(أحتفالٌ يتيمٌ)/دلال محمود-المانيا

Sat, 2 Jan 2016 الساعة : 23:37

كان الصَّباحُ كئيباً, لايشبه صباحات الآخرين.فصباحات مَنْ تعرفهم مُفعمةٌٌ بفجر جديد, ينبض بالحياة, ويمتلئ بأحلامِ, تحقَّقَ الكثير منها, في أيام هذه السنة, التي قاربت على الأنتهاء ,حيث لم يتبقَ غير ساعات معدودة, كي يدخل العالمُ, في عامٍ جديدٍ.
تجوَّلت في الشقَّة التي تفيض بجمال ديكورها ,ولون ستائرها ,وعطر أركانها,وطريقة ترتيب أشيائها,لكنَّ تجوالها ,لم يكن ذي معنى , فالمكان كاد يخلو من نفسٍ بشريٍّ. والذي في وضعها كان من المُحتَّم عليها أن تُفكِّرَ بإيواءِ أيِّ كائن ( حيوان , وليكن كلباً,,أو قطة, أو حتى صرصراً) فهنا في هذا البلد الأوربيِّ, الهادئ , الجميل, الأنيق , المنظَّّم في كل شيء حتى في عواطفه, فلا تطَّرُّف في المشاعر كما هو حالنا ,حين يُحِّب بعضنا بعضاً يحبُّه بقوةٍ وبجنونٍ غريب, وكأنَّه يحيله إلى إحتلالِ لعين.
ولايختلف الأمر أبداً حين يكره بعضنا البعض الآخر فيكرهه بعنف وبحقد عجيب وكأنَّه يصير ألدًّ  الأعداء.
كثيرة هي المرات التي راقتْ لقلبها وهي ترى أُناساً وكلابهم ,أو قططهم وهم يروِّضونهم ,ويلهون معهم في أيام الحرِّ حين يكون الحرّ ضيفاً عزيزاً عليهم , وفي أوقات تساقط الثلوج في فصل الشتاء .
لكنها تخشى التقرب إلى أي حيوان, إبتداءاً بأشرس الحيوانات , الى أكثرهنَّ وداعة.
جلست , لتتنقَّل من خلال الريمونت كونترول على القنوات الفضائية علَّها تجد ضالَّتها, فلم تجد هناك مايشفي القلب .فالأخبار كعادتها ,لاتحمل فرحاً واليوم يبدو  ,مثل كلِّ يوم ولا يوحي بأنه آخر يوم نودعه لنستقبل بعد ساعاتٍ. يوماً جديداً, من سنة جديدة .
من خلال النافذة نظرت الى شوارع مدينتها التي  غطتها الثلوج لتبدو كعروس  آرتدت فستان زفافها, الذي طرزته  الأضواء والمصابيح التي  غاصت بالبنايات والشوارع والحدائق.أحسَّت بالحياة خارج  صالتها وهي تتابع حركات المارِّين , نساء, ورجال,وأطفال  .هذا يبتاع هدايا لأصدقائه,وذاك ينتقي أزهاراً لحبيبته ,وآخرون يمشون فرادا, وجماعات بألوان زاهية توحي بأعياد رائعة , البياض  أغرق الأجواء , وبابا نوئيل يتفقد الأطفال  ليقدم هداياه الحلوة.

عاشت تلك اللحظات القليلة مع منْ كانت تنظر اليهم من خلال زجاج نافذتها , وفي غفلة ودون شعور منها سرحت بخيالها , لحظاتٌ وتجمعت فيها كل الذكريات الأليمة لتتحول الي غيض  لتتفجر مآقيها , وفي لحظة اللاوعي, إعتلى صوت شجيها ليرجع صدى آهاتها ألى مسامعها,إهتزَّ جسدها ,فآندهشت ,ياتُرىّ!!!!!!
مّنْ ذا الذي وصلني صوت نحيبه؟

 

Share |