وجهة نظر حول أوضاع العراق/اكرم فوزي الجابري
Thu, 19 May 2016 الساعة : 17:48

نتيجة التغيير الجذري الذي حصل في العراق والانقلاب على النمط السياسي والحياة العامة التي كانت سائدة قبل 2003، فمن الطبيعي ان يمر العراق او اية دولة اخرى بمرحلة اللااستقرار، ولكن من الضروري على الفئة الحاكمة الجديدة ان تعمل على وضع مشروع او "خارطة طريق" للوصول الى الاهداف التي تعمل على تحقيقها. لكني ارى حتى الان ان الحكومة لم تتمكن من رسم ملامح العراق الجديد. لا توجد هناك خريطة للمنزل السياسي العراقي الجديد ليتسنى لنا معرفة موقع كل غرفة في هذا المخطط ، وابعادها وما تتطلبه من مواد للبناء وهذا التخطيط الجديد برأيي يجب ان يبدأ بوضع الاسس الرص
ينة للتعليم من اجل ضمان المستقبل، وهذا يتم من خلال وضع مناهج تدريسية واضحة الابعاد. وقد اطلعت على المناهج المدرسية، في العلوم الانسانية للدراسة المتوسطة والثانوية فوجدتها سطحية بدون فحوى وهي عبارة عن كتيبات من صفحات معدودة وليس كتب ومناهج مدرسية تبين الاهداف العليا التي تعمل الحكومة على ايصالها الى اذهان الطلاب بحيث يكون لديهم تفسير عقلاني في علم الاجتماع والتاريخ والجغرافية والاقتصاد، بالاضافة الى فهم الحقوق والواجبات المدنية التي تقع على عاتق الشباب العراقي الذين سيساهمون في بناء العراق الجديد.
وهناك مشكلة كبيرة اخرى يواجهها العراق وهي استشراء الفساد المالي والاداري والمحسوبية في التعينات والوظائف. ان كل البيانات التي تصدرها المنظمات الدولية المعنية بالشؤون الاقصادية والشفافية والفساد الاداري والمالي تضع العراق في اخر سلسلة الدول التي يستشري فيها الفساد. ان سنّ القوانين لايكفي وحده لمكافحة الفساد بل يجب ان تكون هناك ارادة قوية من قبل المسؤولين لاستئصال هذه الافة المستشرية.
ن الحل لمشاكل العراق الراهنة يكمن بتغيير الدستور بشكل جذري واصدار قانون جديد للانتخابات، وقانون للاحزاب، وقانون لضمان حقوق الدولة العراقية، وعدم ترك العراق ليكون دولة فاشلة تصبح نهبا للشركات النفطية كما هو الحال في نيجيريا.
إنّ الدول هي عبارة عن مؤسسات، والحكام هم بمثابة مدراء يديرون هذه المؤسسات. وان مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ينطبق على الوضع في العراق تماما، حيث يجب اختيار الافراد بشكل دقيق وان يكون لهؤلاء خبرة وكفاءة وتفان في العمل والابتعاد عن الطائفية والحزبية الضيقة والانتماءات القبلية. ونلاحظ على سبيل المثال ان الرئيس اليمني الجديد اصدر قرارا يمنع الوزراء او الاشخاص الذين لديهم سلطة التعيين من تعيين الاقارب في وزاراتهم.
هناك مسألة اخرى وهي حسب رأيي وجوب تحول الاقتصاد العراقي الى اقتصاد السوق وضرورة الابتعاد عن جعل الدولة المُوَظِف الاول في البلاد وهذا يترتب عليه تشجيع الاستثمار وفسح المجال لرؤوس الاموال الصغيرة عن طريق الحوافز المادية والاعفاءات الضريبية ودعم المدارس المهنية الموجودة وتطوير عملها كالمدارس الثانوية للصناعة والتجارة من اجل اعداد وتأهيل كادر وسطي عملي يكون له دور فعال في المجال الصناعي والتجاري، وكذلك تنظيم دورات قصيرة الامد تسغرق من 6 الى 9 اشهر من اجل تأهيل ارباب الحِرف ورفد السوق بهم. وهناك دولة يمكن الاقتداء بها في هذا المجال، وهي الم
انيا الاتحادية التي ركزت على هذا الجانب بشكل كبير حيث فتحت عدداً كبيراً من المدارس المهنية المتخصصة والتي لعبت دورا كبيرا برفد سوق العمل بالكادر الواسط المؤهل. وقد سمعت عن فضائح كبيرة بشأن انجاح الطلبة بدون استحقاق او بالواسطة، وعن تسريب الاسئلة والاعتداء على الاساتذة والطلبة من اجل تخويف الاساتذة، وزج الاحزاب السياسية في الكليات والمعاهد العلمية... وهذه ظواهر سلبية خطيرة يجب التخلص منها.