الاختلاف بين الجهاد وكيفية الجهاد ـ ثورة الحسين انموذجا/عصام الطائي
Tue, 1 Dec 2015 الساعة : 22:42

المعروف ان الجهاد مبدأ وقيمة عليا من خلاله يتم دفع المفاسد وانهاء المظالم والدفاع على المستضعفين في الارض وهذه القيمة يتفق عليها اغلب العقلاء فالعقلاء يتفقون على ان الظلم والقبح والشر والرذيلة قيم هابطة لا يمكن الركون اليها والاتصاف بها الا ان الاختلاف يتم على الية الدفاع فالشخص الغير ملتزما دينيا واخلاقيا يستعمل شتى الطرق في الدفاع على نفسه وعلى ما يعتقد من اعتقادات سواء أكانت الطرق مشروعة او غير مشروعة وهذا سوف يؤدي الى ارتكاب مظالم بحق الاخرين وكذلك من الناحية الدينية يتطلب ضرورة عدم ارتكاب أي ظلم بحق الاخرين وان لا يتحقق الاختلاط بين العمل المشروع والغير مشروع.
وفي احدى مقابلات الدكتور عصام العماد بمناسبة التحدث عن ثورة الحسين ع على احدى القنوات الفضائية استطاع عصام العماد التمييز بين المنهج الاسلامي القويم والذي يمثله الامام الحسين ع وبين غيره مما يتبع شتى الطرق الغير مشروعه في سبيل تحقيق تلك الاهداف التي ينادون بها كما هو الحال في الفكر السلفي التكفيري والذي يستخدم التكفيرون شتى الطرق من الاعتداء على الاعراض ونهب الاموال وممارسة القتل كحالة طبيعة وفق منهجهم بادعاء كونه جهادا وفق منهجهم والذين يحاولون تقديم شتى التبريرات بالاعتماد على النصوص بالاخص الاحاديث والتي كثيرا ما تكون ضعيفة في السند والضعف في دلالة المتن مما اوقعهم باخطاء فاحشة وقاتلة .
وقد تحدث الدكتور عصام العماد بان بعض السلفيين يمتدحون الامام الحسين ع من جهة باعتباره ثائرا ضد الظلم الا انهم من جهة اخرى ينتقدون الامام الحسين ع باعتباره لم يمارس شتى الطرق في تحقيق اهدافه كأن يستخدم اسلوب الغدر والمكر والحيل بالاجهاز على الاعداء مما سبب عدم تحقيق ثورته الا ان هذا الانتقاد مردود لان الامام الحسين ع يعتبر الالتزام بالمبادى والقيم والمثل هو الاساس لذلك لا يمكن الاخلال بتلك المبادى والقيم والمثل لان الامام الحسين ع قد جاء في سبيل تحقيق المبادى والقيم والمثل فثورته ثورة قيم ومبادى ومثل ولان اساس ثورته هو بسبب اخلال يزيد بتلك القيم والمبادى والمثل.
ومن هنا يتضح الفرق الجوهري بين ثورة الحسين ع وبين طريقة الفكر السلفي الذين لا يهمهم الكيفية في الفعل بل مجرد تحقيق اهدافهم لذلك نلاحظ استخدامهم شتى الطرق بالتعدي على حقوق الاخرين بالاخص تلك الحقوق المقدسة منها الدماء والاعراض والاموال لذلك يكون كيفية او الية الجهاد هو الفرق الجوهري الذي يميز ثورة الحسين ع عن غيره من اصحاب الادعاءات الفاسدة والكاذبة والموهومة والتي ينخدع بها الجهلة واصحاب النفوس المريضة ويقدمون ارواحهم ثمن بخس جراء الجهل والجهل المركب.
وفي وقتنا الحالي كانت هناك نماذج رائعة من اتباع منهج الحسين ع ففي بعض ثورات التحرر كان يصر البعض على عدم ارتكاب أي ظلم بحق الاخرين جراء استخدام منهج الجهاد وبذلك شكلت هذه النماذج صورة رائعة عن اتباع المنهج القويم الا انه في المقابل كانت هناك نماذج سيئة من قبل اتباع المدرسة السلفية التكفيرية قد سببت صدمة نفسية للانسان المسلم وقد ضاعت كثير من تلك الجهود التي ضحى لها الكثيروقدموا انفسهم قربانا لمسيرة الحياة فهذه ثورة عمر المختار وثورة عبد القادر الجزائري وكثير من الثورات في القرن العشرين رسمت انطباعات ايجابية في نفسية الانسان المسلم الا ان الارهاب قد سبب نكسة ونكبة واساءة لتلك القيم والمبادى والمثل .
ان الفكر السلفي التكفيري لو يملك رؤية واقعية حقيقية عن الاسلام ولو ان ما يملكه من عنصر تضحية لاجل الاسلام مع تلك الرؤية الواقعية للاسلام لامكن تحقيق اهداف عليا الا ان الرؤية القاصرة والمقصرة جرته لاتباع المظالم مما سبب انكفاء فكره وردود فعل سلبية اتجاه وقد تحول هذا الاتجاه الى عنصر ضعف وقد كانوا يمكن ان يكونوا عنصر قوة لو كانت رؤيتهم واقعية وتصرفاتهم ايجابية وقد كان للقراءة الحرفية سبب انحرافا واضحا في فكرهم وعقائدهم وانهم يكونوا مصداقا واقعيا على كونهم يظنون انهم يحسنون صنعا وان الاعتقاد الصحيح لا بد ان يفرز ممارسة صحيحة والا لا قيمة الى الاعتقاد وان من الاخطاء الفاحشة بنظر الفلاسفة هو ان هناك كثرة من الناس يعتقدون اعتقادات ظنية وخيالية ووهمية الا انهم يظنون ان اعتقادهم واقعية غير ظنية وان الاساس لا بد ان تكون تلك الاعتقادات تطابق الواقع فاذا كانت تلك الاعتقادات تخالف ذلك يعني ان تلك الاعتقادات فاسدة وان الاعتقادات الفاسدة تولد ممارسات فاسدة وقاتلة ومتوحشة.