نقص في الأموال والأنفس والثمرات..أفعى سيد دخيل أنموذجا-حيدر الصافي
Thu, 13 Oct 2011 الساعة : 9:26

الناصرية أشجع من حارب الأنكليز حين دخلوا العراق محتلين . فواقعة عشائر آل ازيرج معروفة . ويوم أرادوا المرور بمحاذاة " باهيزه" أرسلوا من يفاوض شيوخ عشائرها للسماح بمرور زوارقهم نحو بغداد ، فردّوا عليهم باهزوجتهم المشهورة " شرناها وعيت باهيزه " أي استشرناأرض باهيزه فرفضت بالمطلق!. وقبلها كان النشامى تسلقوا ليلا شجرة صفصاف كبيرة وأمطروا الجنود الأنجليز بالرصاص ، ولما رأى الضابط في الصباح تلك الشجرة قال : " اقلعوا هذه الشجرة الخبيثة فهي السبب في قتل جنودنا " ..وأشاعها النظام السابق ليصف أهل الناصرية بالخباثة!.
وعشائر الناصرية تحكمت بها ( سيكولجيا التمرّد ) على السلطة من مئات السنين .ففي العهد العثماني " 1534-1914" امتنعوا عن دفع الضرائب للأتراك . وهم الذين هجموا في آب 1920 على سراي الحكومة وأنزلوا العلم البريطاني وأحرقوه . ولهم الدور الأكبر في ملحمة الشعيبة التي قاد فيها الشاعر والعالم ( الحبوبي ) رتلا فأكرمه أهلها باطلاق أسمه على أهم شارع فيها .الناصرية هي المدينة التي تأسست ونشطت فيها أهم الأحزاب في العراق : الأمة ، الشيوعي ، ، الدعوة ، القوميون العرب ، وشخصيات تعرفونها ..ومنها أول ثلاثة مطربين غنوا في الاذاعة : حضيري ابو عزيز وناصر حكيم وداخل حسن.. ومن حق عشائر الناصرية التباهي بتاريخها المشرق في محاربة المحتلين والتمرد على السلطات الظالمة ..وبكرمهم ومنهم " بدر الرميض " المشهور بكرمه الخرافي ، الذي ودعته عشائر الناصرية يوم تشييعه باهزوجة " الجود مغرّب الله وياه " .
هذه المدينه وهذا التاريخ المضئ بكل نواحيه وتفاصيله تعرضت هذه الايام الى حادثة مكملة الى الحوادث المفجعة واخرها تجفيف الاهوار تعرضت ظهور أفعى قاتلة في منطقة سيد دخيل في الناصريةهذه الافعى يقال عنها تتصف بسيرها الأفقي دون الالتواء ويكون طولها من 20 الى 30 سم، وهي نوعان الأول من نوع الكوبرا وهي قاتلة اما النوع الثاني فهي ام الصليب، وتبيض من 4 إلى 5 بيضات وفي كل بيضة 60 افعى صغيرة تخرج بأعداد هائلة متجهة الى المناطق السكنية وداخل المنازل.
أن أفعى سيد دخيل بدأت تزحف باتجاه مركز الناحية بعد انتهاء عمليات الحصاد في بعض القرى المجاورة، وقد تمكنت هذه الافعى من نشر الرعب داخل سكان الناحية الذين يعانون الفقر ونقص الخدمات . وتعتبر افعى سيد دخيل من الافاعي الاربعة الاخطر في العالم وقد تسببت بلدغ اكثر من مئة شخص وتوفي منهم ما يقارب الاربعين شخصا حسب احصائية المجلس البلدي لناحية سيد دخيل !
وتعد الأفعى من الأفاعي السامة التي تمتاز بمقدمتها القصيرة والمستدير وراس مثلث مغطى بحراشف صغيرة وعلية رسم يشبه الصليب أو السهم ولونها يضرب إلى الحمرة أو الغبرة ويكثر تواجدها في البيئات الرملية والمغطاة ببعض الأعشاب والحشائش وقد تسبح في الماء وتتحرك أحيانا بحركة جانبية كالأفعى المقرنة ونشاطها ليلي وتقضي نهارها في جحر القوارض وتحت الأحجار ويزداد نشاطها في الأيام الرطبة والممطرة والحارة وسمها قاتل يهاجم الجهاز الدموي لدى الإنسان حيث يتعرض الشخص المصاب بلدغات هذا النوع من الأفاعي إلى نزيف شديد يصعب إيقافه وبالتالي وفاته لعدم توفر المصل الملائم لمعالجة التسمم .
هنا نسأل لماذا هذا الذي يحصل لهذه المدينة المعطاة في الثقافة وفي الحرب وفي القانون مدينة النبي ابراهيم (ع)ياترى هل تعجز الامكانيات الصحية والتكنولوجيا عن الوصول الى هذه الافعى والسيطرة على اماكن وجودها وعلى علاجهاأم أن هذه المدينة كتب عليها الوجع والحرمان والنكد والمصائب والنقص في الاموال والانفس والثمرات سؤال لعله يجد جوابا في جعبة المسؤولين أولا وأصحاب الاختصاص ثانيا وكل الرموز الثقافيه والفنيه والادبيه لاعطاء الموضوع غاية الاهميه.
باحث أكاديمي وأعلامي*