مسلسل انهيار النظام السوري والموقف العراقي المطلوب -علي الموسوي / هولندا

Mon, 24 Oct 2011 الساعة : 0:35

اتت كل الاحتمالات ممكنة في مسلسل انهيار وسقوط النظام السوري وانهاء حكم الفرد والعشيرة الواحدة وبدت المواقف الدولية أكثر صرامة مع النظام القائم وأضحت المواقف الرافضة للتغير أقل تأثيرآ في القرارات الدولية وأكثر قناعة في التغير القادم ، وأصبحت المواقف الشعبية والداخلية أكثر انسجامآ وتنظيمآ في رفع سقف المطالب فمن محاسبة الشبيحة الى تغير الدستور حتى اسقاط النظام وسنشهد المزيد من هذه المطالب بمرور الزمن على عكس ماتظنه القيادة السورية في كسب الرهان والمزيد من الوقت لبسط النفوذ والسيطرة الميدانية بقوة الحديد والنار ..
ليس من الصعب التعرف على الملامح السياسة للنظام السوري والدور العدواني واللاخلاقي اتجاه أشقائه وجيرانه العراقيين حكومة وشعبآ... لقد ظهر هذا الخلاف والعداء جليآ بعد سقوط النظام الصدامي ودخول قوات الاحتلال فيه وقد عانا العراقيون ودفعوا ثمن غاليآ من خيرة الأبناء والرجال وتعطلت العملية السياسية وتأخر النمو بل تراجع الى مراتب كارثية حتى أصبح يتذيل القوائم والمراكز المتأخرة عالميآ ودخل العراق موسوعة غينس للأرقام القياسية في التراجع والفساد والارهاب وقد اشترك في تمرير هذا المخطط الاجرامي دولآ اقليمية كثيرة على رأسها السعودية والشقيقة سورية !! وراهنوا على اسقاط النظام السياسي الجديد ووئده في المهد ، ومن المحزن أن تشترك الجارة سورية في هذا المخطط الرهيب ولتكون فيما بعد هي أحد ضحاياه !!! بعد ان كانت أول من فتح الأبواب للمعارضة العراقية أبان النظام السابق وكانت على وفاق تام مع كل الحركات والأحزاب السياسية العراقية وهنا يسجل للرئيس الراحل حافظ الأسد موقفآ مشرفآ يتذكره العراقيون ويترحموا عليه .. ويبدو ان هذا الأمر لم يروق الى الكثيرين من الطائفين في الداخل والخارج وقد وجد هذا المخطط أرضآ خصبة في بلاد الأمويين ويعزى ذلك لقلة خبرة الرئيس الشاب واقحامه في السياسة بشكل مفاجئ بعد موت الأب حافظ الأسد ومقتل أخيه باسل في حادث سيارة على طريق المطار وبالتالي مجيء الشاب طبيب العيون بشار الأسد وظهوره السياسي المفاجئ والمفروض وسد الفراغ الحاصل بعد ظهور بوادر انقسام في الحزب الحاكم السوري وسيطرة الجناح الطائفي والمتعاون مع السعودية على الكثير من المفاصل السياسية وسحب البساط تدريجيآ من كبار القادة العلويين ( صمام الأمان لنظام حزب البعث السوري ) ...تحت شعار الاصلاحات والتحول التدريجي الى الديمقراطية وقد استدرج الرئيس الشاب صاحب الخبرة السياسية القليلة والعائد للتو من بلاد الضباب واستهوته الفكرة ووقع في الفخ !! وكان أول تخبط سياسي له هو استقبال المبعوثين السياسيين للنظام الصدامي وعلى رأسهم المقبور طه ياسين رمضان وتأكيد الجارة سوريا على دعم النظام الصدامي القائم آنذاك وهنا كان الانفصام الأول في السياسة الأسدية السورية تجاه طموحات أبناء الرافدين والحركات والأحزاب الي تمثلهم في دمشق وتوالت المضايقات الكبيرة لاجبار ممثلوا الكيانات والأحزاب مغادرة البلاد وأتذكر في حينها أتصل بي أحد القياديين من دمشق طالبآ مني دراسة وترتيب مجيئه الى هولندا وتقديمه اللجوء السياسي في هولندا !! وذلك بسبب التهديد والمضايقات الدائمة له من قبل المخابرات السورية .. المهم استمر الحال حتى سقوط النظام الصدامي وبدأ العد التنازلي لسقوط وتهاوي النظام السوري وانتقلت سوريا الأسد والصمود والتحدي الى سوريا المؤامرات والاغتيالات والارهاب في مخطط استخبارتي دولي واقليمي مدروس يهدف الايقاع بسورية والتخلص منها والى الأبد وقد وجدت الأسباب والمبررات لذلك ويمكننا أن نوجز أهم النقاط وهي :

أولآ : الاستخدام المفرط للأسلحة ضد المناوئين لنظام بشار الأسد وعدم الانصياع الى منطق العقل بالدخول في مفاوضات سريعة مع زعماء المعارضة ومن يمثل الحركة الشعبية المناهظة وتقديم التنازلات لهم بل عمد النظام الى اتباع سياسة الاغتيالات المنظمة لزعماء هذه الاحتجاجات في جميع المدن والقصبات السورية وفتح على نفسه أبواب جهنم ..

ثانيآ : دخول النظام السوري في اللعبة الارهابية القذرة وذلك بتدريب وارسال وادخال الارهابيين والمفخخات الى العراق بالاشتراك مع دول اقليمية والحصول على شتى أنواع الدعم! وقد ترأس هذا الملف وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود وقام باطلاق سراح الكثير من أعضاء تنظيم القاعدة من السجون السعودية وتسليمهم الى النظام السوري في مخطط رهيب لافراغ المملكة منهم واشغالهم في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن وأفغانستان والباكستان تحت يافطة الجهاد وفتح مقرات ومعسكرات تدريب على الحدود العراقية السورية والتكفل بالدعم المالي الكامل لهم ولعوائلهم في كل أنحاء العالم.

ثالثآ : نشر الفكر الوهابي والسلفي في بلاد الشام خصوصآ بعد ان وجد هذ الفكر أرضآ خصبة في بلاد الأمويين وتم توزيع ونشر مئات الآلاف من الأقراص سي دي في جميع أنحاء سوريا وطباعة عشرات الآف من الكتب التكفيرية والشحن الطائفي والتحريض على القتل والانتقام وتم تمرير هذه المؤامرة واجبار بشارالأسد على قبولها بعد ان تعاضم الدعم السعودي الملكي اللامحدود والمزدوج للنظام السوري والأحزاب التكفيرية والارهابية التي بدأت ظاهرة للعيان في بلاد الشام وتعاضم دورها وتأثيرها في الحياة الاجتماعية السورية وابتلاع الرئيس السوري الطعم تحت مسميات الاصلاحات واعادة ترتيب البيت السوري ..

رابعآ: التمويل السعودي اللامحدود للقنوات الفضائية ومنها قناة العربية التي جندت جميع طاقاتها وكوادرها لاسقاط النظام السوري وقد جاءت قناة صفا السلفية التكفيرية لتكمل هذا العنوان ولكن بلون طائفي وتكفيري وهابي سلفي علمآ ان زعماء السلفية ينكرون على بقية المسلمين بالوقوف ضد الحاكم وولي الأمر وهذا الأمر نجده مختلفآ تمامآ عند هذه القناة ومن يترأسها والتي أصبحت عارآ على المسلمين لتبنيها الصريح للقتل والارهاب والطائفية بزعامة اللوطي الجندي السوري الهارب العرعور والذي يدعي انه من شيوخ السلفية...

خامسآ : اتهام النظام السوري في الوقوف وراء عملية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري والقاء الشبهات على رأس النظام بعد الموت المفاجئ لشهود مفترضين من القادة الأمنيين والعسكريين السوريين للادلاء بشهادتهم أمام المحكمة المختصة باغتال الحريري وان برأت المحكمة الدولية النظام في سوريا والصقت التهمة بحزب الله فلا زالت هنالك شكوك قوية في ان الفاعل الرئيس وهو النظام السوري وليست أطراف أخرى ...

سادسآ: الضغوط الدولية الكبيرة على سورية وايران وحزب الله وسع الفجوة بين الأطراف الثلاثة وأضعف مواقفهما وباتت اليوم التصريحات الايرانية أقل تشنجآ وحدة وأضحى التغير أكثر قبولآ وهذا مايفسر وصول وفد سري من رموز المعارضة السورية الى طهران لتقديم التطمينات للجانب الايراني والابقاء على المعاهدات والاتفاقيات الموقعة بين البلدين وبدورها تفهمت ايران هذه المواقف وأبدت رغبتها في حل النزاع وتقديم النصائح لكافة الأطراف والجلوس على مائدة المفاوضات ...

سابعآ: دخول القطبين الكبيرين روسيا والصين في مفاوضات مع المعارضة السورية ومسك العصى من الوسط بعد ان أبدت المعارضة السورية ومن يساندها تذمرآ شديدآ من بعض المواقف الدولية المؤيدة والمساندة للنظام واستخدام الصين وروسيا حق الفيتو لتعطيل قرار يدين النظام السوري ويمهد لاستخدام القوة لاسقاط النظام ...

ثامنآ : التغير الكبير الذي طرأ على الموقف التركي الأخير في دعمه للمعارضة السورية وتبني الموقف الأمريكي لاسقاط النظام بعد ان كان الأتراك الحليف الأقوى للرئيس بشار الأسد خاصة في اطار الاتفاق المهم الموقع بين الطرفين لتحجيم حزب العمال الكردستاني وطرد قياداته خارج الحدود السورية ومن الملفت اليوم عودت التوتر العسكري بين حزب العمال الكردستاني وتركيا وذلك بعد تبني الحزب العملية الأخيرة والتي قتل فيها 26 عسكريآ تركيآ وجاءت هذه العملية بعد ان أبدت سورية انزعاجها الكبير من الأتراك وهددت في استخدام الكثير من الأوراق الضاغطة لديها وقد أوضح الرئيس التركي اليوم في خطابه بمسؤولية دولة مجاورة في دعم هذا الحزب وأشار بأصابع الاتهام الى سورية !!

وبعد كل هذه المواقف الاقليمية والدولية يأتي الموقف العراقي الأخير في اجتماع الجامعة العربية داعمآ للموقف السوري بل أصبح العراق صاحب المبادرة والمقترح الذي أجبر دول الخليج في تغير موقفها بتجميد عضوية سورية في الجامعة العربية وكنا نتمنى أن يكون هنالك موقفآ رسميآ سوريآ بتقديم الشكر والامتنان للعراق لا العربدة والشعارات الصاخبة في التظاهرات الأخيرة المؤيدة للنظام في مدينة حلب واتهام جميع الدول العربية المجتمعة بالالفاظ النابية وهذا درس آخر نتعلمه في كيفية التعامل مع المسيئين .. ولابد من التذكير بالدور الذي لعبه كل الخيرين والمتصدين للعملية السياسية في العراق في وقف نزيف الدم والأخطار القادمة من سوريا بشتى الطرق والوسائل فمنهم من كان عنيفآ بالرد ومنهم من استخدم الكلمة الطيبة ومنهم من طالب بالذهاب الى مجلس الأمن والقائمة تطول ولكن دون جدوى ، وبالمقابل اصر الأخوان في سورية الأسد ومنذ تغيير النظام السياسي في العراق على أخذ الحيطة والحذر بالتعامل مع الحكومة العراقية الجديدة والمنتخبة ديمقراطيآ وبقينا نرجح استخدام سياسة العصا والجزرة وتقديم جميع التسهيلات وضخ الأموال في السوق السورية وأغفلنا وتركنا أسواقنا واقتصادنا لكل من هب ودب طمعآ في تأمين الجانب الأمني عندنا الذي كاد أن يسقط بالعملية السياسية ويهددنا جميعآ لولا رحمة ربي وقد دخلنا في لعبة التوازنات والدول الكبرى وأخيرآ قبلنا بالأمر الواقع وبالموجود للحفاظ على وجودنا وكياننا لنبني عراقآ جديدآ ولو بعد حين ..

وبعد كل هذا لابد أن نعبر عن رأينا الصريح فيما يجري حاليآ في سوريا ويكون لدينا موقفآ رسميآ مما يجري هناك....

نحن شعب كريم تواق للحرية والعدالة ناصر للمظلوم نبحث عن الآمان والسلام ...

نحن مع ثورة بوعزيزي ووائل غنيم واليمن السعيد وليبيا الثوار والبحرين المظلومة المكبلة بآل خليفة والمحاصرشعبها بالقواعد الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي وانتفاضة أهلنا واخواننا في القطيف وبالتأكيد نحن مع الكلمة الحرة والتغير الصحيح في سوريا ولسنا مع التغير الذي سيجر علينا بالمصائب والويلات أكثر مما نحن فيه الآن ولن نكون على استعداد للوقوف مع الطائفيين والسفيانيين الذين كشروا عن أنيابهم وهم مازالوا في أول الطريق بالصاق التهم الصريحة والواضحة والمستوردة من الحقد الأموي والوهابي على أتباع أهل البيت (ع) بل ذهبوا في تهديداتهم لأبناء شعبنا ومن خلال القنوات الفضائية المسمومة وقد صرح العرعور المسعور ومن خلال قناة صفا بتهديداته الطائفية بوضع جميع الشيعة في سوريا في فرامة ليتم التخلص منهم مباشرة بعد سقوط النظام السوري!!! ولم يسلم من تهديداتهم هذه حتى العراقين المساكين القاطنيين في منطقة السيدة زينب وباتوا يتوعدون لهذا المذهب وهذه الجماعة وهذه الدولة وهم لايمتلكون الحكم فما بالكم لو سيطر هؤلاء وجاءوا بالدولة السفيانية الموعودة !! ...

نصيحتنا الى الحكومة العراقية وأصحاب القرار السياسي في استخدام جميع الأوراق الضاغطة على النظام السوري خاصة بعد ان أصبح اليوم اللعب على المكشوف وباتت الأمور أكثر وضوحآ وصراحة وانكشف المستور فلماذا لايجيد قادتنا لعب الكبار ؟؟!! أليست هي السياسة وفن الممكن ؟ ألم نفقه لايوجد عدو دائم ولاصديق دائم انما توجد مصالح دائمة ... أيها السادة علينا توحيد الخطاب السياسي أولآ والاتفاق بين جميع الكتل السياسية وخاصة أعضاء التحالف الوطني العراقي الذي أظهروا مؤخرآ تقاربآ كبيرآ في وجهات النظر وتجاوزهم الخلافات خدمة للوطن والمواطن، واستخدام جميع الأوراق التي تمتلكها خاصة لو عرفنا ضعف الموقف السوري عربيآ ودوليآ ومطالبتنا الصريحة من السوريين ومن موقع القوة الذي نمتلكه الآن بايقاف جميع نشاطتهم المعادية للعراق والشعب العراقي وتسليم أعضاء حزب البعث العراقي المشؤوم والقتلة القابعين في سوريا والمدعومين من مخابرات النظام السوري أو طردهم وتهجيرهم الى دول العالم المختلفة لتفريقهم وكسر شوكتهم وهذا أقل شيء يمكن ان تفعله سوريا ونظامها للتكفير عن جرائمها اتجاه العراق وشعبه ولانريد أن نرفع سقف التوقعات والمطاليب معهم في هذه المرحلة وبعد ذلك سيكون لكل حادث حديث ... كلمة أخيرة للأشقاء في سورية .. لقد انتهى اليوم الربيع العربي بسقوط الفراعنة الثلاث حسني والعابدين والقذافي .. وباتت عواصف الخريف والشتاء مهددة على الأبواب !!! فهل من معتبر ....
 

Share |