حكومات وسط جكومة يرأسها نظام برلماني/حسين الشويلي

Thu, 10 Mar 2016 الساعة : 1:27

 

عليك أن تتخيّل حجم الفوضى السياسية التي تحكمنا ,
ليس سراً أنّ كل حزب وتكتل سياسي هو بمثابة حكومة متكاملة الأبعاد , فمايملكه الحزب من مقومات أكبر بكثير ماتملكه الحكومة التي هي صناعة تلك الأحزاب .

الحكومة العراقية هي كائن سياسي وسط كيانات سياسية تملك  قدرات هائلة  من الأعلام والصحف والفضائيات وتقوم  ببعثات دولية وأقامة مؤتمرات وأبرام أتفاقيات مع منظمات أو حكومات , وتملك أجنحة مسلحة  كل هذا بعيد عن هيمنة وتحكّم الحكومة المركزية التي من المفترض هي القوة الوحيدة القيمة على القانون والأعلام والممثل الشرعي للدولة عالمياّ .

ومن المعروف أنّها ليست أحزاب وتكتلات سياسية خاضعة لسطة الدولة وتأتمر بأوامر رئيس الوزراء وتعمل بموجب القانون الذي يحدد العلاقة بين الشعب بهيئاته وأحزابه وبين الحكومة ومؤسساتها . بل هي حكومات مستقلة مادياً وأعلامياً وعسكرياً ولها راياتها وشعاراتها الخاصة بها .
وهذا الخليط الغير متجانس من الأيديولوجيات الحزبية هي من جاءت بالحكومة وعيينت رئيسها ووزرائها - ومعنى هذا أنها تملك سلطة أكبر من الحكومة لأن الأخيرة نتاج وصناعة  تلك الحركات والتكتلات .

ولوجود هذا الكم من المتناقضات الحزبية السياسية في غرفة عمل واحدة _ لايمكن أن ننتظر عمل منتج متفق عليه من كافة الأطراف . لأختلاف الغايات والأهداف . العراق يعيش في محيط قلق سياسياً ومتناقض الأهداف والغايات فمن الطبيعي أن تكون حكومة العراق عاجزة تماماً عن حماية نفسها من تهديدات أو تداعيات الأسقاط .
فهي منشغلة بحماية نفسها من السقوط تحت أقدام متظاهري التيار الصدري , ومنشغلة بمحاربة الأرهاب ليس لحماية الشعب بل ووفق المعلن ( لحماية العملية السياسية أي الحكومة ). فهي تواجه تهديدات وجودية حقيقية من بعضها كالتيار الصدري ومن خارجها كالبعثيين وغيرهم .
وأنشغال الحكومة بحماية نفسها أشلت أجهزتها عن حماية المواطن والوطن .
( نستطيع أن نعلل سكوت الحكومة على تطاولات السفير السعودي والساسة الأتراك بحق الثوابت والمصالح الوطنية لأنها لاتريد خلق عداوات مع أي جهة قد يضيف تهديدا آخر لها , فالحكومة تصارع لأجل البقاء )

ولم تنتهي المأساة الحكومية عند هذا الحد بل أنّ النظام البرلماني هو من أفشل الأنظمة العالمية وأبطئها في أتخاذ القرارات والمبادرات السريعة في حالة تعرض البلد لهزات أمنية أو أقتصادية عنيفة .

حيث أجتمعت مقدمتان لأفشال أي حكومة ونظام سياسي  - من جهة هي خليط غير متجانس من الأحزاب - وهذا الخليط محكوم بنظام برلماني , ومن هنا نستطيع أن نفهم حقيقة الفشل الحكومي في أنجاز أي منجز على  أي صعيد .

كشعب عانى من النظام البعثي المجرم نريد وبنشاط أن نقف لجانب تجربتنا السياسية الوليدة ونرفدها بكل مقومات البقاء والنماء ,
لكن مالطريقة المتاحة للمواطن يمكن أن يقدمه وسط هذا الكم من المتناقضات الحزبية داخل الكابينة الحكومية ومجلس النواب ؟ فالحكومة مجرد مصطلح لامضمون واقعي يملكه أنما هي حكومات ورؤىً وقناعات وتحالفات مختلفة تماماً عن بعضها البعض .

في المحصلة نحن أمام حالة من الدوار السياسي وضياع للحلول . فالحكومة العراقية هي تجمع لحكومات شتى وجيش العراق عبارة عن جيوش لها ولاءاتها المتعددة والأعلام الرسمي للدولة عاجز عن صياغة خطاب وطني مؤثر .

كل هذا وسواه مرده الى نظام هو من أفشل الأنظمة العالمية وهذا هو النظام البرلماني المعطّل . وتضخّم دور الحزب على الكيان الحكومي مما جعل الحكومة كائن ضعيف يستجدي رضا رؤوساء الأحزاب ( شاهدنا رئيس الحكومة قبل يومين على طاولة مستديرة مع رؤوساء بعض الأحزاب  يدلل بصورة واضحة على ضعف الحكومة وعدم قدرتها على أخضاع الأحزاب على  طاعتها وأحترامها )

والكل يتفق على أستحالة أستمرارية هذا النمط السياسي المتصدأ الذي لايستطيع حماية نفسه وسمعته السياسية  .
وهذا ليس قدراً ويمكن تداركه بطريقة تحويّل الأنظار والأهتمام الى جهات أخرى قادرة على أخضاع الكل لسطوة القانون بما فيها الأحزاب التي تضخمت كثيراً .
لدينا قيادات ووجودات أثبتت فاعليتها ووطنيتها وحسها الأنساني فمن المفيد توجيه الأنظار ودعمها وألأتكال عليها في مانعانيه من تحديات حقيقية , وأثناء هذا الدعم الأعلامي وتوجية الأنظار حولها ومطالبتها بمزيد من الأعمال كأعتراف رسمي بوجودها وعلى أنها القوة الوحيدة الممثلة , يتم تحجييم دور  الأحزاب ورؤسائها والتقليل من دورهم , أنها حالة أنهاء كيانات سياسية بأهمالها أعلامياً وجماهيرياً .

وقوى الحشد الشعبي هو النجاح السياسي المؤجل الذي يمكن أن يحل مكان حكومة لكنها بالحقيقة حكومات وأقطاعيات حزبية أنفقت وقتها في مؤتمرات للمصالحة دون تحقيق أي منجز .

Share |