مع كتاب نصوص متوحشة للكاتب علي احمد الديري/عصام الطائي

Thu, 24 Dec 2015 الساعة : 17:01

•       الديري من خلال كتابه هذا اراد الرجوع الى بحث المسالة الى جذورها الاصلية من خلال الرجوع الى مصدر ومنبع الرؤية المولدة لثقافة التوحش حيث اعادها لفترة زمنية السلطة السلجوقية في بيئة سياسية استخدمت التكفير ضد اعداءها من خلال نصوص الغزالي وبيئة الموحدين من خلال نصوص ابن تومرت وبيئة المماليك من خلال  نصوص ابن تيميه والكل يجمعها شيء واحد وهو اتهام الاخر بالكفر وهذه وصمة يطعن فيها اعداءهم الا ان في الحقيقة كانت بذور التكفير اقدم من هذا بكثير من خلال اراء الخوارج بالاضافة الى النظرة الى الحقائق الغيبية التي نظر البعض الى عدم جواز البحث حول الحقائق الغيبية بل التسليم المطلق عما جاء بها من معاني حرفية بدون استعمال التاويل او يعود النظر الى الحقائق الغيبية على كونها حقائق اشبه بالحقائق المادية مما جعل عدم خوض العقل في البحث فيها كثيرا ومما سبب حالة الجمود الفكري والتشنج اتجاه كل من يحاول الخوض فيها ووصمه بالكفر والردة وغيرها من التسميات.
•       وان ربط المسالة بالسياق التاريخي لان لها علاقة بما يجري من احداث لتنكشف حقائق قد تكون خافية على البعض وان السياق التاريخي يكشف لنا الاسباب والدوافع التي ادت الى ظهور تلك الافكار التكفيرية في ذلك الوقت وتاثيرها على واقعنا المعاصر وغالبا ما تكون تلك الاسباب والدوافع هي سياسية تخدم اجندة سياسية وتغلف تلك المصالح السياسية بأطر عقائدية يجعل من أي قضية ذات تأثير اقوى على الاحداث.
•       وهناك عامل اخر ذات اهمية فهناك جهات خارجية تعمل على تحفيز هذه التصورات والافكار والمفاهيم منها الكفر الشرك الردة البدعة مما يجعل الى اشاعة تلك التصورات بالاخص في الاعلام والذي يظهر صور العداء المذهبي فيظهر كل ما كان مخبوء ومدفون ومما يؤدي الى زيادة حدة الصراعات والنزاعات بين المذاهب والاديان ومما يؤدي بالتالي الى زيادة الفرقة والكراهية وهذا ما اراد ان يقوله الكاتب بان الصراعات والنزاعات تعود الى سياقات تاريخية كانت السبب الحقيقي وراءها الا ان عامل اخر يمكن اضافته لا يقل اهمية عن السياق التاريخي وهو تحفيز تلك التصورات بزيادة حدة الصراعات.
•       ان كتابات الاخ علي احمد الديري تمتاز بالبحث الموضوعي بعيدا عن التعصب وفي كتابه هذه وكغيره من كتاباته يمتاز برؤية واقعية بعيدا عن الانحياز الى قومية او مذهب او دين واستطاع ان يظهر حقيقية افكار ابو حامد الغزالي والذي صنف كل من ليس من اهل السنة اما كافر او مرتد ونصوص ابن تومرت ونصوص ابن تيميه مما ادى الى تأسيس منظومة من الوعي المزيف  لدى البعض من العامة من خلال وصف بانه من ليس من العامة بان ايمانه ناقص وغير تام بل رمي البعض بالكفر والردة ومثل هكذا وعي يؤدي الى تزييف الحقائق اما الوعي المطلوب هو الوعي الحقيقي فهو يصنع اليقظة والانتباه والحذرلذلك ادى صناعة الوعي المزيف الى الابتعاد عن الحق والوقوع في الباطل ومما ادى الى الوقوع في ظلم الاخرين.
•       وقد وجاء بعدهم من زاد في ذلك فادى الى ترسيخ تلك الافكار والتصورات والمفاهيم من اتهام الاخر بالكفر والشرك والردة والبدعة مما زاد من حدة التوحش عما كان في السابق من توحش فنجد داعش اكثر ايغالا في التوحش من خلال سفكها للدماء والتعدي على الاعراض ونهب الاموال وفق ادعاءات واهية لا يؤمن بها الا من سفه عقله واتبع هواه يقول الامام علي ع ( انما بدء وقوع الفتن اهواء تتبع واحكام تبدع يتولى رجالا رجالا الا ان الحق لو خلص لم يخفى عن مراد المرتادين ولكن يأخذ من الحق ضغث ومن الباطل ضغث فيمزجان فيخلط الحق مع الباطل فلا يعرف الحق من الباطل) .
•       يقول الامام زين العابدين ( اللهم ارني الحق حقا فاتبعه وارني الباطل باطلا فاجتنبه ولا تجعله عليه متشابها فازيغ عنه ) فكل من ساهم ببناء منظومة الوعي المزيف عبر التاريخ على مستوى الحكام او فقهاء السوء قد كان الحق والباطل عليهم متشابها فضلوا واضلوا غيرهم من الناس.

Share |