الناصرية مدينة الكرماء/عباس ساجت الغزي
Thu, 15 Sep 2016 الساعة : 9:36

الناصرية مدينة العجائب والغرائب, كتاب مقدس ورثناه من الازمنة السحيقة, يفوح منه عبق التاريخ واصالة الجذور وعطر الواح الطين الندية.
مدينة لا تقف عند حدود العطاء تهب كل شيء بأفراط, تهب الابناء والاحبة قوافل وسفراء, تتصدر المواقف الوطنية والانسانية الصعبة بتضحيات جسِّام, تجود بأموال ابنائها من اجل ايواء وسعادة الغرباء.
قبل العيد عجت الاسواق بالمتبضعين, كنت ارقب عن كثب اثناء التجوال عملية التسوق, سمعت لهجات مختلفة للمتبضعين تدل على انهم ليسوا من سكنة الناصرية القدماء, ملابسهم رجال واطفالاً ونساء كانت توحي بذلك ايضاً.
اغلب سواق سيارات الاجرة كانوا كذلك, بعض اصحاب المطاعم والمحال التجارية كانوا من الوافدين للناصرية بعد احداث بغداد الساخنة والمحافظات التي تعرضت للتهجير الطائفي, الجميع وجد ضالته في المدينة البائسة التي لم تستطع انتشال ابنائها من بؤسهم نتيجة السياسات المتعاقبة عليها, فكان للأخرين حظوة بما لديهم من اموال وخلفية تجارية ومهارة بالتعامل ونفوس لم تذق طعم المرارة يوماً.
عيد الناصرية فرحة لا تنتمي لشقاء النفوس الاصيلة, مدينة الالعاب تغص بالعوائل والاطفال بملابس غريبة عن تقاليدنا, بوجوه وتصرفات صبيانية وشبابية كثير منها لم نألفه طيلة خمسة عقود في المدينة, كان غزو ثقافات وافراد بامتياز, وقريباً تغيير كبير يطال البيئة الاجتماعية للمدينة نتيجة تلك الثقافات المنفتحة حد مصادرة حقوق الاخرين.
كرماء.. نفتح قلوبنا قبل ايدينا لاحتضان الجميع, لكن على المثقف والمسؤول ومنظمات المجتمع المدني ان يرعوا سلبيات وايجابيات ما يحصل من تغيير, وان توضع الخطط الكفيلة بالحفاظ على النسيج الاجتماعي من خلال تحديد اعداد النازحين العراقيين والاجانب, ووضع ضوابط لشرائهم الدور والمحال وحصولهم على فرص استثمار وتسهيلات حكومية في المحافظة.
كل ابناء المدينة امام مسؤولية كبيرة في الحرص على مستقبل مدينتهم, الرصد والانتباه للظواهر الغريبة كفيل بان يحفز اصحاب الشأن على متابعة ما يجري, ومطالبنا برسم صورة واضحة لمستقبل المدينة لأننا نرى ضبابية كبير في استنزاف ارواح الابناء مقابل فتح الابواب لتوافد اخرين غرباء.