ما الفرق بين الدولة الدينية و بين أن يحكم الشباب المتدين نفسه بنفسه ؟/ مازن كم الماز

Fri, 27 May 2016 الساعة : 5:16

 

أولا الحرية ليست دينا , إنها قيمة إنسانية عامة , تخص كل البشر , حلم بها و ناضل في سبيلها كل البشر من كل الأديان و القوميات و الأجناس , في كل زمان و مكان تقريبا , و اعترفت البشرية بعد ثورات القرنين الثامن عشر و التاسع عشر الكبرى التي جرت تحت شعار الحرية , أنها حق لكل إنسان و ليست لمجموعة بعينها من البشر و لو أن هذا "الاعتراف" بقي حبرا على الورق بالنسبة لملايين البشر حتى اليوم .. في المجتمع الاستبدادي هناك من يملك و يمارس حرية شبه مطلقة على كل شيء , هناك من يمكنه أن يفعل أي شيء يريده , هؤلاء هم الطغاة , بينما يحرم معظم الناس من أي حرية في تقرير مصيرهم , أي أ
 نهم يعيشون عبيدا أو كالعبيد , حتى و إن لم يسموا ذلك صراحة .. هكذا انقسم المجتمع الإنساني حتى الآن إلى سادة و عبيد ... كبشر عشنا حياتنا في مجتمعات استبدادية يمكننا أن نقول أن العبودية هي أن نخضع لسلطة الآخرين , و الحرية هي عندما  نكون سادة أنفسنا , أن نقرر لأنفسنا .. و كبشر عشنا في مجتمعات استبدادية يمكننا القول أن الحرية هي من تلك الأشياء التي تؤخذ و لا تعطى .... الخ ..... الحقيقة أنه ليس فقط الشباب "المتدين" أو الملتزم دينيا , ففي المجتمع الحر , حيث لا يمكن أن يوجد سوى بشر أحرار و متساوين ,  , يجب على كل إنسان أن يحكم نفسه بنفسه أيا كان دينه , سواء كان "متدينا
 " أم لا .. ليست القضية في أن يتمسك الشخص بدينه أو يتخلى عنه , ليست حرية "المتدينين" في أن يتمسكوا بدينهم أو يتخلوا عنه , بل في ألا يتخلوا عن حريتهم , عن حقهم في تقرير شؤونهم الخاصة بأنفسهم , في هذه الحالة فإن تدينهم أو عدم تدينهم سيكون جزءا من حريتهم فقط , قرارهم هم , دون أن يملك أي إنسان أن يفرض عليهم الالتزام به أو التخلي عنه , و نفس الشيء سينطبق على "الجميع" , على الآخرين .... على العكس من حالة الدولة الدينية , التي يكون فرض الدين فيها على الجميع ليس فقط اعتداءا على حرية غير المتدينين , بل أيضا على حرية المتدينين , الذين لا يملكون سوى الطاعة و الخضوع , كال
 آخرين .. كان باكونين على حق , لا يمكن لشخص أو مجموعة أشخاص أن تعيش "بحرية" فيم يستعبد آخرون في نفس المجتمع , أو نفس الأرض , و ربما نفس العالم .... هذا يصح على أية عقيدة أو إيديولوجيا , علمانية كانت أم دينية , و على كل البشر , أيا تكن أديانهم أو عقائدهم الخ ... الدولة الدينية هي دولة تعتبر الأقلية الحاكمة فيها أن مبرر سلطتها على المجتمع يأتي من السماء , و ليس أمام المجتمع و أفراده إلا السمع و الطاعة , تماما كما تفترض الدولة العلمانية أساسا مشابها لسلطتها على وعي الناس و عقولهم , قبل مصائرهم .. هناك حيث تكون السلطة مطلقة بالضرورة و فوق البشر أنفسهم , لن يعيش

Share |