لا جدوى من الهروب , يبدو أن محاولة فهم الواقع و مواجهة ذواتنا أكثر نجاعة و أقل تكلفة من الهروب إلى الأمام , من هنا تحديدا تستمد هذه الاسئلة اليوم "مشروعيتها" و إلحاحها ... أول هذه الأسئلة هي محاولة فهم العلاقة بين الديكتاتوريات القائمة اليوم في شرقنا و بين الدولة العربية القروسطية , هل الاستبداد السياسي اليوم في مجتمعاتنا هو امتداد مباشر للحجاج , للدولة العربية القروسطية أو للاستبداد القروسطي المشرقي , أم أنه نتيجة قطيعة حداثية مع تلك الدولة و ذلك التاريخ , مع الحجاج .. هل نحن أمام ظاهرة جديدة أم أمام نفس الظاهرة القديمة .. و لا يبدو أن السؤال

  أو الجواب يخصنا وحدنا نحن العرب , فجيراننا الأتراك و "الفرس" أيضا يشاركوننا نفس "المصير" , نفس الواقع , كما يشاركوننا أيضا نفس التاريخ تقريبا : أولا كان هناك أتاتورك و الشاه , اللذين يقابلان ديكتاتورياتنا التي كانت قائمة حتى الربيع العربي , ثم الخميني و نظيره إردوغان , اللذين يشبهان جدا دول المماليك الجديدة ما بعد الربيع العربي .. هل نحن أمام ديكتاتوريات عصرية أو حداثية أم مجرد تكرار للملك العضوض في تاريخنا أو لأول انقلاب عسكري وقع في شرقنا نفذه العسكر الترك ضد الخليفة المتوكل , هل ما نشهده اليوم هي نفس دول المماليك القديمة أم دول ذات طبيعة سياسÙ
 �ة و اجتماعية مختلفة , و ما الفرق بينهما إذا كنا أمام ظاهرة حديثة بالفعل و ليس مجرد تكرار لتاريخنا السياسي .. و أيا يكن الجواب على هذا السؤال المحير , هناك سؤال أكثر مدعاة للحيرة : كيف أنتجت معارضة دول المماليك الحديثة هي نفسها دول مماليك أيضا ,  إن صح وصف داعش و أخواتها , في سوريا و العراق و ليبيا و سيناء , بهذا الوصف .. خاصة و أن دول المماليك الجديدة هذه لم تنتج عن انقلاب في القصر كما كان الحال في القرون الوسطى بل عن ثورات شعبية حقيقية ..