارجية ، ولا غرابة ففي بلد فيه الفتن ومضلات الفتن والفساد والاحتلال وائمة الضلال والمزيفين والمنتفعين فالدين يتغير والاحكام تتبدل حسبما يراه المشرع اللا حقيقي لتحقيق مصلحة ما .
والحج هذه الشعيرة الجليلة قد تبدلت وانخرطت مظاهرها وصارت لغير الله تعالى بل للسياحة ولتغيير الجو وللتفاخر والشهرة والهروب من واقع مرير ، بل الاعتى والامرّ ان الفساد والرشا التي تطال حصة الحج في العراق غريبة وعجيبة !! ولندع كل شيء ولنرى طامة حلت بالعراقيين تمثلت في سياسييهم الذين انتخبوهم كي يوصلون طموحاتهم ومآربهم وصوتهم كي يطمأنوا ان هناك من يمثلهم وبالتالي يهنئون بعيش رغيد .
ولكن يا سبحان الله ففي العراق كل من يتبوأ منصبا مهما يبدأ مباشرة في استغلال هذا المنصب لمنافعه الشخصية ، ومنافع عائلته . وهذا ليس غريبا في هذا الزمن الغريب ..؟؟ إذ لطالما شهدنا في العراق الجديد إن الكثير من المسؤولين الحكوميين ، يحاولون جعل المناصب الخاصة بهم وسيلة للوصول إلى ما ينمي أموالهم وعلاقاتهم .

فالحج في العراق اصبح رفعة اجتماعية وعادة يرغب بها السياسيون فليس بغريب عنكم ما يحدث في العراق فنرى الكثير من البرلمانيين يتوجهون الى الحج في كل عام تاركين وراءهم مأساة العراقيين والمفخخات التي تنهش بأجساد العراقيين والتي حولت دماءهم الى انهار تعتاش عليها السياسات الدولية والاحزاب المتصارعة على الحكم ، ولعمري هل ما قام به البرلمانيون عندما ذهبو الى الحج كان لغرض طاعة الله تعالى من خلال أداء هذه الفريضة ، أو كان ناشئا من هوى النفس التي ترغب بالذهاب الى بيت الله ليس لغرض الحج بل لغرض الشهرة أو السياحة .
ولنا ان نسأل لماذا يتكرر ذهابهم الى الحج في كل عام وبقية الناس يهمشون ولا يستطيعوا أن يؤدوا هذه الفريضة بسبب حجز المقاعد لأؤلئك السياسيين الذين صار الحج هواية لهم يؤدوها كل عام ؟؟

ولنا ان نتسآل ايضا ما هو مصدر هذه الاموال التي ذهبوا بها الى الحج هل هي من اموالهم الخاصة أو هي من أموال الشعب العراقي المسلوب الحقوق وهل اسماؤهم خرجت في القرعة حقا او أزالوا كبار السن من الذين يتمنون ان يذهبو الى تلك الديار المقدسة ؟؟
وهل الوضع في العراق يسمح بذهابهم وعلى كل المستويات الخدمية والامنية وغيرها ، وهل انهوا ما بذمتهم من واجبات كان المفروض عليهم أن يؤدوها تحت قبة البرلمان لأنها تتعلق بحياة المواطن وأمنه واقتصاده ، او تركوها معلقة تذرها الرياح ، وتركوا خلفهم كواتم الصوت تصعق المواطن العراقي البسيط ؟؟

فاننا نعتقد انه على النواب أن يضعوا بالاعتبار إن هناك الكثير من القوانين المعطلة التي تحتاج إلى اختصار الوقت وبذل الجهد في سبيل إقرارها ، وإلا كيف يمكن لشخص مسؤول أن يذهب إلى مكان لأداء فريضة شرعية وذمته متعلقة بفريضة أخرى ألا وهي رعاية مصالح الناس التي ائتمنوه عليها . فما أريد أن أصل إليه هو إن على النواب الحاليين أن يجعلوا مصلحة الوطن والمواطن قبل كل شيء ومن ثم يفكرون بمصلحتهم الخاصة... فالإسلام عندما يحث على السعي لقضاء حوائج الناس، فهو يقصد تعميق أواصر الأخوة والتلاحم بين أبناء الأمة، وتيسير أمور المسلمين بالطرق المشروعة، التي لا تعطي الحق لغير مستحق، أو تنصر ظالماً على مظلوم، أو قوياً على ضعيف .....
,وقد جسد الائمة هذا المضمون بسيرتهم العملية وتعايشهم مع الناس فمثلا الإمام الرضا عليه السلام نلاحظ موقفه من قضاء حوائج الناس فقد اوجد بعدا تربويا في تحمل المسؤولية لذلك انه في حال الإحرام وفي موسم الحج حل مآزره واحرامه وقال ان في الإنسان حوائج هي أولى بحضوري من ان أكون في هذا الموقف ..وكذلك الامام الحسن عليه السلام الذي ترك تلك الفريضة المقدسة لاجل فريضة اخرى كانت اهم في وقتها من الحج وأدائه وهي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...وحتى لايفوتنا الموقف الكبير والعظيم لابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام عندما ترك الحج وحلل احرامه من اجل الاصلاح في امة جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ترك فريضة الحج من اجل ان يعطي دمه الشريف الغالي لمصلحة دين الله وطريق الحق ... اما في العراق فالنواب كونهم يمثلون الأمة والأمة ممن اختارتهم لكي يقضوا حوائجهم لكن كلهم حجيج وحتى صغار ابنائهم اصبحوا حجيجا وكأنما كتب عليهم واليهم ومن اجلهم فقط الحج في عراق ما بعد الحرية والديمقراطية الامريكية المزعومة.. وكانما هناك نصاَ دستورياً يطالب البرلماني العراقي بان يكون حاجـاً ..!! وفي بلد فاقد لمعنى الحياة والوطنية نرى اكثر من ثلثي نواب البرلمان يتسارعون للحج في هذا العام ولا نعرف هل هم ذاهبون للحج او لمنافع شخصية او سياسية تاركين ورائهم تشريع قوانين مهمة تتعلق بمصلحة هذا الشعب المظلوم المغلوب على امره فاين الاسلام واين التشيع الحقيقي كما يدعي البعض ممن يحسب على خط التشيع والانتماء اليه اين هم من هموم الناس ؟؟اين هم من مصلحة الشعب؟ اين هم من الوضع الامني في العراق؟؟ لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم نسال الله العلي القدير ان ينقذ العراق وشعب العراق من المآسي والفتن ومن الجهال والسفهاء ومن الذين يعيثون في الارض فسادا انه مجيب الدعاء .

بقلم سعد السلمان
21 /10 /2011

Share |