لا شك أن الظلم مرتعه وخيم-سيد صباح بهبهاني

Wed, 19 Oct 2011 الساعة : 23:31

بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} الكهف / 29
{وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً}الفرقان /37.
{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} الإسراء / 33. وقال تعالى:{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمًا} سورة النساء الآية 93.
لا شك أن الظلم مرتعه وخيم، والظلم من أقبح المعاصي وأشدها عقوبة، وقد حرم الله جل جلاله الظلم في كتابه الكريم وعلى لسان نبيه الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، ومن يستعرض القرآن الكريم والسنة النبوية يقف على مئات الآيات والأحاديث التي تحدثت عن الظلم والظالمين، وتوعدت الظلمة ولعنتهم، قال الله تعالى:{وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}سورة آل عمران الآية 57، وقال الله تعالى:{وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}سورة آل عمران الآية 86، وقال الله تعالى:{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} سورة الأنعام الآية 21، وقال الله تعالى:{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} سورة الأعراف الآية 44، وقال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}سورة هود الآية 102، وقال الله تعالى:{إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}سورة إبراهيم الآية 22 وقال الله تعالى:{وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً}سورة الإسراء الآية 82،وقال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً}سورة الكهف الآية 29،وقال الله تعالى:{وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}سورة الحج الآية 53، وقال الله تعالى:{وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً}الفرقان37 الآية وقال الله تعالى:{مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}سورة غافر الآية 18، وقال الله تعالى:{يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}غافر الآية52 وقال الله تعالى:{وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}سورة الحج الآية 71. وقال الله تعالى:{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا القُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِين ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}سورة يونس الآيتان13-14. وقال الله تعالى:{وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا}سورة الكهف الآية 59،وقال الله تعالى:{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء}سورة إبراهيم الآيتان42-43، وقال الله تعالى:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}سورة الشورى الآية 42، وغير ذلك من الآيات، وأما الأحاديث فمنها:ما ورد في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة والجلال:( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا ) رواه مسلم. وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ) رواه مسلم.
ومن أشكال الظلم القتل وسفك الدماء، قال الله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} سورة الإسراء الآية 33. وقال تعالى:{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمًا} سورة النساء الآية 93.وثبت في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال:(الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين) رواه البخاري. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) رواه البخاري. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجلٍ مسلم) رواه الترمذي وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/56. وغير ذلك من الآيات والأحاديث. ومن أشكال الظلم التعدي على أعراض الناس، قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثمًا مُبِينًا} الأحزاب / 58، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النور / 23. ومن أشكال الظلم ما يكون بين الموظفين فيجور المدير على من هم تحت مسؤوليته، فصرنا نرى من يتولى مسؤولية ما، يصير كالفراعنة الجبابرة فيسوم الناس سوء المعاملة، ونسي هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(اللهم من وَليَ من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم؛ فاشقق عليه. ومن وَلِيَ من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم؛ فأرفق به ) رواه مسلم. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره) رواه أبو داود والترمذي ..المراد باحتجاب الله عنه أن لا يجيب دعوته ويخيب آماله] عون المعبود 6/426. ويلحق بذلك ظلم العمال وصغار الموظفين الذين تضيع حقوقهم وأجورهم، وورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)
وأن عقيدة آهل البيت في الجور والظلم
من أكبر ما كان يعظمه الأئمة عليهم السلام على الانسان من الذنوب العدوان على الغير والظلم للناس ، وذلك اتباعا لما جاء في القرآن الكريم من تهويل الظلم واستنكاره ، مثل قوله تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
وقد جاء في كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما يبلغ الغاية في بشاعة الظلم والتنفير منه ، كقوله وهو الصادق المصدق من كلامه في نهج البلاغة برقم 219 : ( والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت).
وهذا غاية ما يمكن أن يتصوره الانسان في التعفف عن الظلم والحذر من الجور واستنكار عمله . أنه لا يظلم " نملة " في قشرة شعيرة وإن أعطي الأقاليم السبعة.
فكيف حال من يلغ في دماء المسلمين وينهب أموال الناس ويستهين في أعراضهم وكراماتهم ؟ كيف يكون قياسه إلى فعل أمير المؤمنين ؟ وكيف تكون منزلته من فقهه صلوات الله عليه ؟ إن هذا هو الأدب الإلهي الرفيع الذي يتطلبه الدين من البشر.
نعم ! إن الظلم من أعظم ما حرم الله تعالى ، فلذا أخذ من أحاديث
آل البيت وأدعيتهم المقام الأول في ذمة وتنفير أتباعهم عنه . وهذه سياستهم عليهم السلام ، وعليها سلوكهم حتى مع من يعتدى عليهم ويجترئ على مقامهم.
وقصة الإمام الحسن عليه السلام معروفة في حلمه عن الشامي الذي اجترأ عليه وشتمه ، فلاطفه الإمام وعطف عليه ، حتى أشعره بسوء فعلته.
وقد قرأت آنفا في دعاء سيد الساجدين من الأدب الرفيع في العفو عن المعتدين وطلب المغفرة لهم . وهو غاية ما يبلغه السمو النفسي والانسانية الكاملة ، وإن كان الاعتداء على الظالم بمثل ما اعتدى جائزا في الشريعة وكذا الدعاء عليه جائز مباح ،
ولكن الجواز شئ ، والعفو الذي هو من مكارم الأخلاق شئ آخر ، بل عند الأئمة أن المبالغة في الدعاء على الظالم قد تعد ظلما ، قال الصادق عليه السلام ( إن العبد ليكون مظلوما فما يزال يدعو حتى يكون ظالما ) أي حتى يكون ظالما في دعائه على الظالم بسبب كثرة تكراره.
يا سبحان الله ! أيكون الدعاء على الظالم إذا تجاوز الحد ظلما ؟
إذن ما حال من يبتدئ بالظلم والجور ، ويعتدي على الناس ، أو ينهش أعراضهم ، أو ينهب أموالهم أو يشي عليهم عند الظالمين ، أو يخدعهم فيورطهم في المهلكات أو ينبزهم ويؤذيهم ، أو يتجسس عليهم ؟ ما حال ؟
مثال هؤلاء في فقه آل البيت عليهم السلام ؟ إن أمثال هؤلاء أبعد الناس عن الله تعالى ، وأشدهم إثما وعقابا ، وأقبحهم أعمالا وأخلاقا.
وقال الفخر الرازي:[ الآية تدل على أن الرعية متى كانوا ظالمين، فالله تعالى يسلط عليهم ظالماً مثلهم، فإن أرادوا أن يتخلصوا من ذلك الأمير الظالم فليتركوا الظلم] التفسير الكبير 13/194. ويجب أن يُعلم أن الظلم من الذنوب التي قد يعجل الله عقوبتها في الدنيا، فعن أبي هريرة ..كان أول والي على البحرين في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه عندما سأله عن الثروة التي جمعها أبو هيريرة إذ سأله عمر رضوان الله عليه من أين لك هذا يا شيخ النظيرة :قال هدايا تلاقفت وخيول تزاوجت وفلطمه الخليفة الفاروق فأدماه وصادر الأموال إلى بيت المال ..ومن يكون اليوم لي يصادر أموال الأمراء والشيويخ والرؤوس الفاسدة. ونعود للحديث عن الظلم.. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(ليس شيء أُطيعَ الله فيه، أعجل ثواباً من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع) رواه البيهقي وبلاقع، جمع بلقع وبلقعة، وهي الأرض القفر التي لا شجر فيها.والله جل جلاله قد يملي للظالم ثم يأخذه أخذةً شديدةً، كما ورد..قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ:{وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}رواه البخاري ومسلم. وأما عقوبة الظالم في الآخرة فقد قال تعالى:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} طه /111،وقال تعالى:{أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} هود / 18، وقال الله تعالى:{أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} الشورى / 45 وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(الظلم ظلماتٌ يوم القيامة) كما سبق. وأما إعانة الظالم على ظلمه فمن المهلكات التي توجب غضب الله عز وجل، فقد ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(من أعان على خصومةٍ بظلمٍ، لم يزل في سخط الله حتى ينزع) رواه ابن ماجة وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(من أعان ظالماً بباطلٍ ليدحض بباطله حقاً، فقد برئ من ذمة الله عز وجل وذمة رسوله) رواه
وخلاصة الأمر أن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، وأن إعانة الظالم على ظلمه موجبة لسخط الله عز وجل، وعلى الظالم أن يرجع عن ظلمه وأن يتحلل من المظالم، لما ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) رواه البخاري. وليحذر الظلمة دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب كما في الحديث في صحيح البخاري. وقال الإمام الشافعي ونعم ما قال في هذا الصدد:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنـام عيناك والمظلوم منتبهٌ يدعو عليك وعين الله لم تنم.
وأن عموم المسلمين والسنة النبوية وخصوصاُ عقيدة المسلمين الشيعية الإمامية في التعاون مع الظالمين
ومن عظم خطر الظلم وسوء مغبته أن نهى الله تعالى عن معاونة
الظالمين والركون إليهم ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله أولياء ثم لا تنصرون).
هذا هو أدب القرآن الكريم وهو أدب آل البيت عليهم السلام . وقد ورد عنهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين ، والاتصال بهم ومشاركتهم في أي عمل كان ومعاونتهم ، ولو بشق تمرة.
ولا شك أن أعظم ما مني به الإسلام والمسلمون هو التساهل مع أهل الجور ، والتغاضي عن مساوئهم ، والتعامل معهم ، فضلا عن ممالاتهم ومناصرتهم وإعانتهم على ظلمهم ، وما جر الويلات على الجامعة الإسلامية إلا ذلك الانحراف عن جدد الصواب والحق ، حتى ضعف الدين بمرور الأيام ، فتلاشت قوته . ووصل إلى ما عليه اليوم ، فعاد غريبا.
وأصبح المسلمون أو ما يسمون أنفسم بالمسلمين ، وما لهم من دون الله أولياء ثم لا ينصرون حتى على أضعف أعدائهم وأرذل المجترئين عليم ، كالصهيونية الأذلاء ، فضلا عن المتغطرسين الأقوياء
لقد جاهد الأئمة عليهم السلام في أبعاد من يتصل بهم عن التعاون مع الظالمين ، وشددوا على أوليائهم في مسايرة أهل الظلم والجور وممالاتهم ولا يحصى ما ورد عنهم في هذا الباب ، ومن ذلك ما كتبه الإمام زين العابدين عليه السلام إلى محمد بن
مسلم الزهري بعد أن حذره عن إعانة الظلمة على ظلمهم : ( أوليس بدعائهم إياك حين دعوك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسلما إلى ضلالتهم ، داعيا إلى غيهم ، سالكا سبيلهم.
يدخلون بك الشك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم . فلم يبلغ
أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم ، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك ، وما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك.
فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك ، وحاسبها حساب رجل مسئول . . . ما أعظم كلمة ( وحاسبها حساب رجل مسئول ) ، فإن الإنسان حينما يغلبه هواه يستهين في أغوار مكنون سره بكرامة نفسه ، بمعنى أنه لا يجده مسئولا عن أعماله ،
ويستحقر ما يأتي به من أفعال ، ويتخيل أنه ليس بذلك الذي يحسب له الحساب على ما يرتكبه ويقترفه إن هذا من أسرار النفس الإنسانية الأمارة ، فأراد الإمام أن ينبه الزهري على هذا السر النفساني في د خيلته الكامنة ، لئلا يغلب عليه الوهم فيفرط في مسئوليته عن نفسه.
وأبلغ من ذلك في تصوير حرمة معاونة الظالمين حديث صفوان الجمال مع الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وقد كان من شيعته ورواة حديثه الموثقين قال - حسب رواية الكشي في رجاله بترجمة صفوان : دخلت عليه . فقال لي : يا صفوان كل
شئ منك حسن جميل ، خلا شيئا واحدا قلت : جعلت فداك ! أي شئ ؟ قال : أكراك جمالك من هذا الرجل " يعني هارون " . قلت : والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ، ولا للصيد ، ولا للهو ، ولكن أكريته لهذا الطريق " يعني طريق مكة " ولا أتولاه بنفسي ولا تنسوا يا ظلمة وظالمين وأنتم يا ولاة الأمر الظالمين أنه صبر عليكم
لأن البيت في قبضتكم مسلوب وسوف يحرر من قبل المسلمين المؤمنين بعون الله وعن قريب..كفوا عن تمويل الإرهابيين وشراء الذمم بأموال المساكين الحجازيين!! ولا تنسوا الظلم لو دام دمر!!!وسوف نرى بعون الله كيف يحكم الله :ويهلك ملوك ويستخلف آخرين...والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب المربي

[email protected]
 

Share |