ما رفضه القصاب بالامس هل رضي به البرزاني اليوم؟/عبد الرحمن اللويزي

Sat, 24 Sep 2016 الساعة : 9:05

عندما يقوم سياسيٌ مرموق عمل دهراً طويلا في مجال السياسة وتدرج فيها من موظف بسيط في سلك الحكومة حتى اصبح وزيراً ورئيساً لمجلس النواب, عندما يقوم شخص في ذلك المستوى بتدوين مذكراته التي تختزل عمره كله, فلن يكون هناك مجال لذكر كل تفاصيل عمله بشكل يومي, لكن صفحات كتابه المدون كما هي صفحات ذاكرته الافتراضية, ستقف فقط عند أبرز تلك الحوادث وأكثرها أثراً في نفسه.

قد يمر على ذكر حادثة ما, مروراً عابراً, لكن عندما يقرر أن يفرد لها عنواناً مستقلاً خاصاً بها, فهذا فيه دلالة أخرى على أهمية تلك الحادثة.
 هذه المقدمة تفسر لنا لماذا أفرد المرحوم عبد العزيز القصاب (1882-1965م) في مذكراته (مذكرات عبد العزيز القصاب/المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الاولى 2007)  عنواناً مستقلاً لقضية (محمد النجفي) يروي القصاب تفاصيل تلك القصة التي حدثت عندما كان القصاب يشغل منصب متصرف الموصل عام 1924 عندما دخل عليه مكتبه محمد النجفي, جد السيد أسامة عبد العزيز محمد النجفي, كان النجفي يحمل في يده سندات طابو, قام بوضعها على مكتب القصاب وقال له , أن هذه السندات تثبت ملكيته لـ (29) تسعة وعشرين قرية في ناحية قرقوش وأبدى استعداده للتنازل عن ربع مساحة تلك القرى وتسجيلها ملكاً صرفاً باسم القصاب إذا قام الأخير باصدار أمر بنقل مدير ناحية قرقوش وأن يقوم المتصرف بترحيل عددٍ من الفلاحين الذين يسكنون نفس القرية التي يسكنها النجفي, مع أنهم يملكون مساحات صغيرة من الأراضي الزراعية مجاورة لمساحات شاسعة يملكها النجفي.
يأتي الرد قاسياً من المتصرف الذي يفهم النجيفي بأن الفلاحين يملكون كما يملك النجفي وأن سبيله هو القضاء في حسم اي نزاع وليس تقديم الرشوة, ثم يقوم المتصرف بطرد النجفي شر طردة بعد ان يامره بحمل سنداته.
يقول القصاب أنه بعد عدة أيام من تلك الحادثة, أخبره المفتش البريطاني (لويد)  بأن محمد النجفي, غادر الى بغداد واخذ معه ثلاث رؤس خيل ممتازة, وبعد فترة قصيرة ورده كتاب من وزارة الداخلية يستفسر فيه عن قضية محمد النجفي واسبابها, فرفع القصاب كتاباً الى وزارة الداخلية فيه مطالعة عن تلك القضية مع اولياتها, وبعد أربعة أشهر من تعيين عبد العزيز القصاب وزيراً للداخلية, جاء إلية رئيس الوزراء يومها المرحوم عبد المحسن السعدون وهو يحمل ملفاً وضعه على مكتب القصاب وهو يضحك ويقول"ستلاقي مع هذه الاوراق عناءً كبيراً" يقول القصاب: قلبت تلك الاوراق فاذا هي ملف قضية محمد النجفي كما رفعته الى الوزارة عندما كنت متصرفاً, ولم يتخذ به أي إجراء وليس عليه أي هامش.
يتابع القصاب أنه زار الملك فيصل بعد توليه حقيبة الداخلية بعشرة أيام, فقال له ضاحكاً, "يا عبد العزيز: أرجو أن تخلصني من محمد النجفي وتنهي قضيته المعلقة "
أجاب القصاب بأنه سيكلف متصرف الموصل ناجي شوكت بدراسة هذه القضية مجددا واصدار ما يراه مناسباً من قرار, مكث ناجي شوكت في دراسة القضية اربعة أشهر وقام بالكشف موقعياً على الارض فصدر قراره مطابقاً لقرار القصاب الي قال أنه لا مجال لنقضه لأنه قرار صحيح.
أن الصفقة التي عرضها محمد النجفي على المتصرف والتي ابدى استعداده فيها للتنازل عن جزء من الاراضي في مقابل منفعة مباشرة ستمكن النجفي من السيطرة على كل اراضي القرية التي كان يسكنها حتى لو أدى ذلك الى طرد الفلاحين أصحاب الحق, ستجعل القاريء لا يشك في وجود صفقة مشابهة يجري الاعداد لها الآن يستقوي فيها حفيد النجفي بالسلطة والمال لاحداث تغيير يصب في مصلحته الخاصة, واذا كان المثل العربي يقول"من شبه أباه فما ظلم" فلن يخرج عن هذه القاعدة الحفيد أيضاً.
أخيراً فإن لقب (النجفي) الذي اصبح اليوم النجيفي له علاقة بالتنصل من هذه الحقائق التاريخية وحقائق أخرى قد تكون أكثر إحراجاً, ربما تكون كتب أخرى وأشعارٌ قد أرخت لها أيضاً.
الجدير بالذكر أن أهداء الخيل الأصيلة هو تقليد يلتزم به أحفاد النجفي أو النجيفي إن شئتم الى يومنا هذا, وعلاقات السيد أسامة النجيفي المتميزة مع بعض الساسيين كان عربونها هو هدايا من هذا النوع.
قد يعتبر البعض أن هذا الكلام هو تسقيط سياسي, لكني اقول أنه أمر ضروري له علاقة بفهم سايكولوجية من نتعامل معهم ويتعامل معهم البعض على أن سلوكهم وتصرفهم ينطلق من حرصهم على مصالح أهل نينوى, ويجهل من لايزال يعتقد ذلك, بأن الفلاحين الذين كان النجيفي الجد يحاول طردهم من أرضهم هم من سكان نينوى أيضاً.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما رفضه القصاب بالامس هل رضي به البرزاني اليوم؟
#لا_لتقسيم_نينوى

Share |