مبحث في العصمة على ضوء القرآن الكريم واللغة العربية/مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكردستانية
Sat, 3 Sep 2016 الساعة : 11:56

كلمات مدخلية : بالأصل هذا المبحث الموجز يتطرق الى الجذر والمعنى اللغوي للفظ العصمة على ضوء الآيات القرآنية التي وردت فيها اللفظة ومعاجم اللغة العربية ، مضافا الى المفهوم والتعريف . بداية يتم الرجوع الى بعض القواميس والمعاجم اللغوية العربية المصدرية المعروفة والمعتبرة ، ثم بعدها يتم عرض الآيات القرآنية التي وردت فيها لفظة العصمة بصيغ ومعان ومترادفات مختلفة . مع العلم إن هذا المبحث لا يبحث في موضوع عصمة الأنبياء الكرام – عليهم جميعا الصلاة والسلام - ، أو غيرهم من عباد الله الأولياء الصالحين ، حيث ذلك موضوع مستقل آخر ، ربما نفرد له مبحثا خصا اخر في آتيات الأيام .
1-/ العصمة ، جذرها اللغوي ومعانيها :
للفظ ( عصم – العصمة ) معان ومفاهيم شتى ومختلفة في اللغة العربية كما قال علماء اللغة العربية وأئمتها ، مثل : ( العصمة : المنع ، الحفظ ، الوقاية ، القلادة ، رباط الزوجية ، العقد ، لقب لعظيمات النساء مثل قولهم : صاحبة العصمة ، اللجوء – الإلتجاء ) وغيرها ، لكن بحثنا يدور حصرا حول مفاهيم : المنع ، الحفظ والوقاية وما يترتب عليها من معان ومفاهيم تتعلق بألفاظ ( عصم ، معصوم والعصمة ) .
يقول إبن منظور في معجمه < لسان العرب > : ( عصم : العصمة في كلام العرب : المنع ، وعصمه الله عبده : أن يعصمه مما يوبقه . عصمه ، يعصمه ، عصما : منعه ووقاه ) ينظر معجم ( لسان العرب لمؤلفه إبن منظور ، الجلد العاشر ، ص 176 ، حرف العين .
أما أحمد بن محمد الفيومي ، فيقول في قاموسه : ( عَصَمَهُ : الله من المكروه < يعصمه > من باب ضرب ؛ حفظه ووقاه ، و< آعتصمت بالله > ، إمتنعتُ به ) ينظر قاموس ( المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ) الجزء الثاني ، ص 414
جاء في ( معجم المعاني الجامع ) ، عن لفظ < عصم > : ( عَصَمَ الله عبده من كل مكروه : حفظه ، صانه ) ، ينظر ( معجم المعاني الجامع ) الطبعة الإلكترونية
تعريف العصمة :
جاء تعريف العصمة في ( معجم المعاني الجامع ) بالشكل التعريفي التالي : ( مَلَكة إلهية تمنع من فعل المعصية والميل اليها ، مع القدرة عليه ) ينظر نفس المصدر المذكور والطبعة المذكورة
القرآن الكريم ولفظي : عصم – العصمة :
1-/ { والله يعصمك من الناس } المائدة / 67 ، أي : الله يحفظك من الناس . هذا معناه : إن الله تعالى هو الحافظ - العاصم لنبيه محمد – عليه الصلاة والسلام –
2-/ { قال : سآوي الى جبل يعصمني من الماء * قال : لا عاصم اليوم من أمر الله إلاّ ما رحم ..} هود / 43 . أي : قال إبن نبي الله نوح له حينما آمتنع عن ركوب السفينة معه والمؤمنين في الطوفان ، بأنه سوف يأوى ويلجأ ويلوذ بجبل يعصمه – يحفظه من الغرق في الماء ، فقال له أبوه : لا حافظ ولا مانع اليوم الطوفاني من أمر الله تعالى ومشيئته إلاّ ما رحم هو سبحانه .
3-/ { قل : من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سُوءً * أو أراد بكم رحمة .. } ؟ ، الأحزاب / 17 . أي : من الذي بإمكانه حفظكم ، أو أن يحفظكم من دون الله عزوجل إن أراد هلاككم ، أو قدر لكم الحياة في البقاء ..؟
دلالة ومعنى ومفهوم مقولة ( غير الله غير معصوم ) :
ذكر الدكتور محمد صالح كَابوري في كتابه بعنوان ( خواطر ) في الصفحة < 70 > مقولته التالية : ( غير الله غير معصوم ) ، أي : لا مُنزَّه – لا معصوم ولا محفوظ من الخطإ إلاّ الله سبحانه وتعالى ، حيث هو فقط ، وحصرا منزه ومعصوم من الخطإ ، وهو جل في عُلاه فقط ، وحصرا مصدر ومنبع النزاهة والعصمة والعاصمية والمعصومية المطلقة .


