بوتين في إيران وصواريخ كروز تعبر المحيطات

Tue, 24 Nov 2015 الساعة : 6:55

وكالات:
بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،زيارة إلى إيران تستغرق ثلاثة أيام، هي الأولى التي يقوم بها منذ عام 2007. وتشمل الزيارة مكونات ثنائية ومتعددة الأطراف. فعلى الجبهة المتعددة الأطراف، سيشارك بوتين في قمة "منتدى الدول المصدرة للغاز" ويعقد عدة اجتماعات مع رؤساء الدول المجتمعين هناك، بالإضافة إلى لقاءات ثنائية منفصلة مع القادة الإيرانيين. وقد تهئ هذه الاجتماعات والقضايا الروسية الإيرانية المختلفة التي تتمحور حولها فرصاً ومخاطر جديدة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

تجري زيارة بوتين في خضمّ جوّ من العلاقات المعقدة على نحو متزايد بين إيران وروسيا. فالاتفاق النووي مع دول مجموعة الخمسة زائد واحد قد أنهى عزلة إيران السياسية، الأمر الذي فتح لطهران فرص للتعاون الدبلوماسي والاقتصادي مع أوروبا، وإلى حد ما مع الولايات المتحدة أيضاً. لكن هذه الخيارات الجديدة لا تشكل تحدياً للتحالف السياسي بين روسيا وطهران.

وفي الوقت نفسه، تتوسع الخيارات السياسية والاقتصادية الخاصة بروسيا أيضاً. وقد تتمكّن موسكو من الاستفادة من ثلاثة عوامل مترابطة - أي دورها في سوريا، ومساهمتها في محاربة تنظيم داعش، وقدرتها على إبطاء تدفق اللاجئين إلى أوروبا -لتقيم علاقة جديدة مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وربما ستستطيع أيضاً إزالة القيود التي فرضتها هذه البلدان بعد أزمة أوكرانيا. ونتيجةً لذلك، قد تتطوّر في المستقبل قضايا ايجابية أخرى بين طهران وموسكو.

وفي حين أن بوتين وإيران ما زالا يظهران جبهة موحّدة حليفة لنظام الأسد، فان فدول التحالف الدولي غير راضية من استيلاء موسكو على دورها في دمشق. وعلاوةً على ذلك، من المؤكد أنّ إطلاق موسكو لصواريخ كروز على سوريا من بحر قزوين مؤخراً قد أقلق الاوروبيين.

وقد اختلف البلدان بحسب تقرير "معهد واشنطن" أيضاً حول الوضع المتعلق بمبيعات الأسلحة الثنائية فخلال المفاوضات النووية، قد ترغب موسكو في إرسال أسلحة متطورة لتُظهر لطهران فائدة المحافظة على صلات مع روسيا بدلاً من التقرّب من القوى المنافسة. وتحرص إيران بشكل خاص على الحصول على منظومة الدفاع الجوي المتطورة "أس-300". وكانت موسكو قد هددت الغرب أكثر من مرة على مدى العقد الماضي بنقل هذا النظام.

وتشكّل عودة إيران للمشاركة الكاملة في تجارة الطاقة العالمية نقطة دعم لروسيا لأنها تهدد مصالح الأوروبيين فالنيّة التي تحملها طهران وهي زيادة صادرات النفط ستزيد من الضغط الهبوطي على أسعار النفط، مما سيضاعف التحديات الاقتصادية الخطيرة التي تواجهها اوروبا. وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، تشعر الدول المصدرة للنفط بالقلق من أنّ احتياطيات إيران الهائلة قد تهدد هيمنتها كمورّد طويل الأمد في العديد من الأسواق.

يزور بوتين إيران في الوقت الذي سيؤثّر فيه عدد من السياسات المتبدلة والتطورات الإقليمية على العلاقة بين الجانبين ايجابيا. وفي السابق، عندما كانت إيران تخضع لعقوبات صارمة تتعلق بأسلحتها النووية، تضامن البلدان على الصعد المختلفة، وكان يعود ذلك جزئياً إلى تجمّد عدة ميادين من التنافس الاستراتيجي بينهما.

ومع ذلك، يتمتع الطرفان حالياً بخيارات جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي مع شركاء آخرين. كما تتمتع روسيا بحافز قوي يدفعها للاستفادة من احتياجات أوروبا وواشنطن للتعاون في المجال الاستخباراتي والأمني، سواء لمواجهة داعش والجماعات الإرهابية الأخرى في الشرق الأوسط أو لتحقيق الاستقرار في سوريا من أجل وقف تدفق اللاجئين. وفي الواقع، يبدو أنّ الدول الأوروبية تميل إلى إزالة العقوبات المتعلقة بأوكرانيا المفروضة على روسيا أو تقليصها من أجل تسهيل هذا التعاون.

وإذا مدّت موسكو بالفعل يد العون إلى أوروبا بشأن القضايا المتعلقة بسوريا، فقد تجد نفسها وسط خلافات إضافية مع طهران. وبدلاً من ذلك - أو ربما في الوقت نفسه - قد تقرر روسيا أخيراً تسليم أسلحة متطورة إلى إيران لتذكير قادتها أنّ الشراكة معها تحمل فوائد غير قابلة للتحقيق حالياً مع أوروبا أو الولايات المتحدة.

ولجني فوائد هذه التطورات وتجنب مخاطرها، تحتاج واشنطن إلى اعتماد مقاربة شمولية مع روسيا. فالسياسات الأمريكية بشأن سوريا وإيران وأوكرانيا مترابطة ولا يمكن تجزئتها: وتؤثر تصرفات الولايات المتحدة في ساحة واحدة على التحركات الروسية في ساحة أخرى.

وتحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى استراتيجية من شأنها أن تتيح لهما التعاون مع روسيا في سوريا ومناطق أخرى من الشرق الأوسط دون تخليهما عن الأهداف الرئيسية في أوكرانيا والمناطق السوفيتية السابقة. وعلاوةً على ذلك، يجب على واشنطن الاستفادة من تعاونها الأمني المتجدد بشكل واضح مع موسكو لمنع تسليم أسلحة متطورة إلى إيران.
المصدر:المسلة

Share |