الذات العقربيــــــــــــة-كريم شلال

Tue, 11 Oct 2011 الساعة : 10:37

قد تقبل الايام على الانسان وتسير اشرعته وفق ما يهوى ويرغب ويتمايل طربا معها ومع زهوها الواهن فتراه مستبشرا متناسيا متجاهلا بعض علائقه والتزامته التي اصبحت اقل مما هوعليه ، وتظل تاخذه الايام بعيدا عن ناسه ليحتاط بثوب وهمي ارتداه بعد ان خلع ثوبه الاصلي ظانا ان قناعه هذا واعذاره سوف تكون طوق نجاة له من تناسيه وتهربه ممن شاركه شظف العيش ومرارة الايام ، وماهي الا سويعات تمر مرور السحاب واذا به يعود القهقري الى ما كان وكان شيئا لم يكن لبيدا يفيق من حلمه الوردي لينسج الاعذار ويعض الانامل على ما فات . ونقول لماذا يلجا الانسان الى ارتداء ما ليس له ؟ ولماذا لا يقتنع بما اعطاه الله تعالى ؟ ام يريد ان يحظى بما له وما ليس له ؟ كفى غرورا ، انسي الانسان مم خلق ؟ ام تناسي الى اين ينتهى ، ولمن يغض الطرف نقول : ان حفرة صغيرة تنتظره ان حظى بها ، بل قد تسوقه الايام الى ما هو اسوا وقد لا يحظى بها ، اين العظماء ؟ واين الاباء ، واين الامهات ؟ ولنتاسى بقول الرائع ايليا ابو ماضي اذ يقول :
نسي الطين ساعة انه طين حقير فصال تيها وعربد

لقد خلق الانسان من طينة واحدة كما يقول الله تعالى{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ }المؤمنون /12 ووفق هذا المعيار بات لزاما على بني الانسان ان ينطلق في نظرته الى ابناء جلدته ، مع مراعاة الفروق الفردية في بعض الاعتبارات التي لاتخرج عن حد الذوق في التفريق والتجريح حيث جعل الله تعالى بعض التفاوت بين بني البشر كما يقول : {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }الزخرف /32 ، وحتى هذا الترخيص الالهي يحكمه الشرع والعقل والخلق ، لكن البعض بدأ يغض الطرف عن اصله الطيني المتساوي ، وينسى اصل نشاته ليتعالى على غيره بعد ان لعق ريقه ببعض الحساء الدنيوي النتن ، متناسيا ان من نعم الله تعالى عليه وعلى غيره هو حاجة الناس اليه وان هذه الحاجة مكفولة بحفظ ماء وجه اخيه ، ان صفة " الانا " التي طفحت على بعض النكرات ممن لا يحسنون ابسط مقومات الانسان السوي ولكن الظروف والاقدار التي تقذف بهذا وتضع ذاك هي التي اوصلتهم الى ما هم عليه ، بعد ان ظلوا يتخبطون ولا يعلمون ماذا يصنعون ، وكان ديدنهم صفة التعالي والتواء الانوف من مقومات الشخصية ، بعد ان يروا تهافت الناس عليهم في طلب هذا او ذاك بحكم ما اعطاهم الله من منزلة ، ونقول لهؤلاء اتقوا الله اولا فمن لايخشى الله لا يخشى الناس قطعا ، ولكن ليمسحوا جباههم ببعض الحياء ان وجد وليتعطروا بعطر التواضع فمن تواضع لله رفعه ، فالناس تدرك وتفهم ولكن الحساب يجمع " كما يقال " واذا تبوا البعض مقاعد وهمية فرحين بها فالمقاعد الثابته تلك التي يتربعون بها في قلوب الناس وليتاسوا برسول الانسانية (ص) ام لايفقهون من البيان شيئا ، ام على قلوب اقفالها ، ام في اذانهم وقرا ان لغة التغابن التي يمارسها البعض لاتنم عن شيء اكثر ايضاحا الا على سقم صاحبها ومعلوليته ، انها الذات العقربية دون سواها ، التي تتكبر على غيرها ولا تدري هي الصغيرة الحقيرة ، وعزاء الكبار في قول الشاعر :
ملء السنابل تنحي بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ
وتظل نفسه السقيمة تان انين العليل ان رات من سبقها في نجاح لم يكتب له ، بل لاتفرح لغيرها بل ان ابتسامة الغير اشد وقعا وايلاما عليه ويا لفداحة وجسامة اليوم الذي يسجل نجاح لغيرها فتلك ماساة لا تغتفر ، ويبقى صدره يتاجج من الغيظ وان الحسد والغيرة تكاد تخنقه انها امراض بل رواسب نفسية قد لا يتمكن صاحبها من الاكتفاء بتسديد تلك النظرات المؤلمة من عيونه وقلبه ، ولكن يكملها احيانا بلسعات عنكبوتية من لسانه وهذا اضعف الحقد ليكملها بتصرفاته اللئيمة القاسية لتكون اشد ضررا ويلاما ووقعا على من تفوق عليه براي او موضع اخر ، ونقول لمن غرته الدنيا بزخرفها ان الايام سرعان ما تنقضي ، والاعذار لا تقبل دوما ، والظروف التي رفعتك كفيلة بان تحطك، وستنسى كما نسي وتهاوى الكثيرون امثالك ، فتدارك نفسك قيل مرور الايام ، واخلع برقع الكبرياء وارتدي ثوب التواضع ، ولنتقي الله تعالى في كل شيء ، فعند الله تختصم الخصوم .

Share |