ظاهرة صورة الرئيس-مهدي الصافي

Sun, 16 Oct 2011 الساعة : 13:14

كان الرفيق البعثي عندما ينزع عنه شرفه ويتجرد من إنسانيته ويقتحم بيوت الناس الآمنين,أول ما يلتفت إليه صورة قائد الضرورات,فهي عندهم تعتبر دليل حب وولاء أو كراهية أهل هذه البيوت لسيدهم المجنون,ولهذا لفتت انتباهي بعد قمع انتفاضة شعبان 1991 إن إحدى عوائل بيوت القصب في الاهوار, قد وضعت صورة للمقبور على جدارهم الملفوف من القصب-البردي,فاستغربت وهم لازالوا بعيدين عن خط النار البعثية,ولكنهم استبقوا الشر بتفاؤلهم بهذه الصورة المشئومة ,التي لم تنفعهم فقد جففت الاهوار وهجر جميع ساكنيها.
اليوم بدء الناس في العراق الديمقراطي يستغربون من تكرار مسألة وضع صور الرئيس(الوزراء والجمهورية ولازلنا ننتظر إن نرى صورة رئيس مجلس النواب وفقا لمبدأ المحاصة والتوافق)في المراكز والمؤسسات وبعض الدوائر الحكومية(السفارات والقنصليات ومراكز الشرطة المكاتب الرسمية العليا...الخ.),حتى إن بعض القادة العسكريين بدؤها بوضع صورهم في مكاتبهم(وهذه عقدة عراقية عربية شرقية معروفة...,يذكرها ابن خلدون في مقدمته فهو يصف امة العرب بأنها من أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة والأنفة ....ومتنافسون في الرياسة قل ان يٌسلم احد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته...فيتعدد الحكام والأمراء..ولهذا يحملهم الرئيس على طاعته إما كرها إن تمت قدرته على ذلك ولو بالتفريق بينهم أو ببذل المال حتى يحصل له جانب منهم يغالب به الباقين)
لعل صور الرئيس جاءت إما كرها عن طريق الأوامر والتلويح بالتغيير(وسحب الامتيازات والمكاسب في دولة لايوجد فيها اي معيار للوظائف العليا الا الانتماء الفئوي والسياسي) أو طوعا من قبل مدراء تلك المراكز الذين يجيدون لغة اللقلقة والتمسح بلباس سيدهم في دولة تغيب فيها السيادة القانونية في اختيار الكفاءات المناسبة لتلك المناصب.
الشعب والفعاليات والاسر الثقافية والاكاديمية والسياسية المستقلة تقع عليها مسؤولية اخلاقية في متابعة ومراقبة الممارسات الشخصية والحزبية في اجهزة الدولة ومؤسساتها العامة ,ومدى مطابقة تصرفاتها وافعالها واداءها الرسمي للقانون ومواد الدستور,ولهذا فالجميع دون استثناء مدعوين لممارسة دورهم الشرعي والدستوري لرصد حالات الخلل والتلاعب بتلك المحرمات القانونية,ولهذا نستغرب إن تظهر في الإعلام مسألة الصرفيات الهائلة لبعض الشخصيات السياسية,حيث ذكر إن تكلفة رحلة رئيس الجمهورية الأخيرة إلى أمريكا قد كلفت ميزانية الدولة مليونين دولار استرجع منها كما زعم نصف مليون,نحن نسأل البرلمان العراقي جميعا وبالأخص المحسوبين على التيار الإسلامي(سنة وشيعة عربا وأكرادا),
هل يرضي الله كل تلك الصرفيات الهائلة التي نسمع بها عن رحلات مسئولي الرئاسات الثلاث,بماذا ستقابلون ربكم يوم الحشر وهو يسأل عن فقراء العراق الذين صادرتم أموالهم ومستحقاتهم العائدة من الثروة النفطية,
بماذا خدمتنا تلك الزيارة وغيرها من الزيارات, وقد شاهدنا بالأمس بغداد تحترق بالسيارات المفخخة وكواتم الصوت والفوضى الأمنية,إلى أين انتم سائرون,العالم من حولنا تنتشر فيه الحركات الإسلامية والسلفية التي على علاتها لن تقدم لبلدانها مجموعات متحالفة لتدمير وطنها ,مكونة من المزورين والمحتالين والفاسدين والمتلاعبين بالمال العام.
يعد رفع الصور الشخصية للمسئولين والشعارات والملصقات الحزبية والطائفية في المكاتب والمراكز الحكومية ,تعديا واضحا ضد النظام الديمقراطي واختراقا متعمدا لكرامة المواطن العادي وانتهاكا صارخا لمواد الدستور,فهو يعد مصادرة شخصية للهيبة الاعتبارية لتلك المواقع الغير محتكرة لأحد,ونموذجا مرفوضا لنشر الصور الشخصية في مراكز المراجعة اليومية للمواطن,حيث يمكن اعتبارها جزءا من حملات الترويج الحزبي والشخصي,كما حصل قبل فترة من صرفيات هائلة محسوبة ضمن المنافع والامتيازات الشخصية والاجتماعية وزعت من قبل إحدى الرئاسات على المواطنين(مصرفات خارج إطارها الصحيح), وقد ذكر احد أعضاء دولة القانون إن احد القادة العسكريين قد اعتقل مواطننا مزق صورة المالكي وقد وبخه رئيس الوزراء على تلك الفعلة(قد يعتقد البعض إن أصحاب الكوفية والعقال الذين يرجون القاعة بالأهازيج الشعبية بين يدي المسؤول الزائر كما في مجالس الإسناد إن روحه الوطنية وحبه للقادم الذي لايعرفه ولم يسمع عنه من قبل -قد دفعته لهذا الفعل ,بالطبع كلا -فهذا يصدح صوته في مقابل الهدية التي ينتظرها من حاشية المسؤول..),رجاءا تخلصوا من مظاهر التخلف والجهل والانكسار والتبعية المذلة,وارفعوا صور المسئولين من مكاتبكم بشجاعة ,فكرامة الجميع محفوظة في النظام الديمقراطي,ولأفرق والتمييز بين احد كلنا بشر,احترامنا للمسئول لا تأتي من خلال صوره بل من فعله.
 

 

 

Share |