مسرحية أغتيال السفير سيئة التاليف و الإخراج-علاء الخطيب –لندن
Mon, 17 Oct 2011 الساعة : 10:38

لم تُتقن السعودية ولا الولايات المتحدة الأمريكة الحبكة الدرامية المسرحية لأغتيال عادل الجبير رغم إشراف موظفو الـ C.I.A على كتابة فصول المسرحية , فكانت تافه بكل المقاييس فقد سخرت منها كل وسائل الإعلام الغربية ولم تصدقها , فكانت الأندبيندت البريطانية أولى الصحف التي كتبت بلهجة ساخرة فقالت :على لسان باتريك كوكبورن تحت عنوان "المخطط الغريب غير منسجم مع ما يعرف عن أجهزة الاستخبارات الإيرانية". يقول الكاتب إن المزاعم التي تذهب إلى أن إيران استخدمت بائع سيارات مستعملة ومتهم سابقا بتزوير شيكات لتدبير اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن من قبل عصابة مخدرات مكسيكية لا تستقيم مع ما يعرف عن أجهزة الاستخبارات الإيرانية من حنكة ودراية عالية.
وأضاف أن إعلان وزير العدل الأمريكي، إريك هولدر، وبثقة عالية عن هذا المخطط يذكرنا بادعاء وزير الخارجية الأمريكي السابق كولين باول عام 2003 وأمام الأمم المتحدة بأن واشنطن كانت تملك أدلة لا تقبل التفنيد بأن صدام حسين كان يطور أسلحة الدمار الشامل. ويرى الكاتب أن المشكلة تكمن في أن الإدارة الأمريكية انخرطت في مسار يقود إلى إعلان الحرب على إيران، مضيفا أن سيكون من الصعوبة بالنسبة إلى الولايات المتحدة التراجع عن هذه المزاعم الآن. وتابع الكاتب أن المستفيدين من هذا المخطط المزعوم لا يمكن أن تخطئهم العين ومنهم المحافظون الجدد وغلاة أنصار إسرائيل الذين طالما دعوا إلى شن حرب على إيران.
فطالما حاولت السعودية ومن ورائها الأعلام العربي الببغائي المطبل وبدوافع طائفية إستبدال إيران بأسرائيل والشيعة بالصهيونية لغرض تحويل العقل العربي الى تموقع آخر لعدوٍ آخر لصالح مخططات إسرائيل من أجل إثارة فتن طائفية تُشغل بها الشارع العربي ,ولعل العراق هو المثال الصارخ لسياسة السعودية التي حاولت ومنذ اليوم الأول أن تزرع ماتستطيع من الغام في طريق إستقراره, فالمتابع للصحف السعودية وللقنوات والمواقع التابعة لها يجد ذلك بوضوح.فكل موضوع يخص العراق ولبنان يتحول بشكل تلقائي الى التعرض للشيعة وإيران وهو ما يسمى بعلم الإعلام تهيئة الرأي العام الجماهيري لقضيةٍ ما.
لكن هذه المرة قد أخطئت المملكة طريقها ووقعت ما وقع به صدام من وهم لدعم أمريكي في حالة إندلاع نزاع بين السعودية وإيران.
فعلى ما يبدو أن المملكة لم تستوعب ما لاقته من صفعات في لبنان وسوريا والعراق واليمن ومصر بسقوط حسني مبارك والتقارب المصري الإيراني , فانتقلت الى المواجهة المباشرة في صراعها مع إيران معتمدةً هذه المرة على العم سام.
ولكن سوء إختيار البطل هو من أوقعهم بالفخ , فالسفير السعودي عادل الجبير لم يكن شخصية مهمة وليس من العائلة المالكة ولم ينحدر من عائلة تمتلك تراكم تاريخي مع آل سعود ولا ترتبط معها بنسب أو قرابة, فهو من عائلة بسيطة مقيمة في الولايات المتحدة,وهذا خروج على الاعراف السعودية التي تعتمد بتعيين موظفيها على خلفية عائلية قبلية مؤثرة.
أليس من الغباء أن تقدم إيران على إغتيال مثل هذه الشخصية وعلى أرض تعلم إيران علم اليقين أنها ضعيفة فيها أو شبه مكشوفة , وهو عكس ما عرف عن المخابرات الإيرانية التي أنجزت عملية إعتقال (ريكي) المدعوم من السعودية , ناهيك عن شخصية المتهم المزعومة.
فالسيد عادل الجبير تكمن أهميته أنه عميل للـ C.I.A وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. فالمتابع لهذا الشخص يعرف من هو السفير السعودي في واشنطن , فالسيد الجبير ترتقى من موظف محلي بدرجة مترجم يجيد اللغة الأنكليزية فقط الى سفير وكان من المقربين للأمير بندر بن سلطان مهندس الحرب على العراق والمعروف بأتصالاته مع المخابرات الأمريكية.
الجبيرلم يعمل هذا الرجل في السلك الدبلوماسي أو العمل السياسي ولم يتخرج من أي معهد دبلوماسي , ويسكن هو وعائلته بشكل دائم في الولايات المتحدة.
فقد عين بقدرة أمريكا سفيراً للسعودية في أهم عاصمة عالمية خلفاً للسفير السابق بندر بن سلطان وبشكل مفاجئ.وهذا يدل على أهمية الرجل بالنسبة للولايات المتحدة, لذا أعتبرت عملية إغتياله قضية مركزية, تريد أن ترفعها الى مجلس الأمن لأستصدار قرار دولي بحق إيران. ولعل الجبير يوازي في مستواه رفيق الحريري الذي إغتيل في لبنان وشكلت لأجله محكمة خاصة , ربما سنشهد محكمة الجبير الخاصة بأيران. ولا أدري لمصلحة من هذه الجعجعة الإعلامية التصعيدية الكبيرة من السعودية وأمريكا ( لمحاولة مزعومة) وتهديد ووعيد , أليس حرياً بالولايات المتحدة أن تذهب لمجلس الأمن من أجل التصويت على مشروع الدولة الفلسطينية بدل أن تستعمل حق النقض الفيتو لأجهاضه؟ أليس حرياً أن تعترض على تقتيل وتشريد الفلسطينيين من قبل إسرائيل بدل تجييش العالم من أجل الجبير والحريري, أليست في هذه غرابة كبيرة وتناقض.
قتلُ أمرئ في غابةٍ مسالةٌ لا تغتفر وقتل شعبٍ آمنٍ مسألة فيها نظر
لقد عجزت الولايات المتحدة من تثبيت أي إتهام ضد إيران وقد جربت ذلك من خلال صفقة نقل الصواريخ الليبية المتطورة المزعومة والدعم اللوجيستي الى سوريا والتدخل في مصر, و ثني أوإيقاف طموحها النووي الملف الأكثر خطورة ً بالنسبة الى الولايات المتحدة وغير ذلك , فلم تجد وسيلة إلا بالرجوع الى السيناريو القديم الذي نفذه صدام في مطلع الثمانينات وهو المواجهة المباشرة والذي دفع ثمنها أبناء المنطقة جميعاً.
في هذا الصدد صرح عراب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر أن الرادارات النووية المتواجدة في تركيا كفيلة بجلوس إيران على طاولة المفاوضات النووية مما يدل أن فبركة الإغتيال عمل مدروس بعناية.
لقد أخطأ صدام بحربه وأخطأت دول الخليج بدعمه في السابق و جرت الحرب ويلات على الجميع وأدت الى إضعاف العرب وتشتتهم, ونجحت إسرائيل في تدمير العالم العربي من خلال إصطناع عدو وهمي تضخم في عقيلة الحكام حتى أصبح خطراً في أذهانهم فقط.
وما هذا المخطط الجديد إلا لعبة لتدمير المنطقة ونهب ثرواتها, فقد جاء متزامناً مع رفض العراقيين منح الحصانة للجنود الأمريكان في العراق, ومع التغييرات في المنطقة العربية والتي شعرت الولايات المتحدة أنها لا تسير في مصلحتها على الأقل في مصر واليمن , وربما تكون دعوة الأردن والمغرب للإنظمام الى مجلس التعازن الخليجي خطاً من خطوط الدفاع المستقبلي بوجه التغيرات وإقصاء إيران هي البداية.
15-10-2011