رؤية استقرائية لواقعنا الاجتماعي-عصام الطائي-الدنمارك
Sun, 16 Oct 2011 الساعة : 13:09

لقد ذكر الله تعالى في كتابه المجيد آيات قرآنية توصف الكثرة الكاثرة من الناس كونهم من الظالمين وغالبا ما يحاول المفسرون تفسير الآيات القرآنية وفق الاعتماد على الدلالات اللغوية الا انه حاولت ان اصل الى هذه الحقيقة من خلال الاستقراء من خلال المعايشة مع الآخرين ومعرفة كل شخص وهل كونه ظالما او مظلوما فتذكرت كل ما اعرفهم بالأخص في موضوع الإرث او الميراث فوجدت ان هناك ظلما من قبل كثير من الآباء او الأمهات اتجاه أبنائهم او الإخوان اتجاه أخواتهم وتنطبق نفس القضية فيما لو استقراءنا اعداد كبيرة من مختلف الشرائح فسوف تحقق نفس النتيجة وهو ان الكثرة هم من الظالمين.
والشيء الذي يثير الحزن هو انه من الممكن ان تجد اخ يظلم أخاه ولكن ان تصل الى ان الآباء او الأمهات يظلما أبناءهم فهذا ما كنت لا أتصوره فمن السهولة ان تجد اما بدل ان تعالج المشاكل اذا حصلت مع ابنها وزوجته لكن نجد على العكس فالأم هي تخلق المشاكل او تسلب حق أبناءها وهكذا قد نجد العشرات بل المئات من القصص تحكي بان هنا وهناك ظلما او تعسفا و الذي يرتكب الظلم يحاول ان يجد كل التبريرات الجاهزة لفعله وغالبا الذي يرتكب الظلم يحاول ان يجد تبرير لفعله لذلك نجد الآيات التي توصف بكون أكثر الناس كونهم ظالمين حاضرة وواضحة في كثير من التصرفات والسلوكيات من قبل الناس.
واذا ما انتقلنا الى عالم المعاملات فسوف تجد الغش والكذب والحيل والخداع والسرقة والكثير من التصرفات السلبية واضحة للعيان فهل يعقل اذا اريد شراء حاجة ولم يكن الشخص خبيرا في معرفة الحسن من الرديء فانه سوف يصرف مبالغ ضخمة في سبيل استبدال حاجة تالفة ولا نجد أي تفسير لعدم تفعيل السيطرة النوعية للبضائع المستوردة بالأخص البضائع الصينية فلماذا هذا الإهمال علما انه يكلف التخلف في تفعيل السيطرة النوعية الى خسارة المليارات التي تدخل في جيوب الشركات والتجار لذلك من الممكن اصدار قوانين لجعل ضوابط للاستيراد فمن الممكن ان لا يسمح لأي تاجر ان لا يستورد الا حاجة واحدة فقط ووفق ضوابط ويحاسب اذا ما تخلف عنها من خلال سحب ايجازة الاستيراد وان يكون صاحب خبرة فقد وصل الحال حتى الحمال له اجازة استيراد وان الصفة الغالبة تجد ان هناك ظلما من قبل التجار بحق الناس لأنهم يفضلون مصالحهم الشخصية على حساب الناس خصوصا مع عدم وجود رادع من دين او ضمير.
ويمكن لوزارات الزراعة حل كثير من الإشكاليات فلو توفر عنصر الإخلاص لحلت كثير من المشاكل وان في بعض البلدان هناك مشكلة مستفحلة وهي الغش من قبل كثير من أصحاب الخضار حيث يخلط البائع السلعة الجيدة والرديئة فلو تفرض وزارات الزراعة او أي جهة مختصة على الفلاح ان يفرز بضاعته من خلال إجباره وفي حالة تخلفه لا يسمح له ببيع بضاعته ويغرم فسوف تحل كثير من المشاكل بين الناس .
ونفس المشكلة نجدها في كل قطاع من قطاعات الحياة التربوية والسياسية والثقافية والعقائدية وغيرها فهناك تقصيرات متراكمة من قبل الكثير وكل هذا يسبب عدم تحقيق العدالة التي
هي الهدف المنشود بينما نجد في كثير من الدول الأوربية وجود نسبة من العدالة الاجتماعية وكل ذلك يعود الى الإخلاص والسبب الرئيس هو الاهتمام بالجانب التربوي لتصحيح السلوك فقد نجد عندهم الآلاف من الدراسات التي تهتم بالجانب التربوي ويحكم الغرب على الشخص على سلوكه الا اننا نحكم على الشخص على انتماءه الفكري او العقائدي ففي الشرق حتى لو كان الشخص صاحب حق الا انه يتخوف من انه من الممكن ان يسلب منه الحق بسهوله فنجد شبكات من المرتشين في كثير من المؤسسات تستطيع ان تسلب أي حق بسهولة وذلك بمختلف أساليب الابتزاز القذر الذي يستخدم اتجاه المواطنين والشيء المؤسف تجد الكثير من الكفاءات او الطبقة المثقفة قد همشت وأقصيت عن أداء دورها بينما تصعد طبقات خاوية تتصور انها تفهم كل شيء الا انها تفسد أكثر مما تصلح والأمة لا تنهض الا بمثقفيها ومخلصيها.
والشيء المحزن الأخر اننا قد نجد الكثير من الناس يستطيع ان يذكر لك العشرات عن مثالب المعممين وهذا ما يحز في القلب فلقد كان العالم له قدسية خاصة في قلوب الناس الا اننا نجد هذه الأيام فقدان هذه القدسية والسبب في ذلك لأنه تحولت العمامة الى مهنة وليس لأجل خدمة الرسالة وهذا ما يدل على ان العمامة يمكن ان تتحول الى مهنة ويمكن ان تتتوج لأجل هدف رسالي وتجد كذلك انعزال الإنسان المخلص في تحمل الأعباء فنجد ان الانتماءات هي السبب الأساسي في التقييم وليس الإخلاص والكفاءة وهذا مما يجعل وصول كثير من الانتهازيين الى ادارة الأمور ويتحول همهم الى الاهتمام بالذات فقط على حساب خدمة الناس.