قصة عراقية مركزة للغاية-علي بداي

Sat, 15 Oct 2011 الساعة : 1:18

عائلة عراقية لها ثلاثة أبناء، إبنان عارضا نظام البعث فطوّحت بهما الأقدار حيناً من الدهر الى أن ألقت بهما كما بالآلاف من أمثالهما في بلدين أوربيين. أما الإبن الثالث فقد أضحى خبيراً عسكرياً لكثرة ما جرّب من حروب، وصولات، وكونات، وعمّات معارك، وأمهات قادسيات وأخيراً حمد الله على أنه لم يسكن المقابر مبكراً مثل مئات الآلوف من أبناء جيلة . خسائره كانت بسيطة قياساً للآخرين، فقدان عين وتلف في ألياف اليد اليمنى أي شلل جزئي.
إستوطن احد المغتربين السويد فيما حل الثاني في هولندا. بالصدفة ، لم يكن بوسع أي منهما إختيار بلد معين بل هي الصدفة وحدها من إختارت هذين البلدين ليكونا موطنين جديدين للشابين اللذين أمسيا الأن كهلين يفكران قبل كل شئ بأولادهما اللذين شبوا وهم لم يروا بعد وطنهم الأم ، الصدفة المرهونة بإمكانية المهرب وكم ما توفر من دولارات في حينها.
بين عام وآخر يتبادل المغتربان الزيارات ويحاول الأولاد التفاهم مع بعضهم بعربية ركيكة مهشمة جملها مركولة بأفعال هولندية تارة وسويدية تارة أخرى، ثم لجأ الجميع الى الإنكليزية كحل حضاري وواقعي طالما كان الجميع يدرسها في المدرسة منذ سنوات الدراسة الأولى وطالما كان جميع الذكور من مدمني الإكس بوكس وجميع الأناث من متابعات المسيرة الفنية لشاكيرا وريهانا.
ولكن رغم تنوع الميول وإختلافها كان من دواعي سرور الآباء أن جميع الأولاد في الوطن وخارجه هم من المولعين بكرة القدم أيما ولع.
يوم الثلاثاء 11 اكتوبر كان يوماً تأريخياً في حياة هذه العائلة فبعد أن طار الأولاد في الوطن فرحاً لفوز العراق على الصين، كان أولاد المغترب القاطن في السويد يتابعون وقلوبهم تكاد تنط من الصدورفرحاً كيفية تصدي المنتخب السويدي للهجمات الهولندية وكيف توج السويديون كفاحهم بفوز عجيب 3-2 ليتأهل المنتخب السويدي الى نهائيات كأس أمم أوربا. في حين كان أولاد المغترب القاطن في هولندا لايكادون أن يصدقوا أن منتخب هولندا الذي كان مسيطراً على المباراة كلها يخرج بهذه النتيجة المؤلمة!
ماذا ينقص هذه القصة لتدل دلالة قاتلة على تمزق العراقي وتشضيه ؟ أعتقد أن ماينقصها هو وجود إبن رابع قد فر الى الصين ليجلس أولاده يقتلهم الشعور بالخذلان بعد أن خسر الصين على أرضه وأمام جمهوره أمام العراق..
 

 

Share |