رحلة الى الماضي/ دلال محمود

Fri, 18 Dec 2015 الساعة : 0:37

 

في العالم أجمع يتمنى البشر ان يعيشوا أطول عمراً وأن ينعموا بالتطور الذي سيحصل في السنين القادمة.
ألآيّ....فكم من لحظات كدت فيها أحسد اهلينا على حياتهم الماضية والتي لم تكن لتخلوَ من شظف العيش وقلة الحيلة وآنقطاع السبل للكثير من متع الحياة, التي أضحت الآن قريبة المنال..
حسدي هذا  لم يكن معناه أمنيتي الاَّ يعشيوا تلك الحياة العذبة , لاوألف لا, بل أمنيتي لو أنني  كنت قد عشت تلك الحياة الهادئة البسيطة والتي على بساطتها المتناهية كنا نراهم سعداء فرحين في أغلب اوقاتهم.
البعض منَّا يتنغّص للأموات وكيف أنهم لم  يكن ليحالفهم الحظ ,كي يمتعوا نظرهم بالتَّطور الحاصل الآن في مجالات العلوم كافة..
ولاأدري عن أي تطور يقصدون؟
هل تطور الأسلحة التي باتت في متناول الكثيرين والذين لايحسنون استخدامها بل يستخدمونها في كل وقت ومن أجل أتفه الاسباب يقتلون ويتقاتلون؟
هل من أجل انتشار اجهزة الاتصال بين البشر من خلال النت الذي اصبح علة من علل الطبيعة , حيث عن طريقه باتوا يروجون لكل بضاعة رخيصة , من خلاله أصبحوا يقودون ثورات اسموها بثورات ربيعٍ, وهي في حقيقتها ثورات قتل ودمار وتخريب وافساح مجال لكل الاعداء, واعلام مشوه ينقل مامخول به من قبل قيادات عملها أن تخطط في غرف العتمة والظلام,كي  تنهش ماتبقى من لحم عربي معروض في أسواق نخاسة حُكاَّم حطَّت بهم الصدفة البترولية كي يحكموا ويتحكمَّوا. .
من أجل ماذا؟
من أجل زوال العلاقات الأجتماعية الحقيقية ؟ فالآن وبرغم تعدد أنواع  وسائل الأتصال وكثرتها , من اجهزة الموبايلات ,وشبكات النت العنكبوتية ,والقنوات الفضائية التي تتفنن في عمل اللقاءات والاتصالات, لكننا بتنا  نفتقد للعلاقات الأجتماعية الصادقة.
كل ماحولنا وكل مايحيطنا هو متعدد ومتنوع ولكن ماهي نتائجه واين هو من ذاك الماضي العذب؟
في البيت الواحد  عدَّة اجهزة للاتصال وللمتعة فمنها التلفزيون والهاتف الارضي والهاتف الخلوي والقنوات الفضائية , ولكن ,هل يستطيع احدكم ان يقنعني ان وسط هذا الكم الهائل من تلك الاجهزة ان هناك روح مرحة او حياة حلوة؟
أظنكم ستجهدون في اقناعي, لأن تلك الأشياء البسيطة والسهلة قد اختفت بفعل التطور هذا..
في مامضى كان أهل الزقاق الواحد يجتمعون في بيت واحد نعم , فمثلاً  حين اشترينا جهاز التلفزيون والذي كان بالأسود والأبيض   كانت عائلتنا الوحيدة التي استطاعت ان تملك هذا الجهاز وقتها , وكان من واجبنا كعائلة عراقية ان ندعوَ أهل زقاقنا في كل يوم ثلاثاء كي يتفرجوا على احدى الافلام العربية التي كانت سائدة آنذاك.
  قوري الشاي كنا نعدُّه  , والمكسرات البسيطة تأخذ مكانها , والكعك المطرز بالسمسم , كلها في إنتظار القادمين , لم نكن نخشى شيئأ مشوهاً, فالقلوب كانت أنقى من الماء الزلال, والألقاب كانت  شبه مختفية  فهي لاتظهر الاَّ عندما يتقدم شخص ما لخطبة احدى فتيات الحي  حينها , يستفسر بالسؤال عن لقبها ,وكانت لاتعدو كونها  عملية جمع للمعلومات وليس من اجل ان تغتال عائلة ما تحت مسمى قبيلة ما ,أو مذهب ما.
فرحم الله ماضينا الجميل, وأهلينا الأجمل ..

Share |