نبوءة على قمم زاكروس/عزيز الخزرجي
Mon, 7 Mar 2016 الساعة : 6:12

تأريخ كتابة المقال : أيام إعدام صدام, الذي نعيش ذكراه بعد أيام؛
زمن ألنبوءة ؛ ربيع عام 1980م أيام مغادرتي العراق إلى إيران؛
مكان النبوءة ؛ قمم جبال زاكروس الممتدة بين إيران و العراق؛
أخي مام جلال رئيس جمهورية العراق؛ بعد السّلام و الأحترام أتمنى أن تكون بخير و بصحة و عافية؛
أتمنى أيضاً أن تستفيق من سُباتك آلفكريّ العميق ألذي بدأ منذ ترأسك للأتحاد الوطني الكردستاني في السبعينات أو ما قبله .. و إستمرّ حتى إستلامك للحكم بعد 2003م ( و هي مرحلة قطف الثمار في المذاهب السياسية الوضعية و حتى الأسلامية للأسف) لفهمهم المحدود بكون فلسفة السياسية و الحكم هي لسرقة خيرات الوطن و قوت الفقراء بلا رحمة, مبرّرين ذلك بكونهم جاهدوا ضد النظام الصدّامي الجاهل الوحشي لمثل هذا اليوم ..
لذا أرجو فتح ناظريك و تذَكّر الجرائم الكبيرة التي إرتكبها البعث الهجين بحق كافة ألعراقيين بلا إستثناء, و التي نظن أنّ آثارها لا تنتهي في أوساط شعبنا و أمتنا بسهولة إلاّ بعد أجيال و أجيال و قد بيّنت ذلك في بحوث عديدة.
كما أرجو أنْ تتذكّر (وصيّتي) لك و لقيادة (الأتحاد الوطني الكردستاني) و التي كانت نبوءة بإمتياز في آذار عام 1980م يوم هاجرتُ من العراق عن طريق كردستان بحقيبة ديبلوماسية لا تحتوي سوى على خمسمائة دينار عراقي مع شروال كردي و قلم حبر و دفتر صغير, و تلك كانت كلّ حصّتي من النّفط العراقيّ المنهوب و الذي لم يبارك الله فيه بسبب آلأيادي الآثمة و الفساد المقنن من قبل الحاكمين, و قد أهديتُ حتى تلك الحقيبة لطالب كرديّ كانَ إبن صاحب البيت الذي إستضافني لِلَيلة واحدة في قرية كردستانية قبيل مغادرتي للعراق!
و أماّ قلم (الباركر) فقد أهديتهُ أيضاً للأخ (كاكا فؤاد معصوم) ذلك الشاب الوسيم الذي كان يرتدي لباس البيشمركة الخاكي وقتها .. ثم إستبدلت ببدلة غربية مع أربطة كارتونية, كما أعطيتُ قسماً من المال الذي كان معي لرئيس القافلة التي نقلتنا خارج حدود العراق بعد أنْ عَبَرتْ كلّ قمم جبال كردستان, لأخرج في النهاية من العراق عارياً من كلّ شئ .. إلّا من قلبٍ طاهرٍ عاشقٍ مُفعمٌ بالحبّ يُعادل كلّ هذا الوجود و ما فيه لأنه لم يُدنّس كما حدث مع الآخرين.
و بعد أن قضيتُ في ضيافتكم يا سيادة الرئيس في المثلث (ألعراقي – ألتركي – ألأيراني) ألمعروف ثلاثة أيام قبل ألوصول لأيران بمعونتكم و برفقة دليلٍ من البيشمركة, و الحقّ أقول؛ أنّها كانتْ ضيافة حسنة و ذكريات لا أنساها فقد كان آلأكراد كُرماء و مُؤدّبين و ذوو أخلاق هادئة و أدبٍ جمّ في التّعامل مع آلضّيف, كما لا يُمكن أن أنسى نسائم ربيع كردستان ألتي تركت في نفسي أثراً طيباً.
لقد طرحتُ عليكم و على القيادة المركزية للأتحاد الكردستاني أثناء تلك الضيافة - بعد أنْ إطّلعتُ على "المنهج الدّاخلي لأتحادكم الكردستاني" ألّذي كان يضمّ جميع أصول و أهداف و خطط الأتحاد و التي كانت تُركّز بالدّرجة الأولى على موضوع حدود كردستان و الحكم الذاتي؛ طرحتُ عليكم آليات المعارضة ضد النظام البعثي و آفاقها و مُستقبل الحرب الدائرة مع إيران والأهداف المطلوبة تحقيقها, و طلبتُ منكم الخروج من شرنقة القوميّة الضّيقة إلى فضاء آلاسلام الرحب بل الأنسانية .. لكونها – أي القومية - تُكبّل و تُقيّد فكر الأنسان و حريته و تطلعاتهُ و مسعاه في الحياة و نظ
رته للوجود!
ثم إنّ آلتوسع في دائرة سعيكم و نضالكم لا بد أن يكون هادفاً و شاملاً للعراق كلّه و ليس الكرد القاطنين ضمن حدود كردستان ألمنزوية فقط, و هذا كفيل لأنْ يجعل الله نصيبكم رئاسة العراق كلّه و ليس بعضه أو قسماً منه كما تتأملون في منهجكم الحزبي!
و بالفعل كانت نبوءة صادقة سبقتُ بها الزّمن بثلاثين عاماً بغض النظر عن الملابسات و تأثير المُحاصصات التي رافقت العملية السياسية, هذا بعد ما غيّروا المنهج الداخلي للأتحاد الوطني الكردستاني فيما بعد بسبب ذلك النقاش!
ثمّ إنّنا و نزولاً إلى مستوى النظريّة القومية للأحزاب الكردستانية؛ فإنّ الأكراد (ألفيليّة) هم جُزء من الأكراد و الشعب الكردي الذي يقطن في عدّة مُدن مُحاذية لجنوب كردستان و وسط العراق كمندلي و بدرة و زرباطية و النعمانية و واسط, إلّا أنه لم يأتي حتى ذكرها أو الاشارة إليها في مبادئ منهجكم, و من الجانب آلآخر فأنّ العرب و خصوصاً الطائفة (الشيعية) منهم و بعض الفصائل و العشائر السُّنية كما (التركمان) و آلأقليات المذهبية و الدّينية الأخرى و غيرهم من المذاهب والطوائف .. كلّهم مظلومون بسبب النظام .. فلماذا لم أجد ذكرا أو حتى إشارة لقضيتهم و مظلوميتهم في Ù
�شرتكم المركزية التي تمثل عصب و منهج العمل الحزبي؟
ثم إن جهادكم لو توسّع ليشمل العراق كلّه .. فأنّ هناك فرصة أكبر لأستلام زعامته كإستحقاق طبيعي لكلّ من يسعى للخير و لخدمة الشعب .. و لِمَ لا ؟ إنْ كنتم أحراراً و تُؤمنون بصدقٍ بالمذهب الإشتراكي الذي يُنادي بالعدالة و المساواة بين البشر كحقوق طبيعية!؟
و قد إقتنع وقتها أعضاء قيادة الأتحاد, و الأخ فؤاد معصوم كانَ أوّلهم بتلك الآراء, و لكنْ بخجلٍ و إستحياءٍ حاول إخفاؤه, و قد تلمّسته بوضوحٍ من خلال تجاوبه مع ما طرحت رغم إنكاره الظاهري أمام قيادة الأتحاد الذين أكثرهم كانوا من أهل الجبال و لم يروا شكل المدينة من قرب, و ربّما بسبب ضيق و تحجّر ألمدار الفكري لهم أنذاك, و لذلك أبدى الأخ (معصوم) إنزعاجه و مَقْتهُ على الظاهر لملاحظاتي و إنتقادي الوجيه لأسس نهجهم و نظريّتهم القومية الضّيقة التي تتبنّى النضال ضد النظام الحاكم في بغداد من أجل كردستان فقط, و كذلك التعاطي المجحف و المحدود ألتجزيئي لحقوق الأÙ
�راد خصوصاً (ألفيليين) منهم و الشعب العراقي عموماً .. حتى طلب مني السّكوت بإسلوب تحذيري مجّ, و لم يسمح بعدها فتح أي نقاش في مثل هذه الموضوعات أمام الكوادر القيادية للأتحاد, و أعضاء القيادة المركزية؟
وعندما أحسستُ بالخطر منهم لضيق آفاقهم و رؤيتهم العقائديّة و السياسية للوضع العراقي و العالمي كما الحزب الديمقراطي الكردستاني, قلتُ لنفسي: كفاك يا عزيز .. و "يا غريب كن أديب", و عليك أنْ تُكلّم النّاس على قدر عقولهم, فهؤلاء بإمكانهم إلقائك في غيابات الجبّ والوديان من أعلى هذه السفوح الجبلية المترامية في منطقة الوادي ( المجمع و الملتقى الآمن المعروف لجميع آلقيادات الكردية أنذاك ) لتكون نسياً منسياً للأبد.
و تجدرالاشارة إلى أنّهم غيّروا عقب ذلك اللقاء الكثير من المُتبنّيات و الأهداف و الحدود في منهجهم الداخلي للاتحاد الوطني الكردستاني حيث أضافوا مسألة الحقوق الطبيعية للعراقيين و كذا الأكراد الفيلية و شكل الخارطة المركزية لكردستان.
و لعل السيد (الطالباني) و الأخ (فؤاد معصوم) يتذكران جيّداً مع بقية أعضاء القيادة المركزية تفاصيل ذلك اللقاء التأريخي, حتىّ أنّ تلك النّظرة (ألنبوءة) قد تحقّقتْ على أرض الواقع بعد مُرور ما يقرب من ثلاثين عاماً!
و اليوم أوصيكَ أيضاً .. يا (مام جلال) و قيادتك المركزية و كوادرك مُجدّداً بأنْ تُحافظوا على إنسانيتكم و إستقامتكم, و تَوَسّعوا في أفق نظرتكم للوجود و آلأنسان لرّد و حفظ حقوق و كرامة الشّعب العراقي المغبون المظلوم ألمسروق المكبل بالأرهاب و العذاب و المعيشة في مُعظم المناطق الأخرى من العراق بعد أنْ إسْتتبّ آلأمان و الحمد لله داخل كردستانكم, و لن ينفعكم ألتبجّح بالأشتراكية التي أصحابها المؤسسون أنفسهم تركوه و خالفوه يوم كانت روسيا الشيوعية الأشتراكية .. و خالفتهُ حتّى أنتَ بنفسكَ و عملياً يا سيّدي بتملّككَ للملايين و المليارات و الفلات و الأمك
انات و الخدمات و الحرس و الحشم و الخدم من قوت فقراء العراق, حيث لم يعد هناك الكثير ممّن يستهلك مثل تلك الشعارات الاشتراكية و الإدّعاآت الفارغة بعد ..
و إنّ آلشعب العراقي بشرائحهِ و مذاهبهِ و رغم كلّ ما جرى و يجري عليه ما زال صامداً و يُحبّ بعضهُ بعضاً رغم قساوة الحُكام و ظلمهم و نهبهم لحقوقهم, و إنّ آلمعنى الّلغوي و آلأصطلاحي للأشتراكية بإيجاز تامّ ؛
(هو أنْ تشارك الشعب بكل شيئ لا أنْ تأكله و تهضم حقّه و تُساوم على حقوقه خصوصاً برفضك مجرد التوقيع على إعدام المجرمين من أعدائه .. أمثال صدام و طارق عزيز) ..
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.