سماسرة الأطباء ينشطون في الناصرية .. وسعر المريض لا يتعدى الألفي دينار عراقي !
Tue, 17 May 2011 الساعة : 10:45

شبكة إخبار الناصرية/زمن الشيخلي:
في الناصرية ، إذا كنت تشكو من الم في بطنك فليس مستغرباً إن تجد نفسك أمام طبيب "أطفال " وإذا كنت تشكو من الم المفاصل فليس مستغرباً إن تجد نفسك أمام طبيب "جراح" ، في شارع ألحبوبي بعض الأطباء لا يؤمنون بالاختصاص أبدا ، إيمانهم الوحيد والمطلق " بالمال " حتى لو كان الحصول عليه بوسائل " الخداع " في النهاية هو وسيلة تبرر غايتها ، فحتى اللجوء إلى "سماسرة " لاصطياد "المرضى " جائز في عرف هولاء " الأطباء " ..! ، لا تستغربوا ففي جعبتنا ما يثبت ذلك .
سعر " المريض " ألفي دينار فقط ..!
الحكاية كانت من لافتات صغيرة ومنشورات وزعت في شوارع وساحات المدينة ، تدعو إلى "الثورة " ضد جشع " الأطباء " و"الصيادلة " ، وتصفهم بـ"مصاصي دماء الفقراء " .
هذه اللافتات حركت فضولنا الصحافي ورحنا نبحث عن سبب هذا التوصيف ، واليكم ما سمعناه :
يقول احد الذين التقتهم شبكة إخبار الناصرية وهو يعمل مع احد الأطباء في عيادته الخاصة : اغلب الأطباء الجدد ليس لديهم زبائن ، يضطر البعض منهم ( إي الأطباء ) إلى إجراء عمولة مع احد" السماسرة" ليجلب له المرضى من الشارع ، ليحصل "السمسار " على مبلغ قدره ألفي دينار عن كل مريض تدفع من أجرة الطبيب ، بغض النظر عن المرض المصاب به المريض فقد يجلب "السمسار" مريضاً مصاب بأحد الإمراض الباطنية الى طبيب مختص في الجراحة ! .
ويضيف : حالة بيع وشراء المريض بين هؤلاء" السماسرة" سائدة ، الأطباء هم من يحرضون على ذلك .
ويؤكد : اغلب" السماسرة" من الشباب العاطلين عن العمل هولاء يتقاضون " ألفي دينار " عن كل زبون يصطادونه من الشارع ،.
وعند سؤالنا عن أخر عملية بيع يبتسم ويرد : آخرها قبل ساعة فقد وقع مريض بيد احد السماسرة وقام بجلبه الى موظف الطبيب الجراح وشاهدت الموظف وهو يعطي ألفي دينار وهي القيمة المالية المعروفة لكل مريض يجلب ، لكنه يعود ليؤكد مرة أخرى : حاول بعض السماسرة الاتفاق معي لكني رفضت هذا الأمر .
أبناء" الأرياف" ...زبائن "مفضلون "...!
تركنا هذا الرجل ورحنا نبحث عن " سمسير" ليحدثنا عن طبيعة عمله ، لم يضننا التعب فسرعان ما تعرفنا على احدهم ، شاب في مقتبل العمر ، طلبنا أن نتحدث معه رفض بادئ الأمر ، لكنه حصل على وعد منا بعدم الكشف عن اسمه أو أي تفاصيل ، فحدثنا أخيرا عن عمله :
نحنُ هنا مجرد "وسطاء " ، اغلب الذين نقنعهم من الأرياف والقرى ، هؤلاء هم "زبائننا " المفضلون ، نراهم حائرين يبحثون عن طبيب ما ، وبما إن الكثير منهم لا يجيدون القراءة ، نعرض عليهم المساعدة وبالتالي نقنعهم بالذهاب إلى " الطبيب الفلاني " ، ونحصل على مبلغ " ألفيي دينار " فقط .
ويضيف قائلاً : الأطباء هم من شرّعوا بهذه التجارة . فعندما يأتي طبيب جديد إلى ألحبوبي يكون غير معروف فيطلب منا جلب المريض مقابل الحصول على "عمولة ".
وعن نسبة الأطباء المتعاملين بهذه الطريقة " الجديدة " يقول : بتقديري 20% من الأطباء يعمدون إلى هذا العمل .! .
لم نتوقف عن البحث فالموضوع قدر ما هو " معيب " قدر ما هو مغري لنا ، فهذه واحدة من عوالم السوق السوداء التي امتدت لتشمل "طبقة" طالما وصفت بـ"نخبة المجتمع " .
" سمسير " آخر ممن تحدثوا لشبكة إخبار الناصرية ، قال : منذ فترة طويلة اعمل بهذه المهنة ، وأنا متفق مع أكثر من خمسة أطباء ، بعض الأطباء يعرفونني جيداً ويشجعونني أيضاً ويوفرون لي الحماية .
حين طالبناه بكشف بعض أسماء هولاء الأطباء الذين يتعامل معهم ، رفض الأمر بشدة ، معللاً السبب بخوفه من ردة فعلهم ، ولكنه يضيف : ليس الأطباء فقط هم من يتعاملون معنا فالطبيبات أيضا كذلك وكذلك الصيادلة ، فعندما يرسل سمسير ورقة أدوية لمريض فانه سيحصل من صاحب الصيدلية على مبلغ معين وهذا كله على حساب المريض لاسترجاع عمولة السمسار .
يختتم حديثه معنا : ندرك إن ما نقوم به ِ عمل غير "جيد " ولكننا في النهاية مجبرين لان هذه المهنة مصدر معيشتنا ..!.
مسؤولون حكوميون : ظاهرة مؤسفة .. والنقابة هي المسؤولة..
توجهنا هذه المرة الى الجهات ذات العلاقة ، وحدثنا السيد حيدر كريوش معاون المحافظ لشؤون المتابعة الذي قال : هناك نفر ضال من بعض الأطباء مع الأسف يشوه الصورة الجميلة للأطباء في المحافظة ، ويقوم بمثل هذه الممارسات التي لا تنسجم مع أهداف ومنهج هذه المهنة الشريفة .
كريوش دعا الهيئة الإدارية لنقابة الأطباء إن تأخذ دورها الطبيعي باعتبارها الجهة المهنية التي تدافع عن حقوق الأطباء " نطالبها إن تطالب بحقوق المرضى الذين يستغلون من بعض الأطباء من ضعفاء النفوس ودخولهم بهذه الطريقة البشعة والغير الإنسانية " .
كما دعا قسم التفتيش في دائرة صحة ذي قار إن يأخذ دوره الطبيعي وان يشخص هذه الحالات ، وعلى المواطن الذي يتم استغفاله عليه أن يشعر ديوان المحافظة أو دائرة التفتيش في صحة ذي قار والإعلام عن هذا الطبيب الذي يستخدم هذه الأساليب الرخيصة .
إما مظفر الشمري عضو مجلس محافظة ذي قار ورئيس اللجنة القانونية فيه ، فأنه أكد استلام لجنته عبر بريدها الالكتروني الكثير من الشكاوى عن هذه الظاهرة التي عدها واحدة من الممارسات الغير قانونية التي تستدعي الوقوف بوجهها بحزم .
الشمري كشف إن عيادات الأطباء مبهمة ولا يعرف مرجعيتها القانونية ومن هي الجهة المخولة بمراقبتها وتفتيشها .
ودعا ألشمري نقابة الأطباء إلى متابعة هذه القضايا مع العلم إن النقابة " قاصرة " عن لعب هذا الدور لعدم وجود كوادر متخصصة بالمتابعة .
وشدّد ألشمري على إن مجلسه اتخذ إجراءات منها الاتصال بمكافحة الجريمة الاقتصادية وتحذير بعض السماسرة من مغبة ما يقومون به .
لكنه عاد أخيرا ليقول : الظاهرة اكبر من الحلول وستبقى قائمة ، ما دام الجشع والطمع يدفع ببعض الأطباء إلى مثل هذه الممارسات المشينة ".
(ح ق ح)