ألأصلاحات الجارية؛ إستمرارٌ للفساد/عزيز الخزرجي
Sat, 19 Mar 2016 الساعة : 2:40

لم ينتهي الحديث بعد .. عن مجرى الأصلاحات و آلياتها و كيفية تحقيقها؛ حتى حشروا معها و بسرعة البرق و في وسط الفوضى العارمة التي شملت كل مفاصل الحياة العراقية؛ قانوناً آخر من قبل مجلس الدفاع و النواب .. هو (التجنيد الألزامي), ليكون أوّل أو ثاني قانون تمّتْ الموافقة عليه فوراً و بآلأجماع و بدون دراسةٍ أو تأنٍ, ليكون أسرع قانون صوّت عليه النواب بعد قانون التقاعد لأعضاء مجلس النواب لكونه يضمن في النتيجة إستمرار إنسيابيّة رواتبهم المليونية بكل إرتياح و بلا أيّ قلق .. و ذلك على حساب قوت الفقراء و حقوق المقاتلين المجندين الذين سوف لن يكون لهم حقوق بعد!
فهم وحدهم من سيدفع ثمن ذلك القانون و من ورائهم عوائلهم المنهوبة المغبونة المأكولة حقهاعلى كل صعيد من قبل 4000 مسوؤل و وزير و نائب في البرلمان و الحكومة و القضاء مع معاونيهم و مستشاريهم؛ ليضيفوا بذلك ثقلاً آخر و همّاً أكبر على كاهل الشعب العراقي بجانب المآسي الكبيرة التي عانى و يعاني منها الآن جميع الناس, ليستمر آلتدمير الذاتي في آلعراق من أجل رفاه تلك المجموعة الفاسدة التي إمتلأت بطنها بآلحرام من دماء الناس و قوت الفقراء!
لقد كثر الحديث هذا الأيام عن التغيير الوزاري في الأعلام كعنوان للاصلاحات المطلوبة لإنقاذ الوضع الاقتصادي و السياسي و العسكري المتدهور, و قبل أنْ يتحقّق أيّ إنجاز عملي علميّ على هذا الصعيد؛ سنّ مجلس النواب الأرهابي قانون (التجنيد الأجباري) سيئ الصيت بشكل مفاجئ لمصّ ما تبقى من دماء الفقراء العراقيين الذين أفلسوا و جاعوا و يعانون الموت البطيئ!
و (التجنيد الأجباري)؛ يعني إجبار النّاس من سن 18 عشرة و حتى الخمسين تقريباً للخدمة العسكرية لتحقيق مآرب الحكام و نزواتهم و سعادتهم, و كما كان سائداً أيام النظام الصدامي المجرم, الذي أسس كلّ أسس الفساد التي ما زالت جارية بعد ما طبقها الحكام الجدد و لكن بعناوين مختلفة .. و ما زالت قائمة مع إضافات أخرى ربما فاتت النظام السابق.
هذا من جانب .. و من جانب آخر و كما أشرنا عدّة مرات سابقاً؛ بأنّ تغيير الوزراء و حده لا يكفي للاصلاح خصوصا إذا كانوا من نفس الكتل و الأحزاب السياسية التي هيمنت على الحكم و الذين كانوا يمثلون القدوة و النّخبة لدى الأحزاب المشاركة التي لا تملك عنهم بديلاً أفضل!
بدليل إن الوزارة قد تغييرت عدة مرات خلال السنوات الماضية؛ لكن الفساد و التدهور ليس فقط لم يتوقف؛ بل إزداد و تعمق أكثر فأكثر, لذلك فإن المجيء بوزراء تكنوقراط من نفس الكتل و الأحزاب ليس فقط لا يحل المشكلة .. بل و أيضا يسبب إستمرار الفساد و بشكل أكبر، خصوصا إذا لم تتغيير المعايير المعتمدة في الاختيار, و ما دام الوزير يرشح من الكتل التي تظل هي مرجعه و ليس مصلحة الوطن و المواطن بآلدرجة الأولى؛ فإن مصالح الوزير و كتلته السياسية و الاقتصادية تظل هي الاولوية في برامجه و ليس مصلحة البلاد و العباد.
لذلك فإن الأصلاحات الجارية إن لم تراعي جملة مسائل مصيرية و ليست شكلية .. فإنها ستبقى إمتداد للفساد و تسويف للحياة .. و إسلوب لخداع الناس و سرقتهم خصوصا و إنها إقترنت بمصداق عملي من خلال سنّ قانون التجنيد الألزامي الذي هو الآخر سوف لن يُطبق .. بل قد يؤدي إلى تضعيف البنية العسكرية و الرّوح القتالية للجيش و القوات الأمنية بجانب الحشد الشعبي الذي أكثر مقاتليه لم يستلموا رواتبهم بسبب الفاسدين في الحكومة و مجلس النواب و القضاء الأعلى, و بإختصار لا بدُّ من:
أولاً: تغيير الكثير من القوانين و المناهج السارية بشأن عضوية مجلس النواب و سلم الرواتب و التقاعد و العناوين و الدرجات الوظيفية, و غيرها من القضايا التي عرضناها مفصلا في السابق.
ثانياً: محاسبة كلّ الوزراء و المسؤوليين و النّواب الحاليين و ليس إعفائهم فقط من آلخدمة, لكونهم هم أسّ و أساس الفساد الذي حصل في العراق بعد السقوط, لفقدانهم للأنسانية و الوطنية و العلوم الأدارية العصرية لتحقيق التنمية, و إنما فُرضوا بسبب المحاصصة التي نبذتها الحكومة السابقة بعكس الحكومة الحالية التي أكدت عليها .. ثم حصل ما حصل!؟
ثالثاً: إستبدالهم بوزراء و نواب و مسؤوليين و مدراء عامّين من أساتذة الجامعات المتخصصين الأكاديمين بشرط حيازة كل منهم على شهادة علمية في أسس الأدارة و التوسعة العلمية و التنمية العصرية بجانب الشهادة العلمية العالية في تخصصه, و هي من أهمّ شروط آلتكنوقراطية.
رابعاً: إبعاد الكتل السياسية و الحزبية عن أيّ منصب سيادي خصوصاً في رئاسة الحكومة أو البرلمان أو الجمهورية أو القضاء بآلأضافة إلى الجيش و هو الأهم, و فتح باب التطوع أمامهم للقتال, بل إجبارهم على القتال في جبهات المواجهة مع داعش و كما هم يفعلون الآن لكونه الأوجب عليهم لتحرير أراضي الوطن.
خامساً: نقل التجربة التكنوقراطية (الأسلامية) في إيران الأسلام للعراق بإعتبارها أنجح تجربة في التأريخ الأنساني بعد ما إستطاعت أن تحقق خلال فترة قياسية قمة الأنجازات العلمية التي ما إستطاعت أوربا أن تُحققها إلا بعد قرون و قرون من النهضة, بينما إيران الأسلام إستطاعت أن تحققها في غضون 3 عقود بدلاً من القرون, ممّا يُدلّل على عظمة مشروعها و رياديتها على كل المشاريع و التجارب شرقاً و غرباً, من جانب آخر العراق يشترك مع إيران في كثير من الخصوصيات و العوامل الجغرافية و التأريخية و الدينية و الثقافية, و بذلك نضمن الخلاص من الفساد و الخسران في الدنيا و ا
لآخرة.
و بهذه الشروط ألخمسة المحورية سنؤسس لعملية إصلاحية ثورية عصرية جذرية محكمة و مضمونة و عادلة يمكن أن تُخلّص البلد من المآسي و المآزق و الفساد الذي خلّفه السياسيين الفاسدون الذين إمتلأت بطونهم بآلمال الحرام على مدى عشرة سنوات, و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم.