همساتُ فكر(53)/عزيز الخزرجي-كندا
Mon, 22 Feb 2016 الساعة : 5:28

(محمد باقر الصّدر)(قدس) فيلسوفٌ عظيم و فقيهٌ كبير مقتدر حطم شرانق آلجهل و التقليد القاتلة, و لكن جهل آلأكاديميون و الفقهاء قدره و هكذا عامّة النّاس خصوصاً في موطنه العراق و بآلذات النّجف ألذي ظلم نهج و رسالة الأنبياء و الصّالحين و المعصومين و المفكرين بقتلهم و ذبحهم و تشريدهم و تسطيح منهجهم و كأنّ هذا البلد لا يستسيغ و لا يحتضن سوى الفاسق الفاجر المنافق!
و قد مثّل ذلك الفيلسوف العظيم المظلوم بحقّ نهج آلصّالحين المعصومين في فترةٍ زمنيّةٍ عصيبة مثّلتْ كلّ معاني ألعهر و الفساد و آلسّقوط الأخلاقيّ و آلعقائديّ الذي دبّ في أركان الحكومة و الحوزة و أوساط الشّعب العراقيّ الذي خسر كلّ شيئ لجهلهِ و لنُصرتهِ العمياء للباطل و لخذلانه لذلك الفيلسوف العظيم الذي قد لا يجود الزّمن بمثله ..
و أكثر شريحةً ظلمتهُ من بين آلجميع هم فقهاء الحوزة في النجف و من ثمّ "ألدّعاة" ألذين حكموا العراق بعد سقوط نظام الجهل الصّداميّ عام2003م, حين إتخذوه وسيلة لمآربهم الشّخصية و شهواتهم الدّنيوية من دون معرفة قدره و ذكره أو تطبيق فكره و منهجه إلا بشكلٍ عابرٍ لساعة في المُناسبات السنوية يتناولون فيها المآكل و المشارب و التّحيات و آلمؤآمرات على الفقراء و على الدين.
إنّ فكره و سلوكه و معارفه تستحقّ آلتّأمل و التّطبيق, لكونه(قدس) و رغم بلوغه أعلى مراتب العلم و الجّهاد و العمل؛ لكنّه لم يأخذ لنفسهِ و لعائلتهِ شيئاً من متاع الدّنيا سوى ما كان يكفيه لغذاء بسيط و لباس رثٍّ لتأديّة رسالته الكونيّة الخالدة .. بل كانت ملابسه الدّاخلية ممزّقةً, و بيته كان مقبرةً رغم إمتلاكه للملايين من أموال الخمس و الزّكاة .. إلاّ أنّه لم يمدّ يده إليها و لم يستغل شيئاً منها إلاّ للصّالح العام, و ليس هذا فقط .. بل ترفّع حتى عن إستلام الهدايا الشّخصيّة من آلمُحبيّن و المُقلّدين النّوعيين رغم ثمن و أهمية بعضها, و سيارة السيد الحكيم ال
تي هداها له من دون كل الفقهاء كانت علامة للجميع بكونه أفقه الفقهاء و يستحق القيادة المرجعية دون غيره, هذا بجانب أنه باعها على الفور و وزّع ثمنها على طلبته الفقراء و لم يركبها مرة واحدة!
و كثيرأً ما كان يعرض عليه من قبل مُقلّديه الكويتيين آلبيوت و آلسّيارات و آلأموال كهدايا شخصيّة؛ لكنه رفضها و لم يقبلها إلاّ للمنفعةِ ألعامّة و لحساب طلاب آلحوزة آلفقراء, لحاجتهم إليها!
فعندما عرض عليه شراء بيتٍ كهدية – لكونه كان يسكن مقبرةً في مدينة ألنّجف ألغنيّة نسبيأً بسبب كثرة الزائرين لها و التبرعات و النذورات و الأخماس و الأسداس – لكنه(قدس) رفضها على آلفور, و بعد إلحاح ألمُتبرّع عليه لقبول ذلك .. إنتبه يا أخي القارئ الكريم؛
بعد إلحاح المُتبرّع .. نزع عمامتهُ و وضعها جانباً, ثم إلتفتَ(رض) إليهِ قائلاً:
ألآن أمامَكَ (مُحمّد باقر الصّدر), بدون عمامة أو مرجعيّة أو عنوان؛ فهل تَتَبرّع أو تُقدّم له هديّتكَ؟
فكان جوابَ ذلك آلمُقلِّد ألمُحبّ : طبعاً و بصراحة .. لا يا سيّدنا!
فأعقبَ (رض) بآلقول: إذن يا عزيزي قبولي لهديتكَ خيانةً لله و لرسولهِ و لدِينِ الأسلام, إنّهُ ليس من حقيّ الشّخصيّ إستلام آلهدايا و آلأموال بسبب هذه ألعمامة و بإسم (المرجعيّة), لأنّهُ أستغلال لكم و لمقام آلمرجعيّة المقدسة بإسم الدِّين!
و لم يأخذ من مال الخمس و الزّكاة شيئاً حتى للغذاء و اللباس و غيرها و ربما كان من حقِّه ذلك .. و كما يفعل الجّميع كمقابل على الأقل لأجور آلدروس و المحاضرات التي يلقيها على طلاب الحوزة .. و البحث الخارج (الدكتوراه), لكنه كان يُفضّل أنْ يأكل إلاّ من كدّ يده و فكره و ثمن مؤلفاته القيّمة التي كانت تباع بكثرة في البلاد.
هذا هو المرجع الحقيقيّ الذي يمثل آلأسلام المحمديّ الأصيل .. ألّذي لم يرتقي لمستواه سوى الأمام الخمينيّ(رض) و الأمام الخامنئي في عصرنا هذا و من سار على نهجهم, لأنهم لم يأخذوا لأنفسهم و لعوائلهم من أموال ألدّنيا سوى ما يأخذهُ أيّ فقير في آلأمّة رغم إمتلاكهم لكنوز فارس و لأغنى إمبراطورية في الأرض.
متى يعي الناس و المثقفين و مراجعهم التقليديّون هذه الدّروس العظيمة و الحقائق البليغة التي لو طبقوها لأنتصر الأسلام ليس فقط في العراق .. بل في كلّ الدّول العربيّة و الأسلاميّة و على غرار ما حدث في إيران الثورة و الذرة و العلم بعد ما صَدَقَ و أخلصَ مرجعهم الأعلى مع نفسه و مع الله و مع المؤمنين حتى أيدهم الله بنصره!؟
أعتقد و بحسب المؤشرات و آلأدلة التي شهدتها بأنّ تحقيق ذلك محال في العراق بسبب لقمة الحرام التي دخلت بطون الجميع خصوصا المدّعين لنهجه يتقدمهم الفقهاء .. هذا ما لم يُعلن الجّميع توبتهم لترتقي الأمّة لمستوى الوعي المطلوب كي تكون قادرة على إنتاج مرجعيّة صادقةً مخلصة تسير على خطى أهل البيت(ع) و كما سار الخميني والصدر و أمام الأمة السيد الخامنئي ليتحقّق الأسلام المحمدي الأصيل على أرض الواقع في عصر الغيبة هذه التي يئن فيه الأنسان المستضعف من الظلم و الجور و الفقر و آلحروب التي ينفذها الجهلاء في كل مكان لأسعاد الظالمين الحاكمين في (المنظمة الأقتصاØ
�ية العالمية)!
و أخيراً: سألنا أستاذنا الصّدر الأول في وقته:
[كيف وصل (محمد باقر الصدر) لهذه المرتبة؟]
أجاب: إعتمدت (آلتّفكير) بنسبة 90% و إعتمدت النّصوص 10%.
يعني .. رسالتي (العمليّة) في (العبادات), لم يكلفني الكثير من الوقت أو الجهد و أعتمدتُ في تحريرها على النّصّ فقط و لم أحتج لباقي أصول الأستنباط التي يعتمدها الآخرون و يعظمون شأنها, بتعبير أدقّ؛ (الرسالة العملية) ليست معياراً للفهم و للعقل و الأعلمية كما هو المشاع بين الناس الجهلاء .. لأنها بآلاساس موجودة و مكرّرة و بآلنصّ و ليس فيها جديد يستحق التفكير و الجهد و المعادلات المعقدة.
وأنّ سبب إمتناعه الشخصيّ عن إصدار قسم (المعاملات) هو بعكس ما تصوره جميع الناس و "الفقهاء", و هو:
إن قضية الأسلام و المسلمين في عصر الغيبة الكبرى لا تنحصر بإصدار رسالة عمليّة مستنسخة و مكررة بإختلاف شكلي في العناوين فقط و طبعها لمئات المرات مُحدّدين فيها (العبادات الشّخصيّة) التي ذكرها القرآن و الحديث كما الفقهاء السابقين تفصيلاً .. بل القضيّة أكبر من ذلك بكثير و تشمل النظام الأجتماعي في الأسلام ألتي تضم كلّ جوانب الحياة آلاجتماعيّة و الأقتصادية و السياسية و الأدارية و العسكرية و المالية و التكنولوجية و التربوية و ليست التّصرفات الشّخصيّة المحدودة فقط و كما يعتقد التقليديون, و لهذا كان إجتهاده الحقيقيّ في مؤلفاته القيمة ألشاملة التي Ø
�مجموعها شكّلت قسم (المعاملات) كجواب عمليّ يناسب روح العصر و حركة الأنسان و تطور العقل, و كما يفعل الأمام القائد الخامنئي اليوم و الذي قال ؛ [لا يوجد جديد في العبادات الشخصيّة لأفتي فيه .. كلّ شيئ موجود و مكرّر في رسالة الأمام الخميني كما الرسائل الفقهية العديدة السّابقة, الأجتهاد يجب أن يكون في قضايا المجتمع المصيرية المعقدة التي ترتبط بها لقمة الخبز و الأستقلال و التحرر و التطور و قضايا العصر و عزّة الأسلام و المسلمين.